مال وأعمال
.
لن تكون دول العالم بعيدة عن تداعيات التخلف المحتمل للولايات المتحدة الأميركية عن سداد ديونها في يونيو، والبلدان العربية جزء من النسيج العالمي الذي ستُطاوله تداعيات ذلك.
كل ما يحصل هو جراء "شدّ الكباش" الجمهوري الديمقراطي بشأن رفع سقف الدين وتخفيض الميزانية الفيدرالية.
يرفض الجمهوريون رفع السقف من دون إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق العام، الأمر الذي يعارضه الديمقراطيون.
مجالات عدة ستتأثر بشدة بحال حصل التخلف عن السداد، وذلك بسبب الاعتماد على الدولار الأميركي في المبادلات التجارية العالمية والتحويلات المالية، وما يزيد من عرضة الدول العربية هو احتمال تعرض أسعار النفط للتذبذب، وحيازة بعضها على سندات خزانة أميركية.
يتركز التأثير، وفق خبراء، على الوضع النقدي في البلدان العربية التي تشهد تدهورا في قيمة عملتها المحلية. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سيتعداه إلى بلبلة في أسواق المال والنفط ما ينعكس أيضا على مستويات النمو.
سقف الدين هو الحد الأقصى الذي يمكن للحكومة اقتراضه، والذي يبلغ حاليا 31.4 تريليون دولار. ذلك مون الولايات المتحدة تنفق أموالا أكثر بكثير من المبالغ التي تحصل عليها من الضرائب والإيرادات الأخرى.
لذلك فإن السقف هو الحد الأقصى الذي لا تستطيع الدولة تجاوزه في الاقتراض، وتصبح ملزمة بالاعتماد على سيولتها النقدية للوفاء بنفقاتها من رواتب العسكريين ومبالغ الضمان الاجتماعي وباقي المصاريف الفيدرالية.
يؤدي تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، في حال عدم قدرة إدارة الرئيس جو بايدن على رفع حد الاقتراض إلى تقويض الثقة في قدرة الحكومة الفيدرالية على دفع جميع فواتيرها في الوقت المحدد، ما يؤثر على التصنيف الائتماني للحكومة ويتسبب في اضطراب ضخم في الأسواق المالية، حسب ما ورد في تقرير لـ"سي أن أن".
وفي حديث لموقع بلينكس يعدد الخبير الاقتصادي ومحلل الأسواق العالمية، أحمد معطي، أبرز الانعكاسات التي ربما يتركها التعثر المحتمل على الاقتصادات العربية وفق الآتي:
التخلف عن السداد يؤدي إلى تقلص قيمة الدولار الأميركي وتقليل الثقة فيه كوسيلة للتبادل وتحويل المال، والعملة الخضراء مهمة جدا في التجارة العالمية وفي التحويلات.
ويؤثر التعثر على الاستقرار الاقتصادي للدول العربية التي تعتمد بشكل كبير على الصادرات والتجارة مع الولايات المتحدة.
يؤدي تخلف الولايات المتحدة عن ديونها إلى تراجع الثقة في اقتصادها وتقليل استثمارات الشركات الأجنبية فيها.
وربما يتسبب ذلك بتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في دول عربية من قبل الشركات الأميركية والعالمية، مما يؤثر على النمو الاقتصادي وفرص التوظيف.
تعتمد بعض الدول العربية بشكل كبير على إيرادات النفط. وإذا حدث تخلف الولايات المتحدة عن ديونها، فربما يزداد التوتر في الأسواق العالمية ويتأثر سعر النفط.
تملك بعض الدول العربية سندات خزانة ربما تتخلف عنها الولايات المتحدة.
وجزء من هذه الدول مثل تونس ومصر لديها أيضا مشكلات نقدية أدت لتدهور عملتها المحلية، وتاليا فإن تأخر تحويل فوائد هذه السندات سيعمق المشكلات النقدية وتدهور العملة.
ديونها ربما يحدث التخلف ارتباكا في الأسواق المالية العالمية فتتراجع الأسهم وتسحب السيولة من الأسواق وخصوصا الأميركية منها، وينعكس ذلك على تراجعات في معدلات النمو بالعالم.
ويختم معطي حديثه معتقدا أن الولايات المتحدة الأميركية سترفع سقف الدين في جميع الحالات ولن تتخلف عن السداد بالتزاماتها.
بعض التوترات ظهرت في الأسواق العالمية فعلا، حسب تقرير "سي أن أن"، فارتفعت عائدات أذون الخزانة، في بداية يونيو، وهو الموعد الذي يمكن أن تستنفد فيه وزارة الخزانة السيولة والتدابير الاستثنائية.
ولفتت "سي أن أن" إلى أن تكاليف الاقتراض لمعدلات بطاقات الائتمان ومعدلات الرهن العقاري سترتفع.
ويحصل ذلك كون ديون الولايات المتحدة تعد كمعيار حاسم لأشكال مختلفة من الديون، وهذا يجبر الأميركيين إلى دفع مزيد للاقتراض، علاوة على رفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
في تقرير سابق لبلومبرغ، سألت الوكالة قراءها عن الملاذات التي سيختارونها في حال تخلفت الولايات المتحدة الأميركية عن سداد ديونها. وكانت سندات الخزانة الأميركية ثاني أكثر الأصول التي يفضل المشاركون في الاستطلاع شراءها، بحال حصل التخلف عن السداد.
وفي وقت من المفترض أن تكون هذه الإجابة مستغربة كون هذه السندات هي التي ستتخلف عنها الولايات المتحدة الأميركية، شرحت بلومبرغ أن حاملي السندات سيحصلون على أموالهم في جميع الأحوال، فهذه الإجابات تنبع من الثقة باقتصاد الولايات المتحدة.
وشارك في هذا الاستطلاع 637 شخصا من قراء بلومبرغ المتخصصين.
بايدن لن يوافق على اتفاق مع الجمهوريين في الكونغرس بشأن رفع سقف الدين الاتحادي وخفض الميزانية وفقا لشروطهم فقط، حسب ما صرح الأحد.
فهو سيتحدث مع رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي بشأن المفاوضات، وبالنسبة له فإن تخلف الولايات المتحدة عن السداد ليس خيارا مطروحا.
وقال بايدن: "حان الوقت ليقبل الجمهوريون أنه لن يكون هناك اتفاق بين الحزبين بناء فقط على شروطهم".
وهو يدرس احتمال اللجوء إلى آلية دستورية لتجنب تخلف الولايات المتحدة عن السداد مع تعثر المحادثات مع الجمهوريين حول رفع سقف الدين، حسب فرانس برس.
واصل الدولار تراجعه مقابل الين واليورو، الإثنين، بعد انهيار مفاجئ في مفاوضات سقف الدين الأميركي وعقب تعليقات لرئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أشار فيها إلى أنه يفضل إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة.
وهبط الدولار 0.15 في المئة إلى 137.725 ين في بداية تعاملات الأسبوع، بعد أن قطع الجمعة سلسلة مكاسب استمرت ستة أيام متراجعا من أعلى مستوى في ستة أشهر.
وفيما صعد اليورو 0.14 في المئة إلى 1.08205 دولار، مواصلا الارتفاع الذي شهده الجمعة من أدنى مستوى في سبعة أسابيع.
وتوقفت المفاوضات بين الجانبين الجمهوري والديمقراطي فجأة، الجمعة، مع انسحاب الجمهوريين من الاجتماع.
ورغم أن المحادثات استؤنفت في نهاية المطاف، لم يذكر أي من الجانبين إحراز أي تقدم مما أدى إلى انخفاض الدولار، حسب رويترز.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة