"رأس الحكمة" تنعش الأسواق المصرية

"اختفت عبارة البيع بالدولار من صفحات الترويج للسيارات المستعملة"، يقول حاتم (اسم مستعار) عن التغير الذي حل برحلته التي طالت لأشهر بهدف شراء سيارة مستعملة بالعملة المحلية، بعدما تسبب شح العملة الأجنبية في دولرة أسعار سلع كثيرة بالسوق المصرية من بينها السيارات.

يوضح حاتم لـبلينكس أنه استقبل اتصالات هاتفية كثيرة من أصحاب المعارض التي زارها سابقا لشراء سيارة مستعملة، بهدف الإعلان عن البيع بالعملة المحلية وبتخفيضات وصلت لـ15%، مقارنة بأسعار بداية فبراير، بحسب حاتم الذي قرر في وقت سابق تأجيل شراء سيارة بسبب ارتفاع الأسعار من جانب، وامتناع العارضين عن البيع بالجنيه المصري من جانب آخر. ويقول حاتم "لازال قرار الشراء مؤجل، ولكن هذه المرة بانتظار السعر العادل، لا لعدم حيازتي للدولار كما حدث في السابق".

وكانت أسعار السيارات الجديدة والمستعملة قد شهدت زيادات متكررة خلال 2023 بسبب أزمة شح الدولار.

المزيد من انخفاض الأسعار الذي ينتظره "حاتم" لشراء سيارة، هو نفسه السبب الذي دفع حسام، (اسم مستعار)، صاحب معرض سيارات بالقاهرة، يُحرك طلبات الشراء المدرجة في قائمة الانتظار خوفا من استمرار تراجع الأسعار واقلاع بعض المشترين عن تنفيذ الطلبيات.

ويقول حسام لـبلينكس " البضاعة اللي عندي متعسرة بسعر دولار السوق السوداء وعلشان كده اي تراجع في السعر خسارة ليا هحاول ابيع قبل الاسعار ما تنزل تاني" موضحًا أن السيولة الدولارية التي ستُضخ في السوق ستقود حتما نحو مزيد من انخفاض الأسعار.

يمتد الأثر الاقتصادي للصفقة بين مصر والشركة الإماراتية من رأس الحكمة في شمال مصر إلى أقصى الجنوب، حيث استأنف محمد مهتدى بناء منزل العائلة بعد تراجع أسعار الحديد مؤخرا بشكل تدريجي عقب الإعلان عن الصفقة الاستثمارية، حيث كان مهتدى قد بدأ إعادة بناء منزل العائلة المكون من ٣ طوابق في أكتوبر الماضي، وفور انتهائه من بناء الطابق الأول في يناير 2024، كان سعر طن الحديد قد ارتفع من 32 ألف جنيه لـ58 ألف جنيه بحسب مهتدى، وهو ما كان دافعا للتوقف عن استكمال باقي الطوابق والتي كان من المقرر تشييدها حتى يتزوج فيها إخوته.

"أجلنا البناء في البيت وأجلنا موعد الفرح أيضا بعد ارتفاع أسعار مواد البناء كلها"، "بس دلوقت بدأنا نشتغل في البيت تاني بعد ما الأسعار نزلت في الأيام الأخيرة"، يقول مهتدى وكله تفاؤل، وهو ينتهي من البناء ليحدد موعد زفاف أخويه.

وفي السياق نفسه، يتوقع عضو شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، أحمد الزيني، استمرار تراجع حديد البناء بعد ضخ السيولة الدولارية في السوق، واستيراد مواد خام بسعر السوق الرسمي، موضحا أن بعض المنتجين سعروا منتجاتهم بسعر الدولار في السوق الموازية وهو ما رفع الأسعار خلال الأشهر القليلة الماضية.

"الذهب نزل والدولار نزل، إن شاء لله الأكل والشرب كمان قبل رمضان"، تقول إسراء أحمد، المعلمة، لـبلينكس، موضحة أنها أرجأت و أسرتها شراء متطلبات منزلها الشهرية، وهي تأمل في انخفاض أسعار المواد الغذائية.

وتضيف إسراء، الأشهر الماضية كانت قاسية جدا من حيث الأسعار ووفرة السلع، قائلة "الحاجات إما غالية زي الأكل أو مش موجودة وناقصة زي الأدوية".

أمنية تراجع أسعار الغذاء لا تخص إسراء وحدها، بل هي أمنية جماعية للطبقات المتوسطة والفقيرة في مصر التي بلغت فيها معدلات التضخم السنوية لبندي الطعام والشراب نحو 60% بنهاية ديسمبر من العام ٢٠٢٣، مدفوعة بشح العملة الأجنبية.

وعن موعد الانفراج المرتقب في سوق الأغذية يقول عضو بشعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية، طلب عدم ذكر اسمه "بمجرد الإفراج عن البضائع المحتجزة في الجمارك ستشهد أسعار الغذاء تراجعا تدريجيا"، موضحا أن، التراجع الملحوظ في الأسعار، سيشعر به المواطن عقب انتهاء الشحنات المستوردة بسعر دولار السوق الموازية والتي تم استيرادها سابقا.

ولفت إلى أن هناك بعض السلع التي سوف تشهد انفراجه من حيث الوفرة مثل السكر، والبعض الآخر سيشهد انفراجه سعرية مثل منتجات الألبان والزيوت ومنتجات القمح.