مال وأعمال
.
سلطت هجمات الحوثي، في البحر الأحمر، الضوء، على ملف إدارة السفن المظلم والمعقد.
فباتت ترد أسبوعيا أخبار على شكل "استهداف سفينة ترو كونفيدنس المملوكة ليونانيين وترفع علم باربادوس".
أكبر أسطول في العالم عام 2023
ويرد في الخبر نفسه أن الشركة المسجلة في ليبيريا تمتلك السفينة ترو كونفيدنس، أما الشركة التي مقرها اليونان، ثيرد جانيواري ماريتايم، فهي المشغلة للسفينة.
فبين الدولة المالكة، وتلك المشغلة، والأخرى رافعة العلم، لماذا هذا التعقيد الذي يلف عالم الشحن البحري، الذي تغطيه غيمة سوداء من الغموض؟
يمكن لمالك السفينة الذي لديه عدد كبير من السفن تحت إدارته، تقليل التكاليف وزيادة العائد على الاستثمار، من خلال الاستعانة بمصادر خارجية لجميع أو بعض وظائف الإدارة لشركة ما، خاصة تلك الموجودة في أوروبا حيث تكاليف التشغيل مرتفعة، فتستعين بمصادر خارجية في بعض الدول في آسيا لتوفير المال.
ووفقا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الأونكتاد، فإن ما يقرب من 73% من الأسطول العالمي تُرفع أعلامه في بلد آخر غير بلد الملكية المستفيدة من السفن.
هناك فرق بين الدول التي يتمركز فيها أصحاب السفن، ودول العلم التي تمارس الرقابة التنظيمية على الأسطول العالمي.
في الواقع، في حين تم تقدير اليونان واليابان والصين والولايات المتحدة والنرويج من بين أكبر الدول المالكة للسفن في عام 2018، فإن بنما وجزر مارشال وليبيريا هي إلى حد بعيد أكبر ٣ دول مسجلة للأعلام، وفق ما نقل موقع NGO Shipbreaking Platform.
وتتنافس الشركات على تسجيل السفن بدول تعد بتكاليف أقل من خلال إبقاء الضرائب والرسوم والأعباء التنظيمية الخفيفة.
ورغم التصديق على العديد من الاتفاقيات البحرية واتفاقيات العمل الدولية، فإن لجان المواءمة البحرية تفتقر في كثير من الأحيان إلى الموارد أو الإرادة اللازمة لإنفاذ القانون الدولي بشكل فعال.
يمكن لأصحاب السفن تغيير علم سفينتهم بسهولة وسرعة، ويشار إلى ممارسة تبديل علم السفينة لتقليل التكاليف وتجنب القوانين باسم "تبديل متتالٍ للعلم"، حسب تعريف الأمم المتحدة.
تنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على المسؤولية الأساسية التي تقع على عاتق السفن للبقاء مع دولة علم السفينة.
وتاليا، يجب على كل سفينة تجارية أن تكون مسجلة تحت علم دولة معينة تقع تحت سيطرتها التنظيمية.
دولة العلم، على سبيل المثال، مسؤولة عن تفتيش السفينة وصلاحيتها للإبحار، وضمان السلامة ومنع التلوث، واعتماد الطاقم.
ومن هنا الخلل، فبعض الدول التي تكون المعايير التنظيمية فيها متدنية، يكون هناك متسع للشركات في الدول المالكة للسفن لاستغلال هذا الخلل من خلال تقليل التكاليف عبر تخفيف ضمانات التلوث والسلامة، والتهرب من عدم صلاحية السفينة للإبحار.
وبما أن الحقوق والالتزامات بموجب القانون الدولي تُفرض بشكل أساسي على السفن عبر دول العلم، فهي عامل حاسم في تحديد مدى إنفاذ المعايير الدولية.
ولكن، كقاعدة عامة، ينبغي أن يكون هناك "رابط حقيقي" بين الدولة التي يتم تشغيل السفينة منها وبلد العلم الذي تبحر تحته.
تستتر وراء أعلام المواءمة بصمة بيئية، وورد في تقرير الأونكتاد للعام ٢٠٢٣ أن معظم دول العلم شهدت زيادة في انبعاثات الشحن، في عامي 2012 و2022 لـ33 علما رئيسيا للتسجيل، والدول التي تأتي على رأس القائمة بالترتيب، هي: ليبيريا، وبنما، وجزر مارشال، والصين، وسنغافورة، ومالطا.
دول العلم تأتي في الواجهة، ويحصل ذلك من خلال السهولة التنظيمية، لكن وراء هذه القائمة، مجموعة أخرى من الدول، وهي الدول المالكة للسفن والتي بدورها شهدت ارتفاعا في الانبعاثات، في عامي 2012 و2022 لـ29 دولة رئيسية تمتلك السفن، وعلى رأسها وفق الأونكتاد، الصين واليابان، واليونان، والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا.
فدول العلَم الرئيسية، ليبيريا وبنما وجزر مارشال، والتي تمثل ثلث انبعاثات الكربون الناتجة عن النقل البحري، مسؤولة عن تطبيق معايير الشحن الخضراء الجديدة.
لكن عبء الاستثمار في أنواع الوقود البديلة ومرافق التزويد به والسفن الصديقة للبيئة يقع إلى حد كبير على عاتق أصحاب السفن والموانئ وصناعة إنتاج الطاقة.
يدعو استعراض الأونكتاد للنقل البحري لعام 2023 إلى "انتقال عادل ومنصف" إلى قطاع شحن بحري من دون الكربون.
ويدير هذا القطاع، الذي ارتفعت انبعاثاته من الغازات الدفيئة بنسبة 20% خلال العقد الماضي، أسطولا قديما يعمل بشكل شبه حصري على الوقود الأحفوري.
ستتطلب إزالة الكربون بالكامل بحلول عام 2050 استثمارات ضخمة ويمكن أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الخدمات اللوجستية البحرية.
وقد زادت انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن قطاع النقل البحري، والتي تمثل 3% من الإجمالي العالمي، بنسبة 20% خلال العقد الماضي. ومن دون اتخاذ إجراءات، قد تصل الانبعاثات إلى 130% من مستويات عام 2008 بحلول عام 2050.
ما يزيد الأمور تعقيدا هو الأسطول العالمي القديم. فاعتبارا من أوائل عام 2023، كان متوسط عمر السفينة 22.2 عام.
ومع أن عمر أكثر من نصفها الآن يزيد على 15 عاما، فإن العديد من السفن إما قديمة جدا بحيث لا يمكن تحديثها، وإما أصغر من أن يتم التخلص منها.
قالت القيادة المركزية الأميركية إن ٣ بحارة قتلوا في هجوم صاروخي شنته جماعة الحوثي اليمنية على سفينة تجارية، الأربعاء، وهو أول حادث ترد تقارير عن سقوط قتلى خلاله منذ بدء الحوثيين المتحالفين مع إيران شن هجمات على حركة الشحن في أحد المسارات البحرية الأكثر ازدحاما على مستوى العالمي.
وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم الذي تسبب في اندلاع حريق بالسفينة ترو كونفيدنس المملوكة ليونانيين وترفع علم باربادوس على بعد نحو 50 ميلا بحريا عن ميناء عدن على ساحل اليمن.
ويهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر، وتشن بريطانيا والولايات المتحدة هجمات انتقامية عليهم.
ودعا الأمين العام للاتحاد الدولي لعمال النقل، وهي نقابة البحارة الرئيسية، ستيفن كوتون، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأعضاء.
وقبل أيام، أصبحت ناقلة البضائع السائبة المملوكة لبريطانيين، روبيمار، أول سفينة تغرق جراء هجوم للحوثيين، وذلك بعد أن ظلت طافية أسبوعين بعد تعرضها لأضرار جسيمة في هجوم صاروخي. وأُجلي جميع أفراد الطاقم من تلك السفينة سالمين.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة