هل تصمد "فولكس فاغن" في وجه العاصفة؟

في نهاية أكتوبر الماضي، أعلنت شركة فولكس فاغن انخفاض أرباحها خلال الربع الثالث من العام الجاري، ما يزيد من أزمتها الطاحنة ويجعل مستقبلها ضبابيا.

وتراجعت الأرباح بعد حساب الضرائب بنسبة ٦٤٪ لتصل إلى ١.٥٨ مليار يورو، وذلك بسبب الأداء السيئ للشركة في السوق الصينية التي كانت تعتمد عليها بشكل أساسي.

وانخفض حجم أعمال الشركة بنسبة ٠.٥٪ ليصل إلى ٧٨.٦٥ مليار يورو، لكن فولكس فاغن كانت قد أعلنت قبل يومين أن عليها تطبيق خطة تقشف نظرا لأن "الوضع خطير".

وقال عضو مجلس إدارة الشركة، جونار كيليان، والمسؤول عن الموارد البشرية: "في الحقيقة نعيش وضعا خطيرا، وبدون تدابير شاملة لاستعادة القدرة التنافسية لن نتمكن من تحمل تكاليف استثمارات كبيرة في المستقبل".

وكانت رئيسة مجلس العاملين، دانييلا كافالو، قد تحدثت عن نية فولكس فاغن لإغلاق عددا من مصانعها وتخفيض أجور وتسريح موظفين، لكن كيليان لم يتحدث عن الأمر بشكل مُفصل، مكتفيا بالحديث عن التقشف.

وتحدث رئيس الشركة، توماس شيفر عن خطوة التقشف مشيرا إلى أن فولكس فاغن لن تستطيع الاستمرار "كما كانت" بدون مثل هذه التدابير الجديدة للتعامل مع الموقف الراهن.

وفي محاولة لتبرير خطوة إغلاق المصانع قال رئيس العلامة التجارية الألمانية: "لا ننتج بما فيه الكفاية، تكلفة المصانع لدينا حاليا أعلى بنسبة ٢٥٪ إلى ٥٠٪ مما خططنا له، وبالتالي فإن بعض مصانعنا في ألمانيا تكلف ضعف ما تكلفه المصانع المنافسة".

ووفقا لمجلس العاملين، تستعد فولكس فاغن لإغلاق ٣ مصانع في ألمانيا، وتسريح عشرات الآلاف من العاملين، بالإضافة إلى تخفيض الأجور لكل العاملين البالغ عددهم ١٢٠ ألف شخص.

على المستوى السياسي، كان لأزمة فولكس فاغن نصيبا كبيرا من الاهتمام، حيث يُمكن أن تعاني العلامات التجارية المحلية الأخرى في ألمانيا بنفس الطريقة على المدى القريب.

ولم تجلس الحكومة الألمانية في مقاعد المتفرجين تترقب قرارات شركة فولكس فاغن، فقد صرح المتحدث باسم الحكومة في برلين، الاثنين ٢٨ أكتوبر بأنه "يجب الانتظار" لمعرفة كيف ستتصرف الشركة.

وقال المتحدث إن موقف المستشار الألماني أولاف شولتس واضح وهو أن أي قرارا إدارية محتمل أن يكون تم اتخاذها في الماضي، لا ينبغي تحميلها للعاملين، مشيرا إلى أهمية الحفاظ على الوظائف وضمان استمراريتها.

ولم تصدر حتى الآن فولكس فاغن أي بيانات رسمية لتؤكد تسريح عشرات الآلاف من الموظفين، وغلق المصانع الثلاثة، لكن الحكومة الألمانية طالبتها بضرورة العمل على الوظائف.

وقالت كافالو إن مجلس إدارة فولكس فاغن أبلغ ممثلي العاملين بهذه الخطط قبل أن يُعلن عنها بشكل رسمي، وذلك خلال فعالية توعوية في فولفسبورغ حيث يقع مقر الشركة الرئيسي.

وتحاول رئيسة مجلس العاملين التصدي لخطط تسريح الموظفين، وأكدت أنها ستعمل على منع فولكس فاغن من اتخاذ مثل هذه القرارات، مدعمة بتوجه الحكومة الألمانية.

حذرت المجالس المحلية في ألمانية من العواقب التي يُمكن أن تحدث على الاقتصاد إذا أقدمت فولكس فاغن على إغلاق بعض مصانعها وتسريح الموظفين.

وفي حديث لصحيفة "بيلد" الألمانية قال أندرية بيرجيجر رئيس اتحاد المدن والبلديات الألمانية إن تسريح الموظفين وإغلاق المصانع لا يُمثل فقط ضربة قوية للمجتمعات المحلية، وإنما يُعد تحذيرا لألمانيا كمكان لممارسة الأعمال الاقتصادية.

وتحدث بيرجيجر عن الإغلاق المحتمل للمصانع، مشيرا إلى أن المجتمع سيتضرر بشكل واضح، مضيفا: "يعد هذا الأمر تهديدا كبيرا بخسائر في الضرائب وتدهور لمكانة المواقع الموجودة بها المصانع.

كما حذر بيرجيجر من امتداد التأثيرات السلبية إلى الأوضاع المالية للبلديات وعواقب أكبر على العمال في المستقبل.

ويُعد مصنع فولكس فاغن في مدينة أوسنابروك مهددا على وجه الخصوص بالإغلاق، بعد أن فقد مؤخرا العديد من الصفقات أبرزها من شركة بورشه.

يرى رئيس معهد "إيفو" الاقتصادي في ألمانيا، كليمنس فوست، بأن أزمة مجموعة فولكس فاغن لم تكن وليدة اللحظة، وأنها كانت متوقعة منذ فترة، على الأقل بالنسبة له.

وفي حديث مع القناة الثانية بالتلفزيون الألماني، قال فوست: "نعرف منذ فترة طويلة أن التنقل الكهربائي سيؤدي إلى انتقال القيمة المضافة إلى خارج ألمانيا، لأن البطاريات ترد بالأساس من الخارج".

وقال فوست إن ألمانيا ليست لديها ميزة تنافسية في مجال بطاريات السيارات الكهربائية، وهذا يشير إلى أن صناعة السيارات قد تتقلص في البلاد خلال السنوات المقبلة.

وكان فوست صادما للغاية عندما قال "على الموظفين إيجاد فرص عمل في مجالات أخرى خلال الفترة المقبلة، لأن ألمانيا عليها أن تتكيف مع هذا التغيير الهيكلي في الصناعة".

وكانت فولكس فاغن تعتمد على السوق الصينية في نسبة كبيرة من مبيعاتها مثل العلامات الأوروبية الأخرى، لكنها وجدت منافسة متزايدة في الفترة الأخيرة من شركات تصنيع السيارات الكهربائية المحلية في الصين، وفقا لشبكة "سي إن إن".

وتجاوز عدد السيارات المُباعة داخل الصين ٢.٣ مليون سيارة عام ٢٠٢٣، وفقا للتقرير السنوي لشركة فولكس فاغن، لكن النصف الأول من العام الجاري شهد انخفاضا بنسبة ٧٪.