كيف يتأثر المواطن المصري "بالتعويم الجديد"؟

في أقل من ساعة من قرار المركزي المصري بتحرير سعر الصرف، انخفضت قيمة الجنيه من 30.9 جنيها لكل دولار إلى أكثر من ٤٧ جنيها (حتى الساعة ١١ بتوقيت القاهرة)، وما زال التحديث على السعر مستمرا في مختلف البنوك المحلية والحكومية، حتى نشر هذا التقرير.

وبلغ سعر الدولار في السوق الموازية 73 جنيها خلال الأسابيع القليلة الماضية، قبل أن ينخفض بعنف ويصل إلى مستوى 40 جنيها قبل قرار البنك المركزي بأيام معدودة.

النبأ الأهم الذي ينتظره المواطن المصري، هو مدى تأثير التعويم على حياته اليومية، وربما اللحظية، نظرا للتغيُر اللحظي في الأسعار الذي يعيشه الشارع المصري منذ أسابيع، وقت أن بدأ سعر الدولار يصعد في السوق الموازية بشكل مباغت، وحتى جاء التحريك الرسمي في السعر ليكمل على نفس وتيرة الصعود.

"التعويم هذه المرة يعتبر خبرا إيجابيا"، عبارة قد تبدو غريبة للخبير الاقتصادي المصري الدكتور محمد فؤاد، الذي أوضح لبلينكس أن تعويم الجنيه يوجّه ضربة للسوق الموازية، معربا عن أمله "في اختفائها تماما".

يشرح عضو مجلس النواب السابق، أن السعر الآن أقل بنحو 20 جنيها (حتى الآن)، من الأسعار التي تم التعامل بها خارج المصارف الرسمية في فبراير.

يتوقع فؤاد أن تؤدي قرارات البنك المركزي برفع الفائدة وتحريك سعر الصرف، إلى انحسار تدريجي للأسعار التي ارتفعت بشكل مبالغ فيه بالأسواق المحلية في الفترة الماضية.

وأضاف: "المرونة التي سمح بها البنك المركزي في سعر الصرف مهمة جدا لامتصاص الصدمات الخارجية".

ويرى فؤاد أن إعطاء الدولة أولوية مواجهة التضخم تساهم في استقرار سعر الصرف الأجنبي، وهو الأمر الذي سينعكس على استقرار في الأسعار بالأسواق تدريجيا.

أعلن عدد من المتاجر في مصر تعليق عمليات البيع خلال فترة تحريك سعر الصرف الرسمي، خاصة متاجر الأجهزة الإلكترونية والهواتف المحمولة، ومعارض السيارات والعقارات.

وتعمل المتاجر المتعاملة في الغذاء وكذلك صيدليات الدواء، بصورة طبيعية، مع ترقب شديد للسعر النهائي الذي يستقر عنده سعر الصرف، وبالتالي ينعكس على أسعار السلع بشكل مستمر، حيث من الممكن أن تتغير الأسعار في غضون دقائق لكثير من البضائع.

يرى الدكتور محمد فؤاد، أن البنك المركزي بدأ خطواته العلاجية للسوق المصري المضطرب في الفترة الأخيرة، مطالبا بالاستمرار في خطة الإصلاح وخوض الطريق لنهايته.

وينصح فؤاد بضرورة تخفيض صافي التمويل المقدم من البنك المركزي إلى الحكومة، مؤكدا أن تأثير سعر الفائدة الرسمي على التضخم قليل نسبيا، مشيرا إلى أن خفض التمويل سيساهم في الحد من التضخم بصورة أفضل.

وطالب فؤاد البنك المركزي بإزالة كافة أشكال الهيمنة المالية قبل استهداف التضخم، ومن ضمنها الإنفاق الحكومي التوسعي.

قرارات البنك المركزي من المحتمل أن تنعكس على تحويلات المصريين بالخارج، حيث تعد مصدرا رئيسيا لتوفير النقد الأجنبي في البلاد طوال الأعوام السابقة.

ومع وجود فارق كبير بين السعر الرسمي للدولار في البنوك المصرية، والسعر في السوق الموازية، توقف البعض عن إرسال التحويلات عبر المصارف الرسمية محليا، واتجه إلى السوق السوداء، ما تسبب في حصيلة التحويلات.

البنك المركزي كان قد كشف عن انخفاض حاد في التحويلات بمعدل 29.9% في بيان له خلال يناير الماضي، عن الفترة من يوليو وحتى سبتمبر 2023، إذ بلغت التحويلات 4.5 مليار دولار فقط، مقابل 6.4 مليار دولار في نفس الفترة من عام 2022.

وكان العام المالي 2022-2023 قد شهد تراجعا كذلك في تحويلات المصريين بالخارج ليسجل 22.1 مليار دولار، مقابل 31.9 مليار دولار في العام الذي يسبقه.

وتمنح تحويلات المصريين بالخارج الدولة دخلا من النقد الأجنبي أكثر مما تحققه قناة السويس، حيث سجلت القناة عوائد مالية بلغت 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022-2023، أقل من نصف نسبة التحويلات بعد انخفاضها.