مال وأعمال

"فخ الديون".. خلاف صيني أردني على الطاقة

نشر

.

Mohamed Salah Eldin

وصل عامل اللحام شي تشانغ تشينغ من مقاطعة جيلين شمال شرق الصين إلى صحراء الأردن للمشاركة في بناء محطة العطارات لتوليد الكهرباء ضمن كثير من العمال الصينيين الذين أتوا من أرياف البلاد، لكنه مثل كثير من بني جلدته انتابهم الخوف من إمكانية توقف المشروع الذي أصبح محل جدل بين عمّان وبكين.

تعود القصة إلى العام 2012 حينما عرضت شركة العطارات الأردنية للطاقة على الحكومة استخراج الزيت الصخري من الصحراء وبناء محطة تستخدمه لتوفير 15٪ من إمدادات الكهرباء في البلاد التي تعاني من شح الطاقة، لكن التكلفة والمخاطر أبعدت نظر عمان عن المشروع.

أصبحت العطارات نموذجا لما كانت وما أصبحت عليه مبادرة الحزام والطريق، بحسب وصف جيسي ماركس الزميل غير المقيم في معهد ستيمسون الأميركي، فيشير في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس إلى حالة الأردن كنموذج لكيفية انخراط الصين في البلدان ذات الدخل المتوسط، فيما يصف المسؤولون الأميركيون ما حدث أنه "دبلوماسية فخ الديون"، وهو الاتهام الذي تنفيه الصين فلا تجبر أحدا على الاقتراض قسرا منها.

افتتح مشروع العطارات في مايو الماضي

بحثت الشركة يمينا ويسارا عمن ينفذ المشروع المطروح، من الولايات المتحدة وأوروبا إلى اليابان وكوريا الجنوبية لكن لا إجابة حتى حدثت المفاجأة الصينية التي عرضت بنوكها أكثر من 1.6 مليار دولار في شكل قروض لتمويل المحطة في عام 2017 فيما اشترت شركة، Guangdong Energy Group المملوكة للدولة الصينية 45 ٪ من شركة العطارات للطاقة بحسب المدير التنفيذي للشركة محمد معايطة.

في هذه الأثناء كان الأردن يبحث عن اكتفاء ذاتي من الطاقة ليجدها في اتفاقية بقيمة 15 مليار دولار لاستيراد كميات هائلة من الغاز الطبيعي بأسعار تنافسية من إسرائيل في عام 2014 بحسب وكالة أسوشيتد برس.

افتتح مشروع العطارات في مايو الماضي، ووجدت شركة الكهرباء الحكومية الأردنية نفسها مضطرة لشراء الكهرباء من شركة العطار للطاقة بموجب اتفاق لمدة 30 عاما مقابل 8.4 مليار دولار يدفع منها سنويا 280 مليون دولار، في وقت لم يعد المشروع ضروريا للطاقة الأردنية نتيجة الصفقات الأخرى.

إذا استمر الأردن في دفع التكاليف سيكون عليه زيادة أسعار الكهرباء للمواطنين بنسبة 17% ما يمثل ضربة قاسمة للاقتصاد المثقل بالديون والتضخم، فكانت المعركة القانونية التي بدأت بجلسات الاستماع في هيئة تحكيم تابعة لغرفة التجارة الدولية ومقرها باريس في يونيو الماضي.

يجد عامل اللحام شي نفسه في موقف غريب ليختتم بقوله "من الغريب جدا أن تشعر أنك لست مرغوبا هنا لكونك من الصين".

الأردن يبحث عن اكتفاء ذاتي من الطاقة

اعرف أكثر عن..

قطاع الطاقة الأردني

بحسب بيانات وزارة الطاقة الأردنية فإن تكلفة الطاقة المستوردة قد انخفضت من 2.4 مليار دينار أردني أي 9% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة عام 2017 إلى 1.9 مليار دينار أي 6% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021، فيما استوردت قرابة 4 ملايين طن من المشتقات النفطية عام 2021، ويصل نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء 1746 كيلو وات/ ساعة.

اتهامات فخ الدين الصيني

  • بحسب تحليل قامت به وكالة أسوشيتد برس الأميركية لعشرات البلدان الأكثر مديونية للصين تشمل باكستان وكينيا وزامبيا ولاوس ومنغوليا فإن 50% من ديونها الأجنبية كانت للصين، وقد تخلفت دولتان بالفعل عن سداد أقساط الفائدة على القروض الممولة لبناء الموانئ والمناجم ومحطات الطاقة والسدود والطرق وهما زامبيا وسريلانكا، ما دفع مثلا الأولى للوصول بمعدلات البطالة إلى 50% وخسرت العملة المحلية 30% من قيمتها، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى تضاعف أعداد من لا يحصلون على طعام كاف من أهل زامبيا ثلاث مرات حتى الآن هذا العام ، ليصل إلى 3.5 مليون إنسان.
  • انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي في 10 من بين عشرات البلدان بمتوسط 25٪ في عام واحد فقط فيما تراجعت أكثر من 50٪ في باكستان وجمهورية الكونغو.
  • أما سريلانكا التي أعلنت إفلاسها خلال العام الماضي فقد وصل التضخم فيها لنسبة 50% واختفت نحو نصف مليون وظيفة صناعية في البلاد ووجد أكثر من نصف السكان أنفسهم فجأة تحت خط الفقر، وإذا ما فحصنا الأزمة السريلانكية فسنجد أن ميناء هامبانتوتا خير مثال على حالة الجدل الدائرة حول النفوذ الاقتصادي للصين، فشهد العام 2010 افتتاح المرحلة الأولى منه بقروض من مؤسسات صينية بلغ مجموعها 1.2 مليار دولار وانتهى أمره إلى تأجيره لشركة China Merchants Port التابعة لحكومة بكين لمدة 99 عاما وذلك عام 2017 بحسب فاينانشيال تايمز.
  • من جانبها ترى الصين على لسان وزير خارجيتها تشين غانغ أن بلاده ملتزمة بمساعدة إفريقيا في تخفيف عبء ديونها، وأنها شاركت بنشاط في مبادرة تعليق خدمة الديون لمجموعة العشرين وتوصلت إلى توافق في الآراء مع 19 دولة أفريقية بشأن تخفيف عبء الديون، وعلقت معظم مدفوعات خدمة الديون بين أعضاء مجموعة العشرين، كما أنها عالجت بنشاط كل حالة على حدة بالنسبة لتشاد وإثيوبيا وزامبيا بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة