عصر إنفيديا الذهبي.. كيف توجها الـAI على عرش الأسواق العالمية؟
سجّلت شركة إنفيديا الأميركية إنجازاً غير مسبوق في تاريخ أسواق المال العالمية، بعد أن أصبحت أول شركة في العالم تتجاوز قيمتها السوقية عتبة 4 تريليونات دولار، حسب تقرير صحيفة
فاينانشال تايمز.
هذا الارتفاع القياسي يأتي في وقت تعيش فيه أسهم شركات التكنولوجيا في وول ستريت انتعاشاً هائلاً، مدفوعاً بطفرة الذكاء الاصطناعي التي قلبت موازين السوق وغيرت قواعد اللعبة.
الذكاء الاصطناعي في قلب النمو
لم يكن صعود إنفيديا اللافت مفاجئاً للمراقبين، بل كان نتيجة مباشرة لازدهار سوق الذكاء الاصطناعي وتحوّل الشركات الكبرى والناشئة على حد سواء إلى تقنيات المعالجة المتقدمة التي تطوّرها الشركة.
وقد لخّص الرئيس التنفيذي لإنفيديا، جينسن هوانغ، هذا التوجّه حين قال للمحللين الشهر الماضي: "كلما زاد استخدام الذكاء الاصطناعي، تحسّن الأداء المالي. الشيء الوحيد الذي يقلقني هو غياب الذكاء الاصطناعي".
ما يجعل هذا الإنجاز أكثر لفتاً للنظر هو أن إنفيديا لم تكن حتى قبل عامين ضمن نخبة الشركات التريليونية، لكنها تجاوزت حاجز التريليون دولار بعد أشهر فقط من إطلاق تطبيق ChatGPT، الذي أثار سباقاً عالمياً على شراء معالجات إنفيديا من قبل شركات التكنولوجيا العملاقة والناشئة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
ومنذ ذلك الحين، باتت الشركة تمثل العمود الفقري للتطبيقات الذكية التي تنتشر حول العالم، رغم القيود المفروضة على صادراتها إلى الصين.
التفوق على عمالقة التكنولوجيا
تفوق إنفيديا على عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وآبل لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل يعكس تحوّلاً عميقاً في القيمة المضافة التي أصبحت تمثلها الشرائح الإلكترونية المصممة للذكاء الاصطناعي، وفقا لموقع
Cointelegraph.
فعلى الرغم من أن مايكروسوفت توظّف أكثر من 220 ألف موظف حول العالم، أي نحو سبعة أضعاف عدد موظفي إنفيديا، فإن الأخيرة تفوقت عليها من حيث القيمة السوقية بعد أن وصلت قيمة سهمها يوم الأربعاء إلى 164.42 دولار، قبل أن يُغلق السهم على ارتفاع بنسبة 1.8% عند تقييم قدره 3.97 تريليون دولار، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق الذي سجلته آبل في ديسمبر الماضي والذي بلغ 3.92 تريليون دولار.
بدأت موجة الارتفاع الأخيرة في أسهم إنفيديا في مايو الماضي، بعد أن ظهرت مؤشرات على تقارب بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والصين بشأن الحرب التجارية، وهو ما خلق أجواء تفاؤل واسعة في الأسواق.
في الوقت نفسه، أبرمت إنفيديا صفقات بمليارات الدولارات لتوريد رقائقها إلى دول الشرق الأوسط، ما عزز من ثقة المستثمرين، حسب فاينانشال تايمز.
وأكد هوانغ في لقاء مع المستثمرين أن الطلب على الذكاء الاصطناعي ارتفع بشكل كبير، مشيراً إلى قفزة بنسبة 70% في الإيرادات، ما أعطى دفعة قوية لتوقعات النمو.
هذه المؤشرات تدفع بالمستثمرين إلى الاعتقاد بأن ثورة الذكاء الاصطناعي ليست موجة عابرة، بل تحوّل هيكلي سيستمر لعقود.
يفيد موقع
BytePlus أن شرائح إنفيديا اليوم تُستخدم في طيف واسع من القطاعات. ففي مجال الألعاب الإلكترونية، تُعتبر سلسلة GeForce معياراً ذهبياً في الرسوميات.
أما في الذكاء الاصطناعي، فقد أصبحت معالجات إنفيديا الخيار الأول للباحثين والمطورين بفضل قدراتها الهائلة على المعالجة المتوازية. وتستخدمها شركات مثل OpenAI وGoogle ومراكز الأبحاث الكبرى لتدريب نماذج لغوية ضخمة.
في قطاع السيارات، توفر معالجات إنفيديا القوة الحسابية اللازمة لتشغيل أنظمة القيادة الذاتية والسلامة الذكية، وتستخدمها شركات مثل Tesla وMercedes-Benz وAudi.
ولا يتوقف تأثير إنفيديا عند هذه المجالات، بل يمتد ليشمل الرعاية الصحية، والصناعات الإبداعية، والبحث العلمي، والتصنيع الذكي، حيث توفّر معالجاتها إمكانيات تحليل وتشغيل عالية الدقة، تُحدث فرقاً ملموساً في الأداء والكفاءة.