مال وأعمال

كيف تغيّر تقلبات الدولار طعم شوكولاتك المفضلة؟

نشر
Camil Bou Rouphael
قد ترتفع الأسعار، لكن هل يتغيّر طعم الشوكولا؟
يشهد الكاكاو العالمي واحدة من أكثر مراحله اضطرابًا منذ أكثر من 60 عامًا. الأسعار بلغت مستويات قياسية، فيما تصاعدت التحديات من الحقول إلى رفوف المتاجر.
في كوت ديفوار وغانا، وهما من أكبر منتجي الكاكاو في العالم، بدأ المزارعون يواجهون تراجعًا في الغلال، وصعوبات مناخية، وانتشارًا لأمراض المحاصيل، إضافة إلى نشاط تهريبي متزايد بات يقلق السلطات، ويؤثر على الكميات المُصدّرة رسميًا، وفق بلومبرغ.
في المقابل، يواجه المستهلك ضغوطا غير مسبوقة في الأسعار تتجاوز ما يراه على بطاقات التسعير، لتشمل تداعيات تقلب الدولار، وفق Nasdaq، وتراجع المخزون، وضعف الطلب، وتدهور الجودة، وصولًا إلى ظهور شوكولاتة جديدة لا تحتوي كاكاو أصلًا، حسب ConfectioneryNews.
فهل يعاد رسم طعم الشوكولاتة التي نعرفها؟

اعرف أكثر

التهريب يضرب الشوكولاتة من الجذور

منذ نهاية عام 2023، تباطأت وتيرة شحنات الكاكاو من كوت ديفوار، رغم أنها سجلت ارتفاعًا بنسبة 6.4% مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغت 1.66 مليون طن متري بين الأول من أكتوبر ومنتصف يونيو، بحسب بيانات رسمية اطّلعت عليها بلومبرغ.
هذا النمو، الذي يُعدّ أضعف بكثير من قفزة الـ35% المسجلة في ديسمبر، يعكس تراجع الزخم في التصدير، وسط تقارير "مقلقة" عن نشاط تهريبي آخذ بالاتساع.
بحسب الحكومة، تُهرّب أطنان من الكاكاو يوميًا من كوت ديفوار نحو دول مجاورة، ما يؤثر على العائدات الرسمية.
وقد عزز هذا النشاط فرق الأسعار بين الدول، حيث تُباع الحبوب بأسعار أعلى في أماكن مجاورة، ما يدفع بعض الوسطاء إلى تجاوز المسارات القانونية.
وفي نيجيريا، التي تُعد رابع أكبر مُصدّر عالمي، انخفضت صادرات الكاكاو في أبريل بنسبة 11% على أساس سنوي، لتصل إلى 18,561 طنًا متريًا، وفق آخر بيانات رسمية.
هذه المؤشرات مجتمعة تثير قلق الأسواق بشأن المعروض المستقبلي، وتزيد الضغوط على الأسعار العالمية، وسط استمرار حالة عدم اليقين.

جودة الحبوب.. موسم يُقلق المصانع؟

في كوت ديفوار، التي تُعد أكبر منتج للكاكاو في العالم، تتواصل أعمال الحصاد للموسم الوسيط الممتد من أبريل إلى سبتمبر، وفق Nasdaq.
رغم تسجيل رطوبة التربة مستويات جيدة نسبيًا في معظم المناطق الزراعية، إلا أن ضعف الأمطار في الأسابيع الماضية أثار مخاوف بين المزارعين من تراجع جودة المحصول في مراحله الأخيرة.
وبحسب بيانات حكومية وشهادات ميدانية، فإن بعض المناطق مثل سوبري، أغبوفيل، وأبينغورو سجلت كميات أمطار أدنى من المعدل السنوي بـ5 إلى 20 ميليمترًا.
ومع بقاء الطقس غائمًا، حذّر المزارعون من انخفاض الجودة رغم توافر الكميات.
المعالِجون الصناعيون بدورهم أبلغوا، وفق FoodNavigator، عن تزايد في نسب الحبوب المرفوضة، حيث أشارت التقديرات إلى أن 5% إلى 6% من الحصاد الوسيط في الشحنات الحالية يُعتبر ذا جودة منخفضة، مقارنة بنسبة 1% فقط خلال موسم الحصاد الرئيسي.
وقد أرجع خبراء في رابوبنك السبب إلى تأخّر هطول الأمطار الذي أعاق نمو الثمار في مراحل حرجة.
ويُذكر أن المحصول الوسيط هو الأصغر بين موسمي الحصاد السنوي في كوت ديفوار، ويُقدّر حجمه هذا العام بنحو 400 ألف طن متري، بانخفاض يبلغ 9% مقارنة بـ440 ألفًا في العام الماضي، وفق Nasdaq.

بين السعر والطعم.. الشوكولاتة في خطر؟

ارتفعت أسعار الكاكاو في بورصتي نيويورك ولندن خلال الأسبوع الثاني من يونيو، مدفوعة بتراجع مؤشر الدولار الأميركي، إلى جانب تباطؤ وتيرة الصادرات من كوت ديفوار، ما أثار مخاوف من نقص المعروض في الأسواق العالمية، بحسب بيانات Nasdaq.com وBloomberg.
في بورصة "نازداك"، ارتفع عقد يوليو لأسعار الكاكاو في نيويورك بمقدار 233 نقطة (+2.39%)، فيما سجّل عقد لندن صعودًا بـ108 نقاط (+1.68%).
وقد ساهم ضعف الدولار الأميركي في جعل الكاكاو أرخص نسبيًا للمشترين الدوليين، ما عزز الطلب.
ومع ذلك، فإن ارتفاع المخزونات الحالية من الكاكاو في موانئ الولايات المتحدة يشكّل عامل ضغط معاكس.
فقد قفزت المخزونات الخاضعة لمراقبة بورصة "ICE" إلى أعلى مستوياتها منذ تسعة أشهر، بعدما كانت قد لامست أدنى مستوياتها في 21 عامًا في يناير الماضي.
وتتواصل حالة التذبذب، وسط مؤشرات جوية مقلقة في غرب أفريقيا، حيث تغطي موجات الجفاف أكثر من ثلثي كوت ديفوار وغانا، وفق بيانات "African Flood and Drought Monitor"، مما يثير شكوكًا حول آفاق المحصول الرئيسي المرتقب في أكتوبر.
في المقابل، تبقى المخاوف قائمة بشأن استدامة الطلب الاستهلاكي في ظل ارتفاع الأسعار.
وقد أعلنت شركة "هيرشي" تراجع مبيعاتها الفصلية بنسبة 14%، وتوقعت تكاليف إضافية تتراوح بين 15 و20 مليون دولار خلال الربع الثاني بسبب الرسوم الجمركية، فيما خفضت "باري كاليبو" توقعاتها السنوية، مشيرة إلى حالة عدم يقين في الأسواق.

البدائل الجديدة: كاكاو من دون شجرة.. وشوكولاتة بلا كاكاو

بينما تهتز أركان صناعة الشوكولاتة بسبب الارتفاع التاريخي لأسعار الكاكاو، بدأت شركات عالمية وناشئة في إعادة التفكير بمكونات الشوكولاتة وسبل إنتاجها، بما في ذلك تقليص الاعتماد على الكاكاو الطبيعي، حسب ConfectioneryNews.
في شركة "هيرشي"، تتركز الاستراتيجية الجديدة على تقليل استخدام الكاكاو الخالص لصالح منتجات مبتكرة تحتوي على طبقات، ومكونات مضافة مثل الكراميل والرقائق المحمصة، وفق ConfectioneryNews.
وتشمل الابتكارات الحديثة قطع شوكولاتة محشوة بالكراميل مصمّمة خصيصًا لصنع "سمورز"، ومذاقات جديدة مثل "كيسز" بالقرفة وكوب "ريز" بنكهة زبدة الفول السوداني والمربى.
أما على صعيد الحلول البديلة، فتعمل شركات على إنتاج زبدة الكاكاو ومسحوق الكاكاو باستخدام زراعة الخلايا، انطلاقًا من حبة كاكاو واحدة من دون قطع أي شجرة.
في المقابل، تتبع شركة "فويج فودز" نهجًا مختلفًا، إذ تستبدل الكاكاو بالكامل بمكونات أخرى تحاكي المذاق والقوام والرائحة، مثل بذور العنب والدهون النباتية.
ويؤكّد القائمون على الشركة أن منتجهم يتخطى القيود التنظيمية، لأنّه يعتمد على موادّ غذائية موجودة أصلًا، مما يجعل الطريق نحو الأسواق أسرع وأقل تكلفة.
لكن نجاح هذه البدائل يتوقف على 3 معايير أساسية:
  • الطعم
  • والسعر
  • وسهولة الاستخدام الصناعي
ويشير خبراء إلى أن الاستثمارات في هذا القطاع لم تعد تُمنح لمجرّد الوعود البيئية، بل تتطلب منتجًا قادرًا على المنافسة في السوق من حيث الجودة والتكلفة.
في هذا السياق، يحذّر بعض المختصين من عنصر جديد بات يؤثّر على مستقبل الشوكولاتة: المستهلك الحديث. إذ قد تتأثر صورة أي منتج بانتقاد واحد عبر "تيك توك"، بصرف النظر عن صحّته العلمية. كما تبقى قضية الاستدامة محدودة التأثير في بعض الأسواق مثل الولايات المتحدة، ما يفرض تحديات إضافية على مستقبل الكاكاو البديل.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة