"متغطرس لا يرحم".. ثمانيني ينافس ماسك على عرش "الأغنى"
بينما يعرف إيلون ماسك بكونه الرجل الذي يريد إعادة تشكيل الحياة على الأرض وخارجها، فإن اسم لاري إليسون يظل غريباً على مسامع كثيرين من الجمهور.
غير أن هذا الملياردير الأميركي البالغ من العمر 81 عاماً، مؤسس عملاق التكنولوجيا أوراكل، نجح هذا الأسبوع في خطف لقب "أغنى رجل في العالم"، لبعض الوقت، من بين يدي ماسك، بعد ارتفاع أسطوري في أسهم شركته.
ففي جلسة تداول واحدة، قفزت القيمة السوقية لـ"أوراكل" بنسبة 38%، ما رفع ثروته الإجمالية إلى 393 مليار دولار، بحسب تقديرات بلومبرغ، متقدماً على ماسك الذي بلغت ثروته 385 ملياراً.
ولكن وراء هذا الإنجاز، يقف رجل أعمال استثنائي لا يخلو من الجد، بحسب تقرير لصحيفة "
لوفيغارو".
ولد لورانس (لاري) جوزيف إليسون عام 1944 في نيويورك، ونشأ يتيماً في أسرة يهودية متواضعة بمدينة شيكاغو. عانى مسيرة تعليمية مرتبكة، لكنه سرعان ما وجد شغفه في علوم الحاسوب. وفي أواخر السبعينيات، انتقل إلى كاليفورنيا ليبدأ رحلته الحقيقية في قلب وادي السيليكون.
أولى محطاته كانت تطوير قاعدة بيانات لصالح وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) حملت اسم "أوراكل". ورغم فشل المشروع، فقد فتح له الباب نحو قطاع واعد. عام 1977، وبتمويل متواضع لم يتجاوز 2000 دولار، شارك في تأسيس "أوراكل كوربوريشن"، التي ستصبح لاحقاً إحدى أعمدة صناعة البرمجيات وقواعد البيانات في العالم.
بحلول منتصف العقد الماضي، قادت أوراكل التحول الاستراتيجي نحو الحوسبة السحابية، لتضع نفسها في قلب سباق الذكاء الاصطناعي.
ورغم استقالته من منصب المدير التنفيذي عام 2014 بعد 37 عاماً، احتفظ إليسون بنسبة 41% من أسهم الشركة، ما يفسر القفزة الخيالية في ثروته هذا الأسبوع.
لا يخفي إليسون عشقه لحياة الرفاهية، ففي 2001 أنفق 200 مليون دولار لبناء قصر مستوحى من الطراز الياباني قرب بالو ألتو. وفي 2012، اشترى سادس أكبر جزيرة في هاواي. كما ملأت حياته سلسلة من الزيجات والانفصالات المثيرة للجدل.
مجلة فورتشن وصفته ذات مرة بأنه "ظريف وكاريزمي"، لكنه في الوقت نفسه "متغطرس ولا يرحم". صورة يعززها هو نفسه عبر ظهوره المتكرر على متن يخوته الفاخرة أو بجانب سياراته النادرة. وكثيراً ما يردد أن فلسفته الأساسية في الحياة والعمل هي: "الاستمتاع".
لم يقتصر نفوذ إليسون على عالم الأعمال، بل امتد إلى السياسة الأميركية. فهو من أوائل الداعمين للحزب الجمهوري، واقترب بشكل خاص من الرئيس دونالد ترامب، حتى أنه استضاف في 2016 حملة لجمع التبرعات لصالحه في قصره الفخم بكاليفورنيا.
وفي انتخابات 2020، كشفت تقارير عن مشاركته في مكالمة هاتفية مع فريق ترامب للتشكيك في فوز جو بايدن. وبعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض في نوفمبر الماضي، بات إليسون واحداً من أبرز الشخصيات المقربة منه، وإن غاب عن حفل التنصيب الرسمي.
تنعكس هذه العلاقة على مصالحه الاقتصادية أيضاً؛ فشركة "أوراكل" مرشحة رئيسية للمشاركة في "مشروع ستارغيت" الذي تبلغ قيمته 500 مليار دولار، والرامي إلى وضع الولايات المتحدة في صدارة سباق الذكاء الاصطناعي عبر استثمارات ضخمة في مراكز البيانات.
إمبراطورية عابرة للتكنولوجيا
لا يكتفي إليسون بالتكنولوجيا وحدها. في 2022، اشترى عقاراً فاخراً في بالم بيتش بفلوريدا بقيمة 173 مليون دولار، محققاً رقماً قياسياً جديداً في سوق العقارات الأميركية. كما ضخ مليار دولار لدعم استحواذ إيلون ماسك على تويتر، مبرراً ذلك بأنه "سيكون ممتعاً".
اليوم، يتطلع الملياردير إلى التوسع في الإعلام والترفيه. إذ دعم عرض ابنه ديفيد إليسون بقيمة 8 مليارات دولار للاستحواذ على "باراماونت" التي تملك استوديوهات هوليوود التاريخية إضافة إلى شبكات كبرى مثل CBS وMTV.
رغم بلوغه الـ81 من العمر، يبدو أن إليسون لا يفكر في التقاعد، بل في مزيد من التوسع.
وبينما يواصل ماسك خوض مغامراته في الفضاء والطاقة، ينسج إليسون خيوط إمبراطورية تجمع بين التكنولوجيا والإعلام والسياسة.
وكما قال أحد خبراء الإعلام في نيويورك تايمز: "كل القطع تتجمع لتشكّل صورة ما زالت ضبابية، لكن المؤكد أن عائلة إليسون ستكون في مركزها".