"القرض الحسن".. ماذا نعرف عن "مخزن ذهب" حزب الله؟

تقول المؤسسة المالية إن الجمعية تمنح قروضا مالية لقاء رهن ذهبٍ لديها.

كذلك، يمكن لأي شخص إيداع أموال لدى المؤسسة على أن يأخذ لقاء تلك الوديعة قرضاً يسدد ثمنه لاحقا.

تقول مها، 54 عاماً، وهي إحدى المستفيدات من الجمعية، لبلينكس، إنها أودعت أونصات ذهبية كانت لديها في أحد فروع القرض الحسن، فحصلت على مبلغ مالي لقاء هذا الإيداع، وتحديداً بقيمة 70% تقريباً من أصل قيمة الذهب.

تلفت السيدة إلى أنها تسدد شهرياً مبلغا يتراوح بين 40 و70 دولارا، وذلك من خلال سندات مصرفية ممهورة باسم الجمعية.

تُعد الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تمثل معقلا أساسيا لحزب الله وذراعه المالية التي تمتلك أكثر من 30 فرعاً في مختلف المناطق اللبنانية.

من الضاحية، تُدار جميع العمليات الخاصة بالمؤسسة، وتحديداً من فرع رئيسي في منطقة بئر العبد التي تُعد أساس البيئة الحاضنة للحزب.

مصادر قالت لبلينكس، إن المؤسسة ما تزال مستمرة بعملها في الإطار المذكور، فهي حتى الآن تتلقى طلبات إيداع جديدة، لا سيما في فروع الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، علما بأن إسرائيل هددت بقصف تلك المنطقة مرات عديدة خلال التوتر الأخير.

أبرز مصادر تمويل جمعية القرض الحسن هي إيداعات العملاء لديها سواء من ذهب أو مبالغ مالية بالعملة الصعبة، بحسب مصدر لبلينكس.

وحسب المصدر فإن هناك مستثمرين وممولين لبنانيين يودعون مبالغ مالية طائلة لدى الجمعية، بغية استثمارها باسم "المشاريع الخيرية".

القروض الممولة من القرض الحسن واصلت نموها بالرغم من العقوبات، وارتفعت من 76.5 مليون دولار في عام 2007 إلى 467 مليون دولار في عام 2018 و480 مليون دولار في عام 2019.

ووصلت قيمة المعاملات الإجمالية للجمعية منذ العام 1983 حتى نهاية العام 2019 إلى 3.5 مليار دولار.

يُعد القرض الحسن المؤسسة المالية الأكثر أهمية بالنسبة إلى حزب الله في لبنان، علماً أنها تواجه اتهامات رسمية أميركية بتورطها في عمليات تبييض أموال.

بحسب مصادر بلينكس، فإن الحزب بإمكانه الاستفادة من إيداعات الذهب والأموال لدى الجمعية من خلال استثمارها في مشروعات يديرها داخل لبنان.

المصادر تقول، إن الحزب يمتلك مستشفيات ومؤسسات تجارية تدر له الأموال، وعليه فإن بإمكانه الاستفادة من إيداعات القرض الحسن لتطوير تلك المؤسسات، ورد الأموال إلى المؤسسة من خلال الإيرادات التي يحصل عليها.

المخاوف من سيناريو تبخّر تلك الأموال واردة، لا سيما في حال تعرض مؤسسات الحزب لانتكاسات أو لتدمير خلال أي حرب محتملة مع إسرائيل.

مصدر مالي لبناني، اشترط عدم الكشف عن اسمه، قال لبلينكس، إن أي ضربة تطول مؤسسات الحزب قد تهدد أموال القرض الحسن واستثماراته، وبالتالي فقدان شريحة من اللبنانيين أموالهم مثلما حصل مع الإيداعات في المصارف التجارية عام 2019.

أحد المستفيدين من الجمعية، يقول لبلينكس إنه لم يتلقّ أية رسالة ضمان من المؤسسة بشأن مصير الذهب الخاص به في حال تعرض مراكز المؤسسة للقصف، يقول: "كان من المفترض أن نتلقى أي إشارة بهذا الخصوص، لكن هذا الأمر لم يحصل".

الشبهات التي تحوم حول مصادر تمويل القرض الحسن والسُّلف التي يمنحها، تشكّل ضربة للقطاع المالي في لبنان، كما أنها تمثّل عنواناً لعمليات تبيّيض الأموال.

المصدر المالي، الذي تحدث لبلينكس، ذكر أن الجمعية لا تخضع لرقابة مصرف لبنان، كما أنها تمنح الدولارات للمواطنين وترهن الذهب، دون أي شروط قانونية مرتبطة بالدولة.

بحسب المصدر، فإن السرية التي تحيط بمصادر أموال المؤسسة تطرح تساؤلات عن هويتها ودورها وقانونيتها.

الأمر الأكثر خطورة، بحسب المصدر، يتمثّل في أن بيانات فئة كبيرة من اللبنانيين موجودة لدى هذه المؤسسة، وبالتالي يسهُل على حزب الله الوصول إليها كونه يسيطر على المؤسسة.

في جنوب لبنان حيث مناطق الاشتباك مع إسرائيل، تنتشر فروع القرض الحسن، لكن أنشطة بعضها متوقفة مرحلياً بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية، كما يقول مواطنون في جنوب لبنان لبلينكس.

أحد أبرز الفروع التابعة للجمعية في الجنوب يقع في منطقة كفر كلا التي تشهد توتراً كبيراً. المركز هناك يقع مباشرة على الطريق العام، كما أنه قريب جداً من الحدود مع إسرائيل.

مصادر بلينكس قالت أيضا، إن المؤسسة أفرغت المكاتب التابعة لها في مناطق التوتر ضمن الجنوب من جميع المستندات والمحتويات، قبل نقلها إلى بيروت تحت غطاء وحماية من حزب الله.

هناك أيضاً فروع أخرى منتشرة في جنوب لبنان لا سيما في مدينتي بنت جبيل والنبطية، وحومين الفوقا التي وصل القصف الإسرائيلي إلى أطرافها خلال شهر يناير الماضي.

منذ 8 أكتوبر الماضي، نزح أكثر من 85 ألف مواطن لبناني من جنوب لبنان بسبب التوتر مع إسرائيل.

حالة النزوح أنتجت نشاطا كثيفاً من قبل فئتين من المستفيدين: الفئة الأولى أرادت سحب أموالها من المؤسسة أو جزء منها، بهدف توفير سيولة مالية لتكبد أعباء النزوح.

أما الفئة الثانية فتمثلت بتوجه أشخاص لرهن الذهب لدى المؤسسة، لاعتقادها أنها مكان آمن لإيداع الأموال والأصول فيها، خصوصاً في حال حصول حرب.