من بوابة الحرب.."سبيرو سباتس" تعود للحياة في مصر

في رحلة البحث عن بدائل لمنتجات شركات المياه الغازية الكبرى، تصدرت "سباتس" المشهد العام في سوق المياه الغازية بمصر كمنتج وطني 100% بديلًا لمنتجات العملاقين بيبسي وكوكاكولا.

الاستجابة لدعوات المقاطعة أدت إلى نفاد منتجات سباتس من منافذ البيع التي شملتها الجولة في أحياء القاهرة والجيزة، بالرغم من مضاعفة الشركة حجم إنتاجها خلال الأسبوعين الماضيين.

الرواج الكبير لمنتجات الشركة غير المشهورة إلا من بعض مناطق القاهرة القديمة، ظهر في حركة المبيعات التي تضاعفت بنسبة 350% منذ بدء الحرب.

في عام 1920 أنتجت مصر أول زجاجة مياه غازية "ليمونادة سباتس" لشركة "سبيروسباتس" التي حملت اسم صاحبها اليوناني الذي جاء إلى مصر طفلًا عمره 15 سنة وتعلم في المدارس المصرية.

أسس سبيرو مع شقيقيه الشركة والمصنع الذي نوّع إنتاجه ليتجاوز ليمونادا، نكهة الليمون، لأكثر من طعم.

منتجات سباتس انتشرت في القرن الماضي انتشارا واسعا بدءا من الديوان الملكي في عهد الملك فاروق، بالقاهرة و مرورًا بمحافظات الدلتا والصعيد.

مع تبني سياسة الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات (1970/ 1981)، خفت نجم زجاجة المياه الغازية التي احتلت عرش السوق لسنوات بسبب المنافسة الشرسة التي واجهتها مع علامات تجارية متعددة الجنسيات واستثمارات ضخمة.

بيعت الشركة من ورثة ملّاكها اليونانيين عام 1998 لرجل الأعمال المصري طلعت عطوان بخيت، صاحب إحدى شركات المياه الغازية الصغيرة التي تدعى سابسا للمياه الغازية.

سارت معدلات الإنتاج بوتيرة هادئة تكاد تكفي للإبقاء على الشركة مفتوحة إلى أن تم بيع المصنع عام 2014، وتوقفت الشركة عن العمل بعد وفاة الأب المؤسس.

جاء العام 2019، وقرر الورثة لاحقًا استعادة النشاط وفتح الشركة عبر تأجير خط إنتاج من أحد المصانع، لتعود الزجاجة مرة أخرى للسوق المصري، لكن بشكل خافت.

بالرغم من أن سباتس عادت للسوق منذ 4 سنوات إلا أن العودة الحقيقية لها كانت في أكتوبر الماضي، وعقب الانتفاضة الشعبية ضد منتجات كوكاكولا وبيبسي، بعد دخولهما في قوائم المقاطعة.

النتيجة جاءت مباشرة، لدرجة ارتفاع مبيعات الشركة 350% خلال ثلاثة أسابيع، بحسب بيان رسمي صادر عنها، وهو ما دفع الشركة لفتح باب التوظيف.

في يوم واحد استقبلت الشركة 15 ألف طلب يرغبون بالعمل لدى الشركة.

سباتس، استغلت حالة التعاطف الشعبي، فعكفت على توسيع نطاق التوزيع. وبدلا من اقتصارها على بعض المناطق في محافظتي القاهرة والإسكندرية، وسعّت الشركة خط سير مندوبيها لنحو نصف محافظات مصر.

بالرغم زيادة مبيعات الشركة أكثر من ثلاثة أضعاف خلال أيام إلا أن الشركة لم تعلن عن خطط توسعية، بخلاف زيادة الإنتاج والعمالة.. فما السبب؟

يشرح لبلينكس، عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية أحمد عمران، أن الشركة تخشى من أن يكون نمو الطلب على منتجاتها وليد لحظة تعاطف مع القضية الفلسطينية وما أن تهدأ الأوضاع حتى يعود المستهلكون للمنتجات المنافسِة الشهيرة مرة أخرى.

تعد مخاوف التوسع من قبل سباتس في السوق المصري، مشروعة في ضوء منافسة ضارية من مصانع عالمية مثل بيبسي وكوكاكولا وهي المصانع التي تستحوذ على 90% من حجم السوق المصري.

تمتلك شركة بيبسي مصر حصة سوقية تتراوح بين 45 و46%، بحسب بيانات الشركة، وتمتلك بيبسيكو العالمية 8 مصانع في مصر تنتج 9 علامات تجارية في قطاع المشروبات المُحلّاة، والمياه المعبأة، والمياه الغازية.

كما عملت الشركة على تكثيف استثماراتها، حيث تم ضخ استثمارات تجاوزت 500 مليون دولار لإضافة خطوط إنتاج جديدة، أما شركة كوكاكولا، فتمتلك حصة سوقية تصل لنحو 44% من إجمالي سوق المشروبات الغازية في مصر.

"الحصة المسيطرة للشركتين، بيبسي وكوكاكولا، تجعل من السابق لأوانه الحكم على تأثر مبيعاتهما بدعوات المقاطعة"، بحسب عمران الذي قال إنه "من الصعب الحكم على تأثير المقاطعة، نظرا لحداثة الدعوات التي تحتاج على الأقل لثلاثة أشهر لتقييم آثارها بشكل محاسبي صحيح".

يشرح عمران لبلينكس وجود بعض مؤشرات أولية على تأثر مبيعات عمالقة المياه الغازية في مصر، وهي التخفيضات التي طرحتها شركة كوكاكولا مؤخرا على منتجاتها بالرغم من عدم وجود موسم للتخفيضات.

يقول عمران إن مسيرة سباتس في السوق المصري قد تواصل رحلة صعودها حال استغلت الشركة بشكل أفضل اللحظة التاريخية الحالية وتوسعت في خطوط إنتاج وأدخلت نكهات جديدة.

يشرح عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية المصرية أن الشركة لديها ميزة تنافسية عالية مع الشركات الكبرى، هي السعر. إذ أن سباتس أقل من منتجات الشركتين العملاقتين بنحو 20% وهو ما يمنحها قوة تسويقية حال كثفت الإنتاج والتوزيع خلال الفترة القادمة التي يمكن أن تحمل مزيدا من المفاجآت.