مال وأعمال

من المتاجر إلى الشاشات والحدائق.. لابوبو على خطى ديزني

نشر
blinx
في زمن تسيطر فيه شخصيات كلاسيكية مثل ميكي ماوس وهايلو كيتي على الخيال الجماعي، برز وحش صغير بأسنان بارزة وعيون بريئة اسمه "لابوبو" ليقلب المعادلة، ويصبح أيقونة جديدة تسعى من خلالها شركة بوب مارت الصينية إلى صناعة إمبراطورية ترفيهية تمتد لعقود. فبعد أن تحولت هذه الدمية إلى ماكينة أرباح ضخمة، باتت الشركة تضعها في قلب مشروع استراتيجي لتحويل لابوبو إلى "ميكي ماوس القرن الحادي والعشرين".
تدرك بوب مارت أن سر نجاح ديزني لم يكن في الرسوم المتحركة وحدها، بل في قدرتها على إدارة الملكية الفكرية لشخصياتها لعشرات السنين.
وقال سي دي، المدير التنفيذي المشارك للشركة، في مقابلة مع وكالة رويترز إن "القيمة العظمى لشركة ديزني تكمن في قدرتها على تشغيل الملكية الفكرية لأكثر من مئة عام"، مضيفاً أن "بوب مارت" تسعى لتكرار هذا النموذج عبر تطوير شخصية لابوبو إلى علامة تجارية مستدامة.
وبدلاً من البحث المحموم عن "الضربة الكبيرة التالية"، تركز الشركة حالياً على تعميق الاستثمار في منتجات أفضل، تعاونات جديدة مع علامات كبرى، وتطوير محتوى ترفيهي وسينمائي، إضافة إلى حدائق ألعاب ومتاجر متخصصة.

من الألعاب إلى الشاشة الفضية

لم يقتصر نجاح لابوبو على المتاجر، إذ تحوّل إلى مشروع ترفيهي متكامل بدأ بتأسيس بوب مارت استوديو سينمائياً خاصاً ينتج فيه حاليا مسلسل رسوم متحركة بعنوان "لابوبو وأصدقاؤه"، يليه فيلم سينمائي كامل، وفقا لموقع سوهو.
ووفقاً لصحيفة ناشيونال بيزنس ديلي، سجّلت الشركة في مارس 2025 حقوق الجزء الأول من سيناريو المسلسل، ما يعكس جدية خطتها لبناء "عالم لابوبو" على الشاشة.
هذه الخطوة توازي ما فعلته ديزني حين حولت شخصيات مثل ميكي ماوس أو فروزن إلى مصادر دخل لا تقتصر على التذاكر، بل تمتد إلى بيع المنتجات، البث الرقمي، وحتى الحدائق الترفيهية. بالنسبة لبوب مارت، سيفتح نجاح المسلسل أو الفيلم الباب أمام موجة جديدة من المبيعات والتوسع العالمي.

بوبو لاند.. حين تتحول الدمية إلى تجربة حيّة

افتتحت بوب مارت أول مدينة ملاهٍ مخصصة للألعاب المصممة، تحت اسم Labubu Land، داخل منتزه تشاويانغ الشهير. تقدم الحديقة تجربة غامرة لعشاق بوب مارت، حيث يمكنهم الدخول إلى "شارع بوب"، ثم الانتقال إلى "غابة مغامرات لابوبو" أو "قلعة مولي"، والتفاعل مع الشخصيات عبر عروض مباشرة وتجارب تفاعلية.
تقدم الحديقة أيضاً تقنيات واقع معزز، جوازات سفر لهواة الجمع، ومتاجر لبيع منتجات حصرية، إلى جانب مطاعم ومقاهي تقدم أطباقاً وحلويات مستوحاة من الشخصيات مثل "كريب لابوبو بالفراولة" أو "كيك كراي بيبي بالشوكولاتة".
على عكس مدن الملاهي التقليدية التي تركز على الألعاب الميكانيكية، تركز الحديقة على الإبداع والتجربة البصرية والقصصية، وهو ما يجعلها مختلفة وأقرب إلى مفهوم "ديزني لاند" ولكن بطابع صيني معاصر، بحسب وصف مجلة هولا.

الأرقام تتحدث.. لابوبو ماكينة أموال

كشف تقرير أرباح الشركة الصادر في أغسطس 2025 أن سلسلة The Monsters، التي تضم شخصية لابوبو، حققت مبيعات بلغت حوالي 674 مليون دولار في النصف الأول من العام وحده، أي ما يعادل 35% من إجمالي إيرادات الشركة.
وبشكل عام، ارتفعت إيرادات بوب مارت بنسبة 204% لتصل إلى 13.87 مليار يوان، فيما ارتفعت قيمة أسهمها بنحو 400% خلال عام واحد، وفقا لتقرير وكالة رويترز.
جعلت هذه القفزة بوب مارت تتجاوز شركات عملاقة مثل هاسبرو وماتيل وسانريو من حيث القيمة السوقية، لتصبح لاعباً أساسياً في سوق الدمى العالمية. ويقول خبراء إن هوامش ربح الشركة باتت تضاهي بعض العلامات الفاخرة، مما يعكس حجم الإقبال على منتجاتها.

قوة النجوم.. لابوبو في ثقافة البوب

لم يقتصر نجاح لابوبو على الأرقام، بل تمدد إلى الثقافة الشعبية، وفقا لموقع بيزنيس إنسايدر. فقد شوهدت شخصيات لابوبو في حسابات مشاهير عالميين مثل ريهانا، كيم كارداشيان، باريس هيلتون، ليزا من بلاكبينك، وجوشوا هونغ من فرقة "سفننتين". هذا الحضور عزز جاذبية الدمية وأدخلها إلى دائرة الموضة واللايف ستايل، لتصبح رمزاً يعبّر عن الانتماء لثقافة عالمية جديدة.
هذا النوع من الدعم لا يُشترى بسهولة، بل يعكس قوة العلامة نفسها، إذ يتحول اقتناء لابوبو إلى وسيلة للتعبير عن الذوق الشخصي والانتماء لتيار شبابي صاعد. وبذلك، تتكرر القصة التي عرفناها سابقاً مع "ميكي ماوس" أو "هيلو كيتي"، حيث تصبح الشخصية جزءاً من هوية جيل كامل.

صناعة الدمى الفنية في الصين.. بوب مارت تفتح الباب

انعكس نجاح لابوبو على كامل سوق الدمى الفنية في الصين، الذي يُتوقع أن يحقق أكثر من 120 مليار يوان هذا العام، أي ما يمثل أكثر من ثلث السوق العالمية. هذه الطفرة دفعت منافسين مثل 52 تويز وميني سو للاستثمار في تطوير شخصيات خاصة بهم بعد أن كانوا يعتمدون على تراخيص من ديزني وسانريو.
ويقول محللون إن بوب مارت شقّت الطريق لهذه الصناعة، لكن التحدي الأكبر يبقى في قدرتها على الحفاظ على وهج لابوبو وسط منافسة متصاعدة. فكما أشار محلل "مورنينغ ستار" جيف زانغ في حديثه لرويترز: "جميعنا نعرف كتاب قواعد ديزني، لكن النجاح ليس سهلاً تكراره، وبوب مارت ما زالت أمامها طريق طويل لتثبت أن بإمكانها تكرار المعجزة".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة