تسريح وتقليص.. الوظائف تهرب من وادي السيليكون
إذا كنت تعمل في مجال التكنولوجيا فأنت آمن وظيفيا، هكذا كان يقال، لكن الأمر في وادي السيليكون الأميركي لم يعد كذلك، فالخوف يتزايد بين العاملين فيه من عمليات التسريح، وساعات العمل الأطول، وقائمة متزايدة من المسؤوليات مقابل الأجر نفسه.
في الفترة الأخيرة، سرحت شركة ميتا المالكة لفيس بوك، واتس آب، إنستغرام، 5% من قوتها العاملة بناءً على الأداء، وفرضت قيودًا جديدة على سفر الموظفين، أما أمازون فصارت تراقب أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالموظفين أثناء العمل، بعد أن كانت هذه المؤسسات تحظى بأجواء عمل مميزة من طاولات البينغ بونغ، والرحلات الخارجية، إلى فكرة أن ارتداء "الهوديز" مقبول في بيئة العمل، بحسب
وول ستريت جورنال.. فكيف تحول "وادي الفرص" إلى واد للبطالة؟
كان التنافس في قطاع التكنولوجيا شرسا في توظيف الأشخاص لدرجة وصلت إلى تعيين البعض دون مهام عمل تقريبا، لكن الوضع انقلب رأسا على عقب فأصبح الموظفون ينجزون أعمال زملاء تم تسريحهم، أو يوظف في منصب لا يؤهله للحصول على زيادات أو منح أسهم، فقد أصبح طلب المزيد من المال قد يؤدي إلى سحب عرض العمل.
التراكم جاء تدريجيا، فكانت الحاجة إلى الموظفين تفوق العرض، وبلغت ذروتها خلال جائحة كوفيد-19، إذ وظفت الشركات الكبرى مثل "ميتا" و"سيلزفورس" عددا يفوق حاجتها، لتبدأ موجة من التسريحات اللاحقة مع تراجع المرض وحالة التباطؤ بداية من عام 2022.
يقول أندريه نادر، الذي عمل في "ميتا" لمدة تسع سنوات ويقدم الآن استشارات مالية لموظفين في شركات تكنولوجية كبرى للصحيفة: "من الصعب أن تشعر بأن العمل في هذه الشركات قابل للاستمرار". ويضيف: "حتى عام 2022، كنت تشعر أنك لا يمكن المساس بك".
رغم الرواتب الجيدة، فإن الأمور لم تعد كما كانت، فالإدارة باتت تصب تركيزها بشكل متزايد على تحقيق النتائج التي تتوقعها وول ستريت، ويضخون العوائد في بنية تحتية باهظة الثمن للذكاء الاصطناعي، ما يضغط على التمويل، لتترسخ عقلية يعرفها موظفو وادي السيليكون بـ"انجز عملك واصمت".
في "أمازون ويب سيرفيسز"، قال أحد مديري المنتجات إنه لم يُسمح له بتعيين بدائل للوظائف الشاغرة، رغم أن فريقه – ضمن وحدة الحوسبة السحابية العملاقة – استلم عددًا أكبر من العملاء، بحسب وول ستريت جورنال.
وقالت متحدثة باسم "أمازون" إن التوظيف يتم بناءً على احتياجات العمل والأولويات، بما في ذلك تعويض الوظائف المفتوحة.
أما في "ميتا"، أُعيد توظيف إحدى مسؤولات التوظيف التي كانت قد فُصلت سابقًا في منصبها السابق، ولكن مع تعديل: فهي الآن تُصنف كـ "موظفة قصيرة الأجل". عقدها قابل للتجديد، لكنها لا تحصل على زيادات في الأجر بناءً على الأداء، ولا ترقيات، ولا منح أسهم. وتقول إنها مسؤولة عن حجم عمل كان في السابق موزعًا على عدة أشخاص.
وتطلق الشركة على تحميل الموظف بهذه المسؤوليات الإضافية اسم "المرونة" (agility).
فرضت "نتفليكس"، قيودا على كمية الملابس والمنتجات التي تحمل شعار الشركة والتي يمكن للموظفين طلبها.
كما تراجعت الشركة عن بعض أجزاء سياسة إجازة الوالدين، والتي كانت تُعتبر من بين الأكثر سخاءً في البلاد. وأصبح أخذ إجازة تزيد عن ستة أشهر يُعتبر بشكل عام خطوة غير حكيمة من الناحية المهنية.
وفي ميتا، تراجعت جودة وكمية الوجبات الخفيفة، واختفى لحم البقر المجفف العضوي وأحد مشروبات الطاقة المفضلة لديهم، كما ألغيت خدمات الغسيل والتنظيف الجاف المجانية.
منذ بضعة أشهر، قال مارك زوكربيرغ للموظفين إن مشاركته في جلسات الأسئلة والأجوبة مع الموظفين لم تعد استخدامًا جيدًا لوقته، بحسب أشخاص حضروا الاجتماع. ورفض متحدث باسم "ميتا" التعليق.
في جانب آخر، قلصت غوغل "ميزانية المرح" إذ لم تعد هناك رحلات خارجية مثل تذوق النبيذ وسباقات السيارات الصغيرة، كما خفضت ساعات المقاهي المجانية، ولم يعد الموظفون قادرين على طلب أجهزة لابتوب جديدة بنفس التكرار الذي اعتادوا عليه.