بيكاسو يرسم الفراق.. والمزاد يصفّق للحب الضائع بـ32 مليون يورو

بيعت لوحة بورتريه لبيكاسو ظلّت بعيدة عن أنظار الجمهور لأكثر من ثمانية عقود، يوم الجمعة، في مزاد بمبلغ 32 مليون يورو (حوالي 37 مليون دولار) شاملة الرسوم، متجاوزة التوقعات، لكنها لا تُعدّ من بين أغلى أعمال الفنان التي بيعت في مزاد على الإطلاق.

رُسمت اللوحة ذات الألوان الزاهية والتي تُصوّر رفيقته وملهمته طويلة الأمد دورا مار، في يوليو عام 1943 بعنوان "نصف طول امرأة ترتدي قبعة مزهّرة دورا مار". وتُظهر مار وهي ترتدي قبعة مزينة بالزهور بألوان زاهية.

وكانت مار، وهي فنانة ومصوّرة فوتوغرافية بنفسها، شريكة بيكاسو وملهمته لمدة 7 سنوات تقريبًا، وكان ارتباطهما يقترب من نهاية مؤلمة. وقد اشتُريت اللوحة عام 1944، ولم تُطرح في السوق منذ ذلك الحين، إذ بقيت ضمن مجموعة العائلة.

اللوحة، وهي جزء من سلسلة بيكاسو "امرأة ترتدي قبعة"، بيعت في دار مزادات درو في باريس. ووصف مدير المزاد، كريستوف لوسيان، عملية البيع النهائية، التي ذهبت لمشترٍ كان حاضرًا في القاعة، بأنها "نجاح هائل" ولحظة شديدة التأثر.

وقال إن السعر النهائي، الذي يزيد على 32 مليون يورو بعد إضافة رسوم الشراء إلى السعر الأساسي البالغ 27 مليونًا، تجاوز التقديرات بكثير، كما أنه الأعلى الذي دُفع هذا العام في فرنسا لأي عمل فني في مزاد.

وصف لوسيان اللوحة بأنها "قطعة صغيرة من قصة حب"، وإن كانت حزينة، بين بيكاسو ومار. كانت تبلغ من العمر 29 عامًا عندما التقت الفنان، وسرعان ما أصبحت ملهمته ونموذجًا للوحته الشهيرة "غيرنيكا" وغيرها من الأعمال.

لاحقًا، تركها بيكاسو من أجل الشابة فرانسواز جيلو، وتوفيت مار عن عمر 89 عامًا بعد حياة أصبحت فيها أكثر عزلة.

أضاف لوسيان "لم تكن قصتهما بسيطة على الإطلاق"، مضيفًا أن هذه اللوحة جاءت في نهايتها. وأضاف: "يمكنك أن ترى أنها كانت تحبس دموعها لأنها كانت تدرك أن بيكاسو كان يتركها".

وخلال العرض المسبق هذا الأسبوع، أبدت خبيرة بيكاسو أنيس سيفيستر-باربيه إعجابها بمدى حيوية ألوان اللوحة التي ما زالت كما هي.

قالت "لدينا لوحة تمامًا كما خرجت من المرسم"، وأوضحت "لم تُطْلَ بالورنيش، ما يعني أننا نرى كل خامتها الأصلية، كل شيء فيها. إنها لوحة يمكنك أن تشعر فيها بكل الألوان، وبالطيف اللوني الكامل".

وأضافت "إنها لوحة تتحدث عن نفسها. يكفي أن تنظر إليها، مليئة بالتعبير، وتُظهر عبقرية بيكاسو كاملة".

وأشارت سيفيستر-باربيه إلى أنه في السابق لم تكن اللوحة معروفة سوى من خلال صورة بالأبيض والأسود، موضحة "لم نكن لنتخيل من تلك الصورة أن اللوحة بهذه الألوان الزاهية والمذهلة حقًا".

ورغم أن اللوحة بيعت بأكثر من المتوقع، فإنها بعيدة عن كونها الأغلى بين أعمال بيكاسو. ففي عام 2023، بيعت لوحة الفنان الشهيرة "المرأة مع الساعة"، Femme à la montre، التي تُصوّر ملهمته الأخرى ماري-تيريز والتر، مقابل 139.4 مليون دولار، وهي ثاني أغلى لوحة لبيكاسو تُباع في مزاد.

أما اللوحة الأغلى على الإطلاق فكانت لوحة "نساء الجزائر"، Les Femmes d'Alger، التي بيعت عام 2015 مقابل 179.4 مليون دولار.