مال وأعمال

موضة صينية تهز باريس.. "شي إن" تُغضب المصممين وتفجر الأسعار

نشر
blinx
بعد أن رسّخت الصين مكانتها كـ"مصنع العالم" منذ تسعينيات القرن الماضي عبر إغراق الأسواق بالإنتاج الصناعي منخفض الكلفة، يبدو أنّها اليوم تخطو خطوة جديدة لتتحول إلى "متجر الكرة الأرضية".
جاء هذا التطور مع إعلان شركة "شي إن"، عملاق الأزياء الصيني عبر الإنترنت، عن افتتاح أول متجر دائم لها في فرنسا، تحديداً في BHV Marais وسط باريس، إلى جانب ٥ متاجر أخرى في غاليري لافاييت بمدن ديجون، ريمس، غرونوبل، أنجيه وليموج.
أثارت هذه الخطوة التي واكبت أسبوع الموضة الباريسي جدلاً واسعاً في بلد يقدس الحرفية والرفاهية، وطرحت تساؤلات عن معنى هذا التوسع الصيني في قلب أوروبا.

غضب في عاصمة الموضة

جاءت ردود الفعل الأولى مشحونة بالانتقادات، إذ وصفت صحيفة التلغراف البريطانية افتتاح المتجر في باريس بأنّه "خطوة استفزازية" في عاصمة الموضة، حيث اعتبر اتحاد تجار الأزياء الفرنسي أن "شي إن" تمثّل خطراً مباشراً على العلامات المحلية بعدما تسببت "في تدمير 15 ألف وظيفة وأُغلِقت عشرات، بل مئات المتاجر في جميع أنحاء فرنسا".
وبحسب موقع بزنس أوف فاشن، فإنّ الشركة تجسد ما يسميه النقاد "ذروة الاستهلاك الفوري"، إذ تضخّ نحو 7200 قطعة جديدة يومياً، أي ما يعادل عشرات المرات أكثر مما تنتجه علامات مثل "زارا" و"H&M". دفع هذا النموذج الاستهلاكي السريع أكثر من 270 ألف شخص إلى توقيع عريضة تطالب بحظر "شي إن" في فرنسا.

السياسة تدخل على الخط

لم يتوقف الرفض عند التجار، بل امتد إلى السياسيين حيث أكد كريستوف بيشو، عمدة أنجيه ووزير البيئة السابق، أن مدينته "لم تختر شي إن"، واصفاً العلامة بأنها "منتِج لملابس رديئة تُشترى بسرعة وتُرمى أسرع"، بحسب موقع فرانس بلو.
وفي باريس، أبدت السلطات تخوفها من أنّ افتتاح المتاجر الجديدة سيزيد الضغط على الصناعة المحلية التي فقدت ما يقرب من 50 ألف وظيفة خلال العقد الماضي، بحسب تقرير نشرته بلومبرغ.
أمّا على المستوى التشريعي، فقد صوّت مجلس الشيوخ الفرنسي على مشروع قانون يستهدف الحدّ من "الأزياء فائقة السرعة"، عبر فرض ضرائب بيئية وحظر الإعلانات وتقييد التعاون مع المؤثرين، وهو ما اعتبرته بزنس أوف فاشن محاولة لحماية السوق المحلي من التوسع الصيني المتسارع.
وفي هذا السياق، رأت صحيفة ليزيكو أنّ صعود "شي إن" و"تيمو" اللتين استحوذتا على 5% من سوق الملابس الفرنسي في أقلّ من عامين، يعكس تحوّل الصين من مصنع إلى موزّع عالمي يسيطر على سلاسل التوزيع.

بين الإغراء الشعبي والدفاع الاقتصادي

لكن الصورة ليست سوداء بالكامل، إذ هناك من يرى في وجود "شي إن" فرصة لإنعاش الأسواق. فقد صرّح إيمانويل لونوار، رئيس جمعية تجار في غرونوبل، لإذاعة فرانس إنفو بأنّ "وصول علامة شهيرة مثل شي إن يمكن أن يجذب الزوار إلى وسط المدينة ويفيد المتاجر المجاورة"، مؤكداً أنّ "التجارة الفرنسية في أزمة وأي تدفق جديد للزبائن مرحب به".
أمّا المستهلكون، فقد أظهر تقرير لصحيفة لوفيغارو أن الإقبال على المتاجر المؤقتة للشركة في باريس كان كبيراً، حيث اصطفت آلاف الشابات أمام متجر مؤقت في حي "لو ماريه" للاستفادة من العروض المغرية. ونقلت الصحيفة عن إحداهن قولها: "الجودة ضعيفة، لكن مقابل هذا السعر لا بأس". هذا التناقض بين وعي بيئي واجتماعي متزايد وبين انجذاب جماهيري لأسعار منخفضة يعكس معضلة أكبر في السوق العالمي، حيث يبحث المستهلك عن الأرخص ولو كان الثمن على حساب البيئة أو جودة العمل.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة