مال وأعمال

استكشاف نوايا وتسريبات للصحف.. هكذا تحدث الانتقالات الكبرى

نشر

.

Mussab Gasmalla

يتواصل هذه الأيام نشاط الميركاتو الصيفي الذي مر على انطلاقته شهر ونصف، فيما بلغ عدد الصفقة في الدوريات الأوروبية الـ5 الكبرى 722 صفقة حتى الآن، بصافي إنفاق 3.5 مليار دولار، بحسب الغارديان، ولا تزال هناك حالة من الترقب لصفقات ضخمة أخرى قادمة في الشهر الحالي.

طوال سوق الانتقالات الحالي وما سبقه في أعوام خلت، ظلت أخبار الصفقات في الإعلام قبل إكتمالها تنحصر في 3 مراحل. لاعب ما على رادار نادٍ آخر غير ناديه، وفي مرحلة ثانية يقدّم النادي عرضا، وختاما يقبل النادي الذي يلعب له اللاعب المرغوب فيه العرض وتكتمل الصفقة.

لكن، على أرض الواقع، ربما تبدو الأمور تعقيدا من ذلك، فما هي المراحل الحقيقة لاكتمال تلك الصفقات؟

استكشاف وتسريبات صحافية

بحسب "ذي أثلتيك" فإن العملية تبدأ في أولى مراحلها في الفريق الراغب في اللاعب، ويطّلع بهذه المهمة (رئيس الكشافين أو المدير الرياضي)، إذ يقوم أي منهما باستكشاف اللاعب المطلوب، وتجميع أكبر قدر من الفيديوهات وتحليلها، قبل مطابقة ما يمتلكه من مهارة لعب فريق، ومن ثم تأتي مرحلة الجلوس إلى مدرب الفريق وعرض اللاعب عليه، قبل أخذ الضوء الأخضر من الإدارة.

وبعدها تأتي مرحلة جس النبض بالنسبة للاعب، إذ يتم التواصل مع وكيل أعماله أو دائرته المقربة، لمعرفة أولا رغبته في الانتقال من الأساس أو عدمها، ثم رغبته في النادي، قبل التحرك نحو مرحلة أخرى، وهي معرفة رغبة النادي البائع، في التخلي عن اللاعب من عدمه، ومن ثم استكشاف السوق حول اللاعب، والتأكد من عدم وجود أندية راغبة أخرى، إذ أن ذلك من شأنه تعقيد الصفقة.

وفي بعض الأحيان، وخصوصا مع النجوم الكبار، لا يحتاج الأمر لكل هذه المشقة، إذ تكتفى الأندية بجس نبض النادي واللاعب معا عبر تسريب رغبتها لوسائل الإعلام، مثلما فعل ليفربول الإنكليزي مع فيدريكو فالفيردي لاعب ريال مدريد العام الماضي والصيف الحالي، إذ نقلت وسائل إعلام رغبته، قبل أن تنقل الرد المضاد من الريال.

ويحدث ذلك الأمر أيضا مع اللاعبين الذين سبق أن تدربوا على يد المدرب الحالي للنادي المشتري.

التواصل وتقديم العرض

بعد أن تكتمل المرحلة الأولى، والتي قوامها الضمانات، يبدأ النادي المشتري في التواصل الرسمي مع النادي الذي يمتلك اللاعب عقدا ساريا معه. وعادة ما يستبق العرض اتصالات بين كلا الناديين، قبل عرض عشرات أو مئات الملايين.

وبحسب إيكونوميست البريطانية، يبدأ النادي بتقديم عرض أولي أقل من المستوى، كل الهدف منه الحصول على رد من عبارتين من النادي البائع: (هذا العرض لا يوافي متطلباتنا، أو لا نرغب في بيع اللاعب)، والهدف الحقيق وراء هذا الأمر، هو اختبار الوسيلة وفعاليتها.

في السابق كانت الوسيلة هي العرض المكتوب فقط، ثم تطورت إلى العرض الرسمي المرسل عبر الفاكس، قبل أن تصبح منذ نحو 10 أعوام عبر البريد الإلكتروني، إذ لا يزال هو الوسيلة الأفضل.

وعلى الرغم من سريان التعامل عبر الفاكس حتى الآن في أوروبا، فإن هنالك أمر تسبب في إنهاء الاعتماد عليه في التسجيلات، والمقصود هنا، الواقعة الشهيرة التي حدثت في 2015 بين ريال مدريد ومانشستر يونايتد بخصوص انتقال الحارس ديفيد دي خيا.

وأكمل الناديان وقتها اتفاقهما على انتقال دي خيا إلى يونايتد مقابل 18 مليون إسترليني في اليوم الأخير لميركاتو صيف 2015، لكن الصفقة فشلت، بسبب تأكيد يونايتد عدم استلامه العرض والأوراق اللازمة لتسجيل اللاعب من قبل الريال في اللحظات الأخيرة قبل غلق الميركاتو، لتلغى الصفقة، ويتجه الريال للتعاقد مع كيلور نافاس.

وبالعودة إلى سيرورة العملية، وقبل إرسال إيميل بالعرض الرسمي، يستبق الطرفان الأمر بمكالمات مطولة، ومحادثات صوتية على تطبيق واتساب، لضمان أن هنالك أرضية مشتركة ينطلق منها العرض الرسمي الثاني، والذي غالبا ما يتحول إلى عرض ثالث قبل إنجاز الصفقة.

3 هياكل أساسية

سواء أكانت الصفقات بين نادين مغمورين أم بين أندية بحجم الريال وبرشلونة ومانشستر يونايتد، فإنها جميعا تتم عبر 3 هياكل.

الأول يتعلق برسوم الانتقال، وهي الرسوم التي يدفعها النادي المشتري للنادي البائع، ويتم جدولتها على عدة دفعات، أما العنصر الثاني، فهو المتغيرات أو رسوم البيع، والتي تتراوح عادة بين 7.5 و15%، من رسوم الصفقة.

أما العنصر الثالث، فهو الحق في الشراء، وهو غير شائع بكثرة في الانتقالات، باستثناء صفقات الأكاديمية، عندما يخشى نادي أن يتوهج لاعبه، وهذا الأمر يستخدمه أكثر ريال مدريد، الذي استعاد عدة لاعبين مؤخرا من خلاله مثل فيران غارسيا، ومن قبل مارتن أوديغارد قبل بيعه نهائيا لأرسنال.

تتأثر المتغيرات ورسوم البيع، بموقف النادي البائع، فعندما يعرض النادي لاعبه في السوق، ويحدد سعره، يجد النادي المشتري مساحة للمناورة، وعادة ما يلجأ إلى تخفيض المتغيرات إلى الحد الأدنى (7.5%)، والعكس عندما يكون النادي المشتري هو الراغب، ترتفع المتغيرات.

وعلى سبيل المثال، عندما يعلن نادٍ ما عرض لاعبه في السوق مقابل 25 مليون دولار، يأتي النادي المشتري بعرض 23 مليون دولار، وهو قريب من السعر المطلوب، لكنه بالمقابل يقلل المتغيرات، بأن يجعلها 7.5%، مع وضع شروط لدفعها.

ومن أبرز تلك الشروط، مشاركة اللاعب في 50 مباراة في أول موسم، أو إنقاذه الفريق من الهبوط، أو التتويج هدافا للدوري أو الفوز بالكرة الذهبية.

وبمجرد وصول العملية هذه المرحلة، تتعقد أكثر، خصوصا إذا كان هناك 3 وكلاء يمثل كل منهما طرف من أطراف العملية.

هنالك أمر آخر، يتم وضعه في الحسبان، وهو توقيت العملية، فإن كانت في السابق تجرى في يونيو، فإن السعر يقل بشكل أو بأخر، إذ يعنى ذلك أن النادي البائع بحاجة إلى سيولة لتمويل صفقات في الميركاتو الذي كان يقلق أبوابه في نهاية يوليو، والعكس صحيح.

اعرف أكثر عن..

القانون يتراجع لصالح المنطق

• بشكل عام، تمنع القوانين المنظمة للبطولات أي ناد أو طرف من التواصل بشكل منفرد مع لاعب يربطه عقد ساري مع نادٍ ما، وعلى سبيل المثال تنص قواعد البريمييرليغ على "وجوب عدم تعامل اللاعب الذي في حوزته عقدا ساريا مع نادي بدون موافقة خطية مكتوبة من ناديه".

• هذا الأمر يثير جدلا اليوم بين باريس سان جيرمان وكيليان مبابي، إذ أكدت التلغراف رغبة النادي الباريسي في مقاضاة ريال مدريد لدى الفيفا بسبب معلومات تؤكد توقيعه عقدا سريا مع مبابي بالانتقال لها مجانا الصيف المقبل.

موقف كيليان مبابي يثير الكثير من الجدل حاليا. (أ ف ب)

• رغم كل ذلك، يستحيل تطبيق هذه القاعدة، إذ بحسب ذي أثلتيك يعتبر الجلوس مع اللاعب هو الأساس في العملية، إذ يجب أولا إكمال الاتفاق على الشروط الشخصية في العقد، قبل التواصل مع النادي كون كل شي سيكون مهددا إذا رفض اللاعب الانتقال، حيث لا يوجد قانون يجبره على قبول الانضمام إلى نادي مهما قدم من عرض لناديه الحالي.

• "العرض الرسمي يجب أن يقدم للنادي، والتفاوض يجب أن يكون عبره، لكن قبل الجلوس إلى اللاعب ووكيله وإكمال الاتفاق على الشروط الشخصية، تكون المسألة برمتها إضاعة وقت"، من إفادة أحد الوكلاء في البريمييرليغ لموقع ذي أثلتيك.

• ومن هذا المنطلق تبدأ جميع الصفقات من الجلوس مع اللاعب أولا، ورغم أن ذلك يخالف القانون، لكنه يبقى مسموحا لصالح المنطق، كون موافقة اللاعب هي أهم حلقة في العملية.

الاحترام وعقبات الملاك

على الرغم من حرص الأندية والوكلاء على تقديم عروض أولية استكشافية، فإن احترام النادي دائما ما يكون حاضرا، بمعنى عدم التقليل من قيمة النادي، بتقديم عرض مخل.

في 2013 حدثت واقعة شهيرة بين ليفربول وأرسنال، إذ كان الريدز يرغب في الاستماع إلى العروض لكسر الشرط الجزائي في عقد مهاجمه لويس سواريز البالغ 40 مليون إسترليني، قبل أن يتقدم أرسنال بعرض (مستفز) بلغ 40 مليون +1 جنيه إسترليني، حيث كان يتوجب على ليفربول إخبار سواريز بأي عرض يتخطى 40 مليونا.

وتسبب العرض في غضب كبير لدى أرسنال، إذ خرج رئيس نادي ليفربول وقتها جون هنري بتصريح لا يزال خالدا في أذهان جماهير الدوري الإنكليزي.

وتسائل هنري: " برأيكم ماذا يدخنون هناك في ملعب الإمارات".

أما من أبرز العقبات أمام الصفقات، هم ملاك النادي، والذين يعتبرون الحلقة الأخيرة في العملية برمتها، إذ يمكن أن تنهار كل تلك الجهود بـ(جرة قلم) منهم.

وأكد أحد الوكلاء، لموقع ذي أثلتيك بأن أكبر العقبات في الصفقات هم الملاك، والمقصود بهما ملاك كلا الناديين، البائع والمشتري، إذ يجب على الوكيل أو المدير الرياضي إقناع مالك النادي المشتري بأن هذا هو أقل سعر يمكن دفعه لشراء اللاعب، وبالمقابل إقناع مالك النادي البائع بأن هذا أعلى سعر يمكن أن يتم الحصول عليه من بيع اللاعب.

أكثر وأكثر عن..

الإعلام وإشعال السوق

• بمجرد تلقيها العرض الأول ورغم رفضها له، تقوم الأندية البائعة بتسريب الخبر إلى الإعلام، وذلك لجذب انتباه أندية أخرى، من أجل الدخول على سوق اللاعب.

• أحيانا يقوم اللاعب نفسه أو حاشيته بتسريب العرض أو مجرد الاهتمام، لرفع مكانته، والتنويه بموهبته.

• في بعض الأوقات تتجه الأندية لتسريب أنباء لوسائل الإعلام عن تلقيها أكثر من عرض لضم اللاعب، وذلك رغم علمها الكامل بأن هناك نادٍ واحد فقط يرغب في اللاعب فعليا.

• تعتبر الأندية المشترية أكثر المتضررين من الإعلام، إذ تركز دائما على إخفاء تحركاتها، وفي الكرة العربية كانت تنتشر، في حقبة ماضية، ظاهرة غرف التسجيلات (وهي غرف يتم فيها إخفاء اللاعبين قبل انطلاق التسجيلات) من أجل إبعادهم عن المنافسين خشية المزايدة.

  • اكتمال المهمة: بعد اكتمال كافة مراحل التفاوض، يتفق الناديان على السعر النهائي، ودفعات تقسيط الرسوم، والمتغيرات، قبل السماح للاعب بعمل الكشف الطبي، والذي بعده يقوم النادي المشتري بإعلان ضم اللاعب رسميا.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة