بعد أن صبّ تركيزه على فرض رسوم جمركية على السلع العابرة للحدود، انتقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى ميدان الخدمات غير الملموسة، معلنًا في 4 مايو عبر منصة تروث سوشيال عن فرض تعرفة بنسبة 100٪ على جميع الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة.
وبرّر ترامب قراره بالقول إن "صناعة السينما في أميركا تحتضر بسرعة"، متهماً دولًا أجنبية بتقديم حوافز ضخمة لجذب صناع الأفلام بعيدًا عن هوليوود، التي اعتبر أنها "تتعرض للدمار". وأضاف: "أفوّض وزارة التجارة والممثل التجاري للولايات المتحدة لبدء فرض هذه الرسوم. نريد أن نصنع الأفلام في أميركا من جديد".
غير أن قراره أثار لبسًا حول نطاقه، إذ لم يوضح ما إذا كان يشمل الأفلام التي تنتجها استوديوهات أميركية في الخارج أو تلك القادمة بالكامل من شركات أجنبية، بحسب ما نقلتك وسائل إعلام، مثل مجلة نيوزويك ووكالة بلومبرغ.
وتلوح في الأفق آثار مباشرة لهذا القرار على منصات البث العالمية مثل نتفليكس وديزني بلاس وأمازون برايم فيديو وهولو، التي اعتادت العمل في بيئة لا تخضع فيها خدماتها العابرة للحدود لرسوم جمركية، خلافًا للسلع المادية، كما أنها تعتمد بشكل كبير على محتوى دولي متنوع.
في هذا الشأن، وضح بول إيريكسون لموقع بلينكس أن "جزءا من ميزانيات المحتوى قد يتحول نحو إنتاج محتوى متخصص أكثر داخل الولايات المتحدة، وقد تتغير أسعار الباقات لاستيعاب فئات خدمة أكثر تكلفة تتضمن محتوى منتَجًا دوليًا". وأضاف أنه من المحتمل أن ترتفع أسعار الاشتراكات عمومًا مع بقاء العرض كما هو، إلى جانب تأثيرات مباشرة وغير مباشرة أخرى محتملة.
اعرف أكثر
بالرغم من أن الرسوم الجمركية على الأفلام الأجنبية تهدف، بحسب ما يراه ترامب، إلى دعم هوليوود، إلا أنها، كما تشير منصة ميديوم، تُلحق أضرارًا فادحة بالصناعة الفنية نفسها، محليًا وعالميًا، وتُهدد مستقبلها بدلًا من إنقاذه.
تعتمد منصات البث مثل نتفليكس وأمازون برايم بشكل كبير على المحتوى الأجنبي، ما يجعلها عرضة بشكل مباشر لتداعيات الرسوم الجمركية بنسبة 100٪.
قد يدفع هذا الإجراء الشركات إلى تقليص اتفاقيات الترخيص مع المنتجين الدوليين أو رفع أسعار الاشتراكات في السوق الأميركية لتعويض التكاليف الإضافية، وفقا لمنصة ميديوم.
في ظل اعتماد صناعة السينما الأميركية بشكل متزايد على الأسواق العالمية لتحقيق أرباحها، بحيث تصدر ثلاث أضعاف ما تستورده، يُنذر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعواقب وخيمة.
وتكمن العواقب في إشعال موجة من الإجراءات الانتقامية من دول أخرى، مثل فرنسا و كندا والصين و بريطانيا، تستهدف المحتوى الأميركي، وهو ما قد يُلحق ضررًا بصناعة السينما الأميركية نفسها، وفقا لموقع بي جي آر المتخصص في مجالات التكنولوجيا، والترفيه، والعلوم.
تعد كلفة إنتاج الأفلام أحد الأسباب الرئيسية لهروب شركات الإنتاج الأميركية إلى الخارج، بحسب تقرير بلومبرغ، وذلك نتيجة للتسويات التي توصّلت إليها النقابات العمالية المحلية في مفاوضاتها مع شركات الإنتاج نهاية عام 2023.
في هذا الشأن، ذكرت مجلة نيوزويك أن هذا التحول أصبح موضع جدل كبير في أوساط هوليوود، خاصة بعد انكشاف أن برنامج الألعاب ذا فلور الذي يقدمه الممثل روب لو يُصوّر في إيرلندا وليس داخل استوديوهات فوكس في كاليفورنيا، رغم امتلاكها 15 مسرحًا ومواقع تصوير وديكورات متكاملة.
وفي حلقة بودكاست بتاريخ 13 مارس، قال روب لو ساخرًا: "من الأرخص أن ننقل مئة أميركي إلى إيرلندا على أن نقطع المسافة عبر استوديوهات فوكس ونصور هناك". وتؤكد هذه التصريحات أن الإنتاج الأميركي يتراجع في الداخل ويزدهر في الخارج، فيما يعرف بظاهرة runaway production.
تنامت هذه الظاهرة بشكل واضح في السنوات الأخيرة، مع تقديم دول مثل كندا، نيوزلندا، بريطانيا، والمجر حوافز مالية سخية، واعتمادات ضريبية، وبنية تحتية متطورة لجذب شركات الإنتاج الأميركي، وفقا لتقرير نشرته مجلة ديدلاين هوليوود الأميركية.
من جهته، استغل الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الملف لدعم أجندته الاقتصادية القاضية بإعادة الوظائف إلى الداخل، متهمًا دولًا أجنبية بـ"سرقة صناعة السينما الأميركية"، ومتعهدًا عبر منصة "تروث سوشيال" بإعادتها إلى البلاد أقوى من أي وقت مضى، حسب ما نقله موقع ديلي بيست.