"الساعة السرية" تكشف لغز الشيخوخة المبكرة لدى الحيوانات
يعتبر الحفاظ على أشكال الحياة البرية بمثابة سباق ضد عقارب الساعة، وللأسف كثيراً ما يكون سباقاً خاسراً، لأنه عندما يرصد علماء الأحياء مؤشرات على تدهور أحد الأنواع الحية، يكون الوقت قد فات في مرات عديدة، وتكون هذه الفصيلة قد شارفت بالفعل على الانقراض.
وتوجد الكثير من الأمثلة الحية على أنواع من الطيور والحيوانات اندثرت بالفعل أو كادت تندثر بين عشية وضحاها عن وجه الأرض مثل الحمام الزاجل في أمريكا الشمالية، والدولفين النهري في الصين، وفقمات الراهب في الكاريبي ووحيد القرن الأبيض في أفريقيا.
الساعة فوق الجينية وقياس العمر البيولوجي
ويبحث علماء الأحياء عن وسائل للإنذار المبكر لاستشراف خطر انقراض الأنواع الحية على مستوى الجزيئات داخل الجسم، مثل متابعة مستويات هرمون التوتر أو تركيب الكروموسومات لدى بعض الفصائل المهددة بالخطر، ولكن كل هذه المؤشرات تعتبر خافتة وغير واضحة ويصعب الالتفات إليها في الوقت المناسب في خضم فوضى الحياة اليومية في البرية.
ولذلك بدأ الباحثون يعلقون آمالهم مؤخراً على وسيلة علمية جديدة يطلق عليها اسم "الساعة فوق الجينية" (Epigenetic clock).
وتندرج هذه التقنية في إطار "علم ما فوق الجينات" الذي يهتم بدراسة التغيرات التي تطرأ على التركيب الوراثي للمخلوقات بسبب عوامل خارجية.
ولا تستخدم هذه الساعة لقياس الوقت بأي حال من الأحوال، وإنما تقيس "العمر البيولوجي" للمخلوق عن طريق تحليل وقياس بعض المكونات الكيميائية تعرف باسم مجموعة الميثايل داخل الحمض النووي.
وتحدد هذه الساعة سرعة التدهور العمري لحيوان معين جراء تعرضه لعوامل خارجية مثل التوتر والمرض والمشكلات البيئية، وبالتالي تعتبر مؤشراً لتحديد احتمالات انقراض هذا النوع على المدى القريب أو البعيد.
ويقول الباحث كولين جارواي المتخصص في علم الأحياء التطوري بجامعة مانيتوبا الكندية لموقع الإلكتروني Knowable Magazine، إن احتمالات رصد مؤشرات الشيخوخة المبكرة لدى بعض الأنواع الحية قبل أن تبدأ فعلياً في الاختفاء هي مسألة مثيرة، لاسيما وأن جميع الوسائل الأخرى تعتبر مؤشرات متأخرة لاكتشاف تدهور فصيلة معينة.
وتركزت أبحاث جارواي وزملائه على الدببة القطبية في شمال كندا، حيث تلاحظ لديهم أن الدببة التي ولدت في العقود الأخيرة تصاب بالشيخوخة بوتيرة أسرع من الأجيال السابقة، حيث يبدو أن عمرها البيولوجي يفوق عمرها الزمني.
ويرجع الباحثون السبب في ذلك إلى تراجع فترات انهمار الثلوج وانخفاض أعداد الفقمات التي تتغذى عليها الدببة، مما أدى إلى تراجع مخزونها من الدهون في الجسم.
توضح ميجان جونز، أخصائية علم الوراثة بجامعة مانيتوبا، أن هذه التقنية هي "وسيلة لمتابعة جماعات الأنواع الحية في الوقت الحاضر وحجم الضغوط عليها، عندما تكون فرصة التعافي مازالت قائمة".