"اغتصاب إسرائيليات في 7 أكتوبر".. لا شهود ولا أدلة ولا ضحايا

ممثلة الأمين العام لقضايا العنف الجنسي في الصراعات اصطحبت معها فريقا تقنيا مكونا من 9 خبراء من الأمم المتحدة، وراجعوا أكثر من 50 ساعة من مشاهد هجمات 7 أكتوبر و5000 صورة فوتوغرافية.

وقاموا بزيارات ميدانية لـ٤ مواقع تعرضت للهجوم في 7 أكتوبر والمركز الوطني للطب الشرعي وقاعدة شورى العسكرية والمشرحة التي نقلت إليها جثث الضحايا.

رغم ذلك كله، إلا أن التقرير استنتج عدم العثور على "مؤشرات ملموسة على الاغتصاب" من مقاطع الفيديو والصور بالإضافة لعدم توفر أدلة جنائية، وعبث متطوعي فرق الإنقاذ في بعض الأحيان في مسرح الجريمة.

وقال تقرير براميلا إن اللجنة لم تستطع التحدث مع ضحية اغتصاب واحدة " رغم الجهود المتضافرة لتشجيعهم على التقدم"، والإدلاء بشهادتهم ورغم ادعاء السلطات الإسرائيلية بوجود ناجين من اعتداءات جنسية.

وتقر براميلا بأنها لم تتمكن من القيام بـ"تحقيق مستقل في المزاعم الإسرائيلية كون التحقيق خارج نطاق اختصاصها، ويعد مهمة لجنة التحقيق التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، وهي اللجنة التي ترفض إسرائيل التعاون معها بشكل قاطع.

لذلك، تقرير براميلا يقول إن هناك مجرد "أسباب معقولة للاعتقاد" أو "معلومات واضحة ومقنعة" بوقوع الاغتصاب بينما لا يوجد دليل دامغ على ذلك.

الأدلة التي استندت إليها براميلا هي "أدلة ظرفية" أي معلومات غير مباشرة و"لا تثبت في حد ذاتها الحقيقة ولكنها تثير الشكوك" والفرضيات بحسب التقرير.

في ديسمبر الماضي، عند سؤال مذيعة CNN لعضوة الكونغرس الأميركية براميلا جايبال عن مزاعم الاغتصاب في 7 أكتوبر، ردت جايبال قائلة إنه في جميع الحروب والصراعات هناك دائما حالات الاغتصاب.

جايبال تعرضت للانتقادات بشكل كبير في حينها، وكانت حجة خصومها أن ما يختلف في هذه الحالة عن الحروب الأخرى هو أن حماس "استعملت الاغتصاب كسلاح حرب".

على هذا المنوال نشرت نيويورك تايمز مقالا في نهاية 2023 بعنوان "كيف استخدمت حماس الاغتصاب كسلاح في 7 أكتوبر".

لكن للتوصل لهذا الاستنتاج بتسليح الاغتصاب المزعوم، تقول المحاضرة الجامعية شيلي هوفمان، إنه يجب تحقيق شرطين: أن يكون الاغتصاب ممنهجا وعلى نطاق واسع. وأن يكون، وقع بنيّة مسبقة كجزء من خطة وتعليمات صريحة.

تقرير الأمم المتحدة أفاد بأنه لا يوجد اثبات على ادعاءات الحكومة الإسرائيلية أن عناصر حماس كانت لديهم توجيهات مسبقة بالاغتصاب، وهو ما يعني تكذيب ادعاء إسرائيل عثورها على كتيبات بالعبرية مع مسلحي القسام تحتوي عبارات "افتح ساقيك" أو "اخلع سروالك".

كما يضيف تقرير الأمم المتحدة أنه بسبب الفترة القصيرة من الزمن وعدم تمكن فريق البعثة من إجراء تحقيق، فإنهم لم يتمكنوا من "تحديد مدى انتشار العنف الجنسي المرتبط بالنزاع أثناء هجمات 7 أكتوبر وبعدها".

التقرير أشار إلى 3 أماكن فقط يعتقد بوقوع حوادث اغتصاب فيها وهي:

1. حفل نوفا
2. الشارع 232
3. كيبوتس رعيم

علاوة على ذلك، تقرير الأمم المتحدة يقول إنه "لم يجمع معلومات أو يتوصل لاستنتاجات" تفيد بأن عناصر حماس أو غيرهم من الجماعات المسلحة هم من قاموا بالانتهاكات المزعومة.

تقرير براميلا أكد بشكل قاطع كذب بعض الروايات الإسرائيلية حول هجوم 7 أكتوبر، ومنها قتل امرأة حامل وفتح بطنها وطعن جنينها، وهو ادعاء ذكرته صحف غربية مثل Dailymail، أو اغتصاب طفلتين في كيبوتس بئيري وهو الادعاء الذي ذكرته صحيفة نيويورك تايمز.

ممثلة أمين عام الأمم المتحدة وجهت أيضا ضربة للحكومة الإسرائيلية بتكذيبها الادعاء بأن عناصر حماس في 7 أكتوبر كانوا يحملون كتيبات حول "كيف تأخذ رهائن" أو "كيف تطلب من الرهائن خلع ملابسهم" باللغة العبرية.

وكذّب التقرير أيضا ادعاء الحكومة الإسرائيلية بوجود مقاطع فيديو وصور على الإنترنت نشرت سابقا وحذفت فيما بعد توثق عمليات الاعتداء الجنسي في ٧ أكتوبر، حيث قال التقرير إن هذا الادعاء غير ممكن عمليا.

أحد أبرز الانتقادات لتقرير براميلا هو أنه إذا كانت ممثلة أمين عام الأمم المتحدة على قناعة بأن الحكومة الإسرائيلية قدمت لها معلومات كاذبة أو مغلوطة في بعض الأحيان، مثل كتيبات "كيف تأخذ رهينة"، فلماذا قررت براميلا الاستمرار في الانخراط مع نفس المصدر وتصديق ادعاءاته الأخرى؟

انتقاد آخر هو موافقة براميلا على مقابلة شهود مطعون في مصداقيتهم بعد قيامهم بنشر ادعاءات أخرى ثبت عدم صحتها.

في شهر فبراير الماضي، قالت الحكومة الإسرائيلية إن براميلا التقت أحد مسؤولي منظمة زاكا المثيرة للجدل، يوسي لينداو، وهو نفس الشخص الذي روّج لكذبة قطع رؤوس الأطفال الرضع وفتح بطن امرأة حامل، وحرق عشرين طفلا مقيدين معا.

براميلا قالت أيضا إن الأسرى الإسرائيليين في غزة تعرضوا لاعتداء الجنسي وربما يستمر الاعتداء عليهم حتى اللحظة، وهي إفادة قدمتها بعض الأسيرات الإسرائيليات المفرج عنهن في شهر نوفمبر الماضي.

لكن في شهر ديسمبر عندما ادعت إدارة بايدن أن حماس رفضت الإفراج عن بعض الأسيرات خوفا من أن يتحدثن عن تعرضهن للاغتصاب، أصدر الجيش الإسرائيلي تصريحا نادرا كذب فيه تلك المزاعم ووصفها بـ"غير المسؤولة وغير الدقيقة ويجب تجنبها".

صحيفة هآرتس قالت في شهر يناير الماضي إن عائلات الرهائن قدّموا أوصافا وقصص رعب عما يتعرض له الأسرى في غزة بعضها حقيقي والبعض الآخر كاذب بهدف الضغط على حكومة نتنياهو للمضي قدما في تحرير الرهائن المتبقين.

لذلك، من غير الواضح إذا ما أخذت براميلا بالاعتبار هذا الأمر عند نشرها ادعاء تعرض الأسرى في غزة للاعتداءات الجنسية.

تقرير براميلا أشار لإفادات حول تعرض السجناء الفلسطينيين من الرجال والنساء للعنف الجنسي على يد الجيش الإسرائيلي والتحرش والتهديد بالاغتصاب.

وشمل ذلك عمليات تفتيش جسدية عدوانية للمحتجزين والتي تشمل اللمس غير المرغوب فيه للمناطق الحميمية، والتعرية القسرية للنساء المرتديات للحجاب، والضرب في المناطق الحساسة، والتهديد باغتصاب النساء.

وقال التقرير إنه يوجد مخاوف من التقاط وتوزيع صور للنساء الفلسطينيات المعتقلات والسجينات على الهواتف الشخصية للجنود والمحققين.

مع ذلك، لم تجمع بعثة براميلا المعلومات بشكل كاف عما يتعرض له السجناء الفلسطينيين بذريعة أن هناك هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة قادرة على توثيق تلك المعلومات.