الاقتصاد العالمي.. تفاؤل في الغرب وعدم يقين بالشرق الأوسط

قبل عام واحد، كان العديد من الاقتصاديين في الولايات المتحدة على قناعة بأن الولايات المتحدة تتجه نحو ركود معتدل، وأن أوروبا ستواجه ركوداً أعمق، وأن الصين ستتمتع بانتعاش قوي.

اليوم اختلفت الرؤية، ففي منطقة اليورو تم تجنب الركود، وفي الولايات المتحدة يلوح هبوط ناعم، في حين تكافح الصين لاستعادة اقتصاد ما قبل كوفيد وتجنب أزمة في قطاعها العقاري، وفق التقرير.

جان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في Goldman Sachs، في العاصمة الأميركية واشنطن، أوضح خلال ندوة افتراضية شاركت فيها بلينكس، حول التوقعات الاقتصادية خلال العام الجاري، أن وتيرة التضخم في الولايات المتحدة، قد تنخفض مع إمكانية تحقيق معدل نمو قريب من الـ2%.

جوش ليبسكي، مدير أول بمركز الاقتصاد في المجلس الأطلسي، أشار إلى أن النتائج التي حققها الاقتصاد الأميركي العام الماضي، كانت لافتة، قائلا: "كانت التوقعات لا تتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 1 %. وانتهى بنا الأمر بالوصول إلى نحو 2.4%".

كما اتفق معه هاتزيوس، قائلا: "الناتج المحلي الإجمالي هو مجرد مؤشر واحد لكيفية أداء الاقتصاد وقوة النمو، ولقد جاء بالفعل أعلى بكثير مما كنا نتوقعه، أيضا إذا نظرنا إلى مؤشرات سوق العمل، فسنجد أن الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة أعلى من المتوقع، كما أن معدل البطالة لم يتغير طوال الشهور الـ12 الماضية".

وتساءل هاتزيوس: "لماذا ذهبت الأمور أفضل مما توقعه الكثيرون؟ ولماذا لم نصل إلى الركود بالرغم من كل التوقعات السلبية في 2023؟"، مشيراً إلى أن السبب الرئيسي هو الدورات التجارية المدفوعة بالطلب والتضخم التي يحركها الاحتياطي الفيدرالي، أي التدخلات المالية للبنك الفيدرالي الأميركي.

تقرير البنك الدولي أشار كذلك إلى أن الاقتصاد العالمي أصبح في وضع أفضل مما كان عليه قبل عام، إذ انحسر خطر الركود، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قوة الاقتصاد الأميركي، محذراً من أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة يمكن أن تخلق مخاطر جديدة على المدى القريب للاقتصاد العالمي.

من جهته، توقع الخبير الاقتصادي هاتزيوس نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1%، على الرغم من أن الإجماع في الشارع هو 1%.

في الوقت نفسه لا يزال لدى بعض الخبراء توقعات متشائمة بخصوص الأداء الاقتصادي لأميركا خلال العام الجاري، وتشير توقعات بلومبرغ إلى أن احتمال حدوث ركود في الشهور الـ12 المقبلة لا يزال 50% في الواقع، لكن هاتزيوس، قال "لا أعتقد أن هناك سبباً وجيهاً للتنبؤ بالركود".

وأوضح، مع انخفاض التضخم بشكل كبير للغاية واستمرار الأجور في النمو بوتيرة لائقة، من المرجح أن ينمو الدخل الحقيقي بنحو 3% في عام 2024، وليس بسرعة 4% التي شهدناها في عام 2023.

كما أصبحت التوقعات على المدى المتوسط قاتمة بالنسبة للعديد من الاقتصادات النامية، وسط تباطؤ النمو في معظم الاقتصادات الكبرى، وتباطؤ التجارة العالمية، والأوضاع المالية الأكثر تشدداً منذ عقود.

ومن المتوقع أن يبلغ نمو التجارة العالمية في عام 2024 نصف المتوسط فقط في العقد الذي سبق الوباء. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تظل تكاليف الاقتراض بالنسبة للاقتصادات النامية، خاصةً تلك ذات التصنيف الائتماني الضعيف، مرتفعة مع بقاء أسعار الفائدة العالمية عند أعلى مستوياتها منذ أربعة عقود من الزمن المعدلة حسب التضخم.

توقع تقرير البنك الدولي أنه بنهاية عام 2024، سيظل 40% من البلدان منخفضة الدخل، أكثر فقراً مما كانت عليه قبل تفشي جائحة كورونا في عام 2019.

أما في الاقتصادات المتقدمة فمن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 1.2% هذا العام انخفاضاً من 1.5 % في 2023.

وقال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول للرئيس: "ما لم يحدث تصحيح رئيسي للمسار، ستكون السنوات العشر من 2020 إلى 2030 عقداً من الفرص الضائعة، وسيظل النمو ضعيفاً على المدى القريب، وسيؤدي ذلك إلى حدوث ارتباك في العديد من البلدان النامية، لا سيما الأشد فقراً منها، وستؤدي معدلات الديون العالية إلى شل قدرات هذه البلدان، بل سيكون من الصعب للغاية توفير الغذاء لواحد من كل ثلاثة أشخاص تقريباً".

تقرير البنك الدولي، أشار كذلك إلى أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واجها بالفعل تحديات كثيرة ورياحا اقتصادية عكسية شملت تخفيضات إنتاج النفط، وارتفاع التضخم، وضعف نشاط القطاع الخاص في الاقتصادات المستوردة للنفط في عام 2023، مما تسبب في تباطؤ النشاط الاقتصادي إلى 1.9%.

كذلك أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى تفاقم حالة عدم اليقين بشأن توقعات النمو في المنطقة.

وأكد البنك الدولي، أنه بافتراض عدم تصاعد الصراع في المنطقة، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.5 % في عام 2024.

ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 3.6% في عام 2024، و3.8% في عام 2025.

وعن الوضع في مصر، تشير التقديرات إلى تباطؤ النمو في السنة المالية الجارية، بسبب القيود على الواردات، وانخفاض القوة الشرائية للأسر، وتباطؤ نشاط الشركات.

أما المغرب فتشير التقديرات إلى انتعاش النمو هناك، على الرغم من الزلزال الذي ضرب البلاد في سبتمبر الماضي.

وبشكل عام، فإن توقعات البنك الدولي تشير إلى أنه في البلدان المستوردة للنفط، من المتوقع أن يرتفع النمو إلى 3.2% هذا العام، و3.7% في 2025.

وحول الوضع في الأراضي الفلسطينية، أكد تقرير البنك الدولي، أنه لا تزال الآفاق الاقتصادية للضفة الغربية وغزّة غير مؤكدة إلى حد كبير، مع توقع انكماش النمو بنسبة 6% في عام 2024، بعد انكماش بنسبة 3.7% في عام 2023، بعد موجة الدمار الهائل للأصول الثابتة في القطاع.