"شم النسيم".. مصر تحتفل بأقدم أعياد الأرض

ترجع بداية الاحتفال بأعياد شم النسيم في مصر إلى ما يقرب من 5 آلاف عام، وفقا للهيئة المصرية العامة للاستعلامات، إذ تعود كل عادات وتقاليد ذلك اليوم بنفس تفاصيلها الحالية إلى زمن الفراعنة.

وكان الفراعنة يحتفلون بعيد الربيع وبداية موسم الحصاد، نظرا لكون مصر دولة زراعية، إذ بُنيت حضارتها القديمة على ضفاف النيل شمالا وجنوبا، وسجلت جدران المعابد مظاهر احتفالية شبيهة تماما بهذا اليوم.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن أصل كلمة شم النسيم، يعود إلى الكلمة الهيروغليفية "شمو"، التي تعني البعث أو الخلق، وذلك بسبب اعتبار المصريون القدماء أن هذا اليوم يرمز إلى بداية الخلق وبعث الحياة، بسبب تجدد المحاصيل الزراعية وازدهارها بعدما كانت لا شيء.

وفي بحث لمركز اللغات الدولية الأميركي، قال إن تسمية عيد الربيع في مصر بـ"شم النسيم" كان مصادفة سعيدة، بسبب تشابه كلمة "شمو" التي كانت عنوانا لذلك اليوم عند القدماء، مع كلمة "شم"، إذ أضاف المصريون النسيم إلى كلمة شم، لتصبح مناسبة تماما ومعبرة عن هذا اليوم.

المصريون القدماء اعتادوا الاحتفال بعيد "شمو" بصورة رسمية كبيرة في كل أنحاء البلاد من كل عام، وكانت الواجهة الشمالية لهرم الجيزة الأكبر قبل الغروب هي الموعد الرسمي لذروة الاحتفال، إذ كان الناس يتجمعون هناك لمشاهدة الغروب والاحتفال.

ولم تسجل الحضارات القديمة في العالم احتفالا كان يُجرى منذ آلاف السنين، واستمر حتى الآن بالطريقة والعادات والتقاليد نفسها، باستثناء عيد شم النسيم، الذي حافظت كل الحكومات المصرية الحديثة على منحه صبغة رسمية باعتباره يوم إجازة مثلما يحدث في الأعياد الدينية والقومية الأخرى.

يعتبر شم النسيم في مصر مهرجانا شعبيا عنوانه "الكثير من الألوان"، إذ يُسلق البيض في الماء الساخن، ثم يُلون بألوان مبهجة، وكتابة بعض الأمنيات أو الأسماء عليه، وهو طقس قائم منذ زمن الفراعنة ومستمر إلى الآن.

ويرمز البيض عند المصريين القدماء إلى الخلق، إذ يخرج منه العديد من الكائنات للحياة بعد أن كانت لا شيء، وهي الفكرة التي تتماهى مع بداية موسم الحصاد وازدهار الورود والمحاصيل الزراعية التي خُلقت على ضفاف النيل.

وتنتشر تجارة بيع الأسماك المملحة في شم النسيم بمصر بشدة، بسبب احتواء مائدة عيد الربيع في مصر على أسماك "الرنجة والفسيخ" بصورة أساسية والبيض الملون، كأبرز مظاهر الاحتفال.

واعتقد الفراعنة أن البصل يطرد الأرواح الشريرة، لذلك كان حضوره على مائدة شم النسيم مع الأسماك المملحة والبيض الملون أمرا ضروريا، واستمرت هذه العادة حتى الآن، إذ تنتشر تجارة البصل الأخضر الملون في يوم "شم النسيم" من كل عام.

وتشهد الحدائق والمتنزهات العامة في مصر، خاصة القاهرة، إقبالا كثيفا من المواطنين، الذين اعتادوا على أن يحملوا معهم أطعمة شم النسيم الموسمية والذهاب لتناولها في الهواء الطلق وسط الأشجار والزهور.

اعتادت دار الإفتاء في مصر على الرد في كل عام تقريبا على فتاوى ودعوات التحريم، إذ أعلنت أن "شم النسيم" مناسبة اجتماعية وقومية مصرية قديمة لا علاقة لها بأي شعائر دينية، وليس بها ما يدعو للتحريم.

ورد بعض علماء الأزهر على أصحاب فتاوى التحريم، ومن بينهم الشيخ أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الذي قال في تصريحات تلفزيونية، إن عيد شم النسيم له أصل مصري قديم ولا علاقة له باليهودية أو المسيحية أو الإسلام.

وأشار كريمة إلى أن شم النسيم يعد عيدا مصريا مثل المناسبات القومية والاجتماعية، الأمر الذي جعل عمرو بن العاص لا يعارض إقامته عند فتح مصر، والسماح للمصريين بالاحتفال به في كل عام، إذ لا توجد أي مصادر أو روايات حول تحريمه في مصر بعد فتحها.