مال وأعمال

سلة خبز سوريا فارغة.. الجوع يهدد لقمة 3 ملايين مواطن

نشر
blinx
تواجه سوريا شبح أزمة غذائية بعدما تسبب أسوأ جفاف منذ 36 عاما في انخفاض إنتاج القمح بنحو 40 بالمئة لتزيد الضغوط على الحكومة التي تعاني من نقص السيولة ولم تتمكن من تأمين مشتريات بكميات كبيرة.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في إجابات مكتوبة على أسئلة من رويترز إن نحو ٣ ملايين سوري قد يواجهون الجوع الشديد، دون أن يحدد إطارا زمنيا.

نقص يؤثر على نصف السكان

وأضاف أن أكثر من نصف السكان البالغ عددهم نحو 25.6 مليون نسمة يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي.
وفي تقرير صدر في يونيو، قدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن تواجه سوريا نقصا في القمح بنحو 2.73 مليون طن هذا العام، أو ما يكفي لإطعام نحو 16 مليونا لمدة عام.
ويشكل هذا الوضع تحديا للرئيس أحمد الشرع الذي تسعى حكومته إلى إعادة بناء سوريا بعد حرب أهلية استمرت 14 عاما والإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر.
ويعد القمح أهم محصول في سوريا وهو أساسي لبرنامج الخبز المدعوم من الدولة، وطعام رئيسي على موائد السوريين.
لكن الحكومة السورية تحرز تقدما بطيئا في حشد الدعم الدولي لشراء كميات كبيرة من الحبوب.

كميات صغيرة

وتحدثت رويترز مع مسؤول سوري و٣ تجار و٣ من موظفي الإغاثة ومصدرين من القطاع على دراية مباشرة بجهود شراء القمح، وقالوا إنه يتعين زيادة الواردات والتمويل لمواجهة العجز الوشيك.
وقال المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الحكومة الجديدة اشترت 373500 طن فقط من القمح من المزارعين المحليين هذا الموسم. وهذا يُمثل حوالي نصف كمية العام الماضي.
وأضاف المصدر أن الحكومة تحتاج إلى استيراد نحو 2.55 مليون طن هذا العام.
لكن دمشق لم تعلن حتى الآن عن أي صفقات كبيرة لاستيراد القمح وتعتمد على شحنات صغيرة تبلغ نحو 200 ألف طن إجمالا من خلال عقود مباشرة مع مستوردين محليين، حسبما قال المصدران بالقطاع، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما بسبب حساسية الأمر.

3 ملايين مواطن يواجهون الجوع الشديد

وقال طوني العتل ممثل الفاو في سوريا لرويترز "نصف السكان مهددون بالمعاناة من الجفاف خاصة عندما يتعلق الأمر بتوفر الخبز وهو الغذاء الأكثر أهمية خلال الأزمة"، مشيرا إلى أن "نحو ٣ ملايين سوري قد يواجهون الجوع الشديد".
ولم تتلق سوريا حتى الآن سوى مساعدات طارئة محدودة، منها 220 ألف طن من القمح من العراق و500 طن من الدقيق (الطحين) من أوكرانيا.
"أسوأ عام"
أظهرت بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن سوريا تستهلك حوالي ٤ ملايين طن من القمح سنويا، ومن المتوقع أن ينخفض الإنتاج المحلي إلى حوالي 1.2 مليون طن هذا العام، بانخفاض 40 بالمئة عن العام الماضي.

سلة الخبز السورية فارغة

وقال نزيه الطرشة، الذي تمتلك عائلته ٦ هكتارات من الأراضي في محافظة حمص منذ عام 1960 "هذا أسوأ عام منذ أن بدأت في الزراعة".
ولم يحصد عباس عثمان، وهو مزارع قمح من القامشلي وهي جزء من منطقة سلة الخبز السورية في محافظة الحسكة بشمال شرق البلاد، حبة قمح واحدة.
وقال لرويترز "زرعنا 100 دونم (ستة هكتارات) ولم نحصد شيئا".
أسعار مغرية
وذكرت الفاو أن 40 بالمئة فقط من الأراضي الزراعية زرعت هذا الموسم، وأتلف الجفاف الكثير منها لا سيما في المناطق الرئيسية المنتجة للغذاء مثل الحسكة وحلب وحمص.
وذكر المصدر الرسمي أن الحكومة شجعت المزارعين المحليين على بيع ما أنقذوه من محاصيلهم بسعر 450 دولارا للطن، أي ما يزيد بنحو 200 دولار للطن عن سعر السوق.
وقال الطرشة المزارع من حمص "عندما يكون المحصول جيدا، يمكنني بيع حوالي 25 طنا للحكومة من ٦ هكتارات، لكنني تمكنت هذا العام من بيع ٨ أطنان فقط".
وأضاف "اضطررت إلى إطعام الباقي لماشيتي لأنه غير صالح للاستهلاك البشري"، وعبر عن أمله في هطول المزيد من الأمطار في ديسمبر مع انطلاق موسم الزراعة الجديد.
وقبل الحرب الأهلية، كانت سوريا تنتج ما يصل إلى ٤ ملايين طن من القمح وتصدر حوالي مليون طن منها.

رغم رفع العقوبات.. الصعوبات موجودة

وفي تحول كبير في السياسة الأميركية في مايو، قال الرئيس دونالد ترامب إنه سيرفع العقوبات المفروضة على سوريا والتي كانت تهدد بعرقلة تعافيها الاقتصادي.
وتقدر وزارة الزراعة الأميركية أن سوريا ستحتاج إلى استيراد كمية قياسية من القمح تبلغ 2.15 مليون طن في موسم 2025-2026 بزيادة قدرها 53 بالمئة عن العام الماضي.
ومع ذلك، لم تعلن بعد المؤسسة العامة لتجارة وتخزين وتصنيع الحبوب، (السورية للحبوب)، وهي الوكالة الرئيسية لشراء الحبوب في سوريا، عن استراتيجية جديدة للمشتريات. ولم ترد المؤسسة على أسئلة رويترز حول هذه المسألة.
وذكر مصدران مطلعان أن واردات القمح تواجه تأخيرات في سداد قيمتها بسبب الصعوبات المالية على الرغم من رفع العقوبات.
ولم تقيد العقوبات الغربية المفروضة على سوريا في عهد الأسد واردات الغذاء، لكن القيود المصرفية وتجميد الأصول جعلت من الصعب على معظم الشركات التجارية التعامل مع دمشق.
وقالت مصادر لرويترز بعد الإطاحة بالأسد إن روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم والتي كانت داعمة قوية لنظامه، كانت موردا ثابتا لكنها أوقفت الإمدادات إلى حد كبير منذ ديسمبر بسبب تأخير المدفوعات وشكوكها حيال الحكومة الجديدة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة