كيف وصلت الـ"NFTs" في كرة القدم إلى الحضيض؟

تُعرّف مجلة فوربس الأميركية الـ"NFTs" أو الرموز غير القابلة للاستبدال، بأنها عبارة عن أصول رقمية يمكن أن نأخذ أشكالا متنوعة" عمل فني أو موسيقى، أو لوحة، أو صورة فوتوغرافية.."، ويتم شراؤها وبيعها عبر الإنترنت، وتشفّر عبر تقنية "البلوك تشين" التي تعتمد عليها العملات المشفرة الأخرى مثل بيتكوين وغيرها.

وعلى الرغم من أن هذه الرموز موجودة منذ عام 2014، فإن فوربس أكدت بأن الـ "NFTs" تلقت دفعة غير مسبوقة في 2021، وهو العام الذي تزامن مع فترة الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا.

وقفزت قيمة سوق الـ"NFTs" في ذلك العام إلى 41 مليار دولار، وهو مبلغ يقترب من القيمة الإجمالية لسوق الفنون الجميلة العالمي بأكمله.

وعن السبب وراء إنفاق المشاهير الكثير من الأموال على صورة يمكن الحصول عليها مجانا من الإنترنت، رأت فوربس أن السر يكمن في امتلاك الحق الحصري لها، حيث يتم تشفيرها.

ومنطقيا ألمحت المجلة إلى أن الأمر لا يعدو كونه تفاخر مرتبط بالمكانة الاجتماعية وصورة المشترى المجتمعية، وأوردت في هذا السياق بيع الفنان الرقمي الأميركي مايك وينكلمان مجموعة رسومات جاءت على شكل يوميا بمبلغ قياسي، إذ باع أول 500 رسمة إلكترونية منها مقابل 69.3 مليون دولار.

يعد النجم الفرنسي بول بوغبا أحد أوائل اللاعبين في كرة القدم اللذين دخلوا واستثمروا في الرموز غير قابلة للاستبدال "NFTs".

وفي نوفمبر 2021، قام النجم الفرنسي بول بوغبا، الذي يعانى حاليا من فضيحة منشطات بسبب سقوطه في اختبار هرمون التستوستيرون مع يوفنتوس، بالترويج لمجموعة خاصة من الرموز غير القابلة للاستبدال، والتي عرفت بـ"كريبتو دراغون".

وأعلن بوغبا شرائه بيضة (تنين) كـ"NFTs" مقابل 162 ألف دولار، ليصبح بذلك "سيد التنانين" بحسب وصف نفسه وقتها، وجاء ذلك في سياق ترويجي لهذه المجموعة من الرموز.

وتبع بوغبا بعد مدة كل من البرازيلي نيمار دا سيلفا محترف الهلال السعودي حاليا، وسون هيونغ مين قائد توتنهام، وذلك عندما قاما بالترويج لمجموعة رموز غير قابلة للاستبدال تعرف بـ"NFTSTAR".

وكان نيمار أحد الناشطين في شراء هذه المجموعات، إذ قام في العام ذاته باقتناء عملين من مجموعة "Bored Ape Yacht Club" أو ما يسمى بـ"نادي يخت القرد الضجر"، وسدد المبلغ من خلال العملة المشفرة "Ethereum".

ولحق بهم فيما بعد عدد من نجوم الكرة من السابقين مثل جون تيري وواين روني، والحاليين مثل رونالدو ولاعب ليفربول أرنولد، الذي اقتنى صورة للملاكم محمد علي كلاي، وتامي أبراهام وغيره.

في فبراير 2022، اطلق نادي ليفربول الإنكليزي مشروعه الخاص من الرموز غير المستبدلة، وذلك من أجل منح مشجعيه فرصة أن يصبحوا "أبطالا" في النادي، عبر شراء الرموز المعروضة للبيع.

وتمثل المشروع في عرض 24 لوحة رقمية، هي عبارة عن كشف الفريق المكون من 23 لاعبا، إلى جانب المدرب الألماني يورغن كلوب.

وأثار المشروع الكثير من السخرية، والقليل من الحماس بين الجماهير، ما تسبب لاحقا في فشله.

وكان ليفربول يطمح لبيع 170 ألف صورة رقمية مشفرة، لتضخ في خزينته 8.5 ملايين إسترليني (تذهب 10% منها إلى المؤسسة المجتمعية في النادي)، لكنه لم يبع سوى 6% فقط منها، كما تدنت قيمتها بشكل كبير.

وبدوره، كشف نادي مانشستر يونايتد عن مجموعته من الـ"NFTs"، وطرحها لجماهيره من أجل شرائها.

وجاءت الرموز غير القابلة للاستبدال بالتعاون مع شركة (تيزوس) للعملات المشفرة، التي ترعى مركز التدريبات في النادي.

لكن (تيزوس) تعرضت لضربة موجعة في فبراير، إذ فقدت عملتها الرقمية المشفرة نحو 85% من قيمتها، بحسب "ذا اثلتيك".

لكن يونايتد أكد بأنه مشروعه من الرموز غير المستبدلة لا يزال واعدا، إذ لا يكلف الجماهير الكثير من الأموال كليفربول وبقية الأندية، مثل كراولي تاون المشارك في دوري الأولي بإنكلترا، والذي ثارت جماهيره على ملاكه بسبب الخسائر التي تعرضها لها جراء شراء رموز غير قابلة للاستبدال.

تقوم فكرة الأندية على بيع رموز غير مستبدلة لجماهيرها في الأساس على جانب عاطفي، حيث تعزز ارتباطهم بناديهم، إلى جانب اقتنائهم صورة أو رسمة مشفرة وحصرية لهم فقط، لا يسمح بتداولها بدون الرجوع إليهم.

ولكن مقابل ذلك الولاء، تمنح الأندية المشجعين ممن اشتروا هذه الرموز بعض الميزات التفضيلية، مثل الدخول إلى منطقة اللاعبين، والحصول على خصم عند شراء منتجات النادي.

وفي حالة يونايتد، يحق لمشتري الـ"NFTs" المشاركة في فعاليتك "أسال نجمك"، ليجيب لاعبه المفضل على سؤاله.

أكد تقرير إحصائي أجراه موقع "داب غامبل" ونقلت نتائجه الغارديان البريطانية، أن عشرات الألاف من الرموز غير القابلة للاستبدال "NFTs" باتت الآن بلا قيمة حقيقة، وذلك بعد انتشار غير مسبوق لها بداية من العام قبل الماضي.

ودرس التقرير نحو 69.795 أصلا رقميا من إجمالي 73.257 أصلا، ووجد أن قيمتها الحالية باتت تساوي صفرا، ما يعنى تكبد من أشتروها خسائر مالية ضخمة.

وأشار التقرير إلى امتلاك قرابة الـ23 مليون شخصا حول العالم، لرموز غير قابلة للاستبدال حاليا، موضحا أن 79% منها غير مباع، وفاقد لقيمته تماما.

ورغم هذه الأرقام الصادمة، فإن تقارير أخرى تشير إلى أن هذه الرموز تحاول الآن تجميع أنفاسها، في حين توقعت مؤشرات اقتصادية أخرى عودتها مجددا لاسترداد قيمتها، لكن يبدو أن كرة القدم ولاعبيها لن تكرر شغفها بها مجددا، بسبب الخسائر أولا، وأيضا الجدل الذي صاحب انتشارها قبل عامين.