طائفي أم إنساني؟.. اقتطاع طوعي لغزة ولبنان يغضب عراقيين

القرار الحكومي واجه انتقادات من ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ وصفوه بـ"المحاباة" وأن دولا كثيرة لم تفعل ذلك مع العراقيين الذين فروا من المحافظات التي اجتاحتها داعش.

ورأى آخرون أنه كان الأجدر بالحكومة الدفع من رواتبهم وليس من رواتب المواطن الفقير.

آخرون ذكّروا بأزمات العراق المادية والخدمية منوهين للحكومة بضرورة التوجه لاستيعاب البطالة ونسبة الفقر وتخصيص رواتب لهذه الفئات بدل السخاء اللامحدود مع اللبنانيين على أساس طائفي.

المحلل أحمد السراج يقول إن "الدعم اللامحدود لإخواننا اللبنانيين وآخره الاستقطاع من الراتب هو أمر ايجابي لو كان نابعا من شعور وطني"، مبينا أن "التحركات الحكومية والإطارية من خلفها، نابعة من خلفية طائفية وإرضاء للتوجه الإيراني"، متسائلا عن تعامل الحكومة مع النازحين لو كانوا من دولة أخرى ليست ضمن ما يعرف بـ"محور إيران" هل ستكون بنفس الدعم والتحرك؟.

وأكد السراج أن الدعم الإنساني مؤشر جيد ومهم لكنه يجب أن يكون متساو مع الجميع ويراعي الواقع العراقي الذي حتى اليوم يوجد فيه مئات الآلاف من النازحين في شمال البلاد ومحافظات أخرى يعانون الفقر والحاجة.

كما حذر من تكرار الاستقطاعات الإجبارية التي كانت تؤخذ في زمن الرئيس العارقي السابق صدام حسين و"تحولها اليوم إلى دعم المحور الإيراني من دون دعم العراقيين أنفسهم".

مجلس الوزراء العراقي أعلن في الـ19 من نوفمبر خلال جلسة المجلس الاعتيادية الـ47 التي عُقدت برئاسة رئيس المجلس، محمد شياع السوداني، أنه "في إطار الدعم الرسمي والشعبي لأهلنا في غزّة ولبنان، ومن أجل توفير المواد الإغاثية اللازمة لهم، في ظل ما يتعرضون له من ظروف قاسية، وضمن منهج الحكومة في تشجيع العمل والمبادرات التطوعية، صوّت مجلس الوزراء بالموافقة على فتح باب التبرع بشكل طوعي أمام موظفي ومنتسبي الدولة كافة، وذلك باستقطاع نسبة 1% من الراتب والمخصصات، والراتب التقاعدي، لمن يرغب منهم، ويودع المبلغ في حسابات دعم غزة ولبنان بالتساوي، أو وفق الأولويات التي يحددها رئيس مجلس الوزراء، على أن ينفذ هذا القرار ابتداء من تاريخ 1 ديسمبر".

قرار الاقتطاع يأتي بعد أيام قليلة من موافقة العراق، في 13 نوفمبر، على تمديد عقد الفيول الموقّع مع لبنان حتى نهاية شهر يناير 2025 بدلا من نهاية أكتوبر 2024 مع إمكانية زيادة الكمية إلى مليونَي طن سنويا بدلا من 1.5 مليون طن فقط.

وتشير أرقام وزارة الهجرة والمهجّرين إلى وصول نحو 12 ألف نازح لبناني، فيما قال المتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري، الأسبوع الماضي، إن "عدد الوافدين للعراق وصل إلى 36.867 وافدا، غادر منهم 11444 الأراضي العراقية".

لكن المتحدث باسم هيئة المنافذ الحدودية العراقية علاء القيسي، أوضح أن إجمالي العدد يزيد قليلا عن 18 ألف نازح.

ومنذ بدء الأزمة في لبنان، سارعت بغداد على المستويين الحكومي والخاص، إلى إطلاق حملات إغاثة تشمل مواد غذائية ومحروقات، وأرسلت مئات الأطنان من المساعدات إلى لبنان، آخرها قبل أيام وتمثلت بالدفعة الخامسة من المساعدات وبواقع 75 طنا من المساعدات الطبية.

تحدث رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي، خلال لقاء تلفزيوني مع أحد القنوات المحلية عن ازدواجية التعامل الحكومي في تسخير كل الإمكانيات المتاحة لاستقبال النازحين اللبنانيين، مقارنة بتعامل الحكومة مع النازحين العراقيين من حرب تحرير محافظاتهم من داعش، موضحا أن الكثير منهم كان عالقا عند معبر بزيبز وسط رفض الحكومة دخولهم من دون وجود كفيل لهم يسكن في بغداد أو المحافظات الأخرى. وعن هذا التباين في التعامل يقول "ليش مو اني أخوك".

في المقابل، يرى الكاتب محمد الخباز، أن "فتح الحدود العراقية على مصرعيها قرار بحاجة إلى المزيد من التأمل، كون أعداد اللاجئين يتزايد، وهو ما سوف ينعكس على الوضع العراقي ويزيد من بطء حركة المقررات الخدمية والاقتصادية للبلاد".

ويؤكد أن "الإمعان في التعاطف الإنساني والوطني، لابد وأن يأخذ بالحسبان محدودية الإنفاق وعدد من يوفدون إلى العراق، في إطار المساعدة العراقية للشعب اللبناني في محنته التي يمر بها".