مال وأعمال

حرب الرسوم والقيود.. أوروبا تدفع ثمن صراع واشنطن وبكين

نشر
blinx
حذّرت شركات غربية من أن النزاع المتجدد بين الولايات المتحدة والصين حول معادن الأرض النادرة قد يؤدي إلى تفكك سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار في قطاعات السيارات والتكنولوجيا والدفاع، وسط دعوات من كبار التنفيذيين إلى التهدئة بين القوتين التجاريتين، وفق ما جاء في تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز.
فبعد أن فرضت الصين في أبريل قيوداً على صادرات المعادن النادرة رداً على الرسوم الجمركية الأميركية، شهدت مصانع السيارات في أوروبا تأخيرات ملحوظة واضطرت شركات عديدة إلى تخزين كميات كبيرة من المواد الأساسية تحسباً لتصعيد جديد.
وفي الأسبوع الماضي، شددت بكين هذه القيود أكثر، إذ ألزمت الشركات الأجنبية بالحصول على موافقات مسبقة لتصدير المغناطيسات التي تحتوي على أي نسبة من المعادن الصينية، كما منعت مشاركة الخبرات التقنية الخاصة بتصنيعها.
ورداً على ذلك، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 100 في المئة على الواردات من الصين قبل لقائه المرتقب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
أما بكين، فأكدت أنها لا ترغب في حرب تجارية لكنها "غير خائفة منها"، مشددة على أن هذه الإجراءات "حق سيادي" وليست حظراً على الصادرات، كما اتهمت واشنطن بـ"سوء استخدام مفاهيم الأمن القومي" وفرض إجراءات تمييزية بحق شركاتها، في وقت تغطي فيه قائمة الضوابط التجارية الأميركية أكثر من 3000 منتج، أي أكثر من ثلاثة أضعاف قائمة الصين.

الصين تُحكم السيطرة.. وتُبطئ التصدير

صاغت الصين، التي تهيمن على أكثر من 90٪ من إنتاج المعادن النادرة عالمياً، منظومة قانونية تجعلها تتحكم في تدفق هذه الموارد الحساسة إلى العالم.
وبحسب تقرير لمجلة فورتشن، فإن أي منتج يحتوي على نسبة ضئيلة من هذه المعادن، أو جرى تصنيعه باستخدام تقنيات صينية، بات يحتاج إلى ترخيص رسمي قبل تصديره.
نتج عن هذا القرار تراكمات كبيرة في طلبات التراخيص وأدى إلى تعقيدات متزايدة للشركات الأوروبية، التي تعتمد بشكل كبير على هذه المواد في صناعاتها.
وقالت غرفة التجارة الأوروبية في الصين إن هذه الخطوات تضيف طبقات جديدة من التعقيد على سلاسل الإمداد العالمية. كما حذر مصنع Magnosphere الألماني من أن "سلاسل التوريد تتفكك بوتيرة متسارعة"، مضيفاً أن الطلب على المغناطيسات التي يصنعها تضاعف ثلاث مرات خلال أسبوع واحد فقط من إعلان بكين عن الإجراءات الجديدة، وفقاً لتقرير لصحيفة فايننشال تايمز.

الصناعات الدفاعية أول الضحايا

لا تقتصر تداعيات هذه الإجراءات على قطاع السيارات، بل تمتد إلى الصناعات الدفاعية الحساسة. تدخل هذه المعادن في تصنيع المقاتلات والطائرات المسيّرة والصواريخ وأنظمة الرادار، ما يجعل أي اضطراب في تدفقها أزمة استراتيجية.
وأكد مسؤولون في قطاع الدفاع الأوروبي أن القيود الصينية "قد تؤخر الإنتاج الحيوي وترفع التكاليف بشكل كبير"، بحسب ما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز.
كما بدأت شركات أميركية مثل ePropelled، التي تصنع محركات الطائرات المسيّرة، في البحث عن بدائل وتعديل تصاميمها لتفادي الاعتماد الكامل على المعادن الصينية.
وفي أوروبا، حذرت منظمة ASD، المظلة الجامعة لصناعات الطيران والدفاع، من أن "الوقت ينفد أمام القارة لتقليل تبعيتها للصين".

واشنطن تلوّح بالبدائل وتحاول جذب الاستثمارات

في المقابل، تحاول الولايات المتحدة تحويل الأزمة إلى فرصة عبر تسريع إنشاء سلاسل إمداد بديلة. فقد أعلنت شركات أميركية مثل Noveon Magnetics عن شراكات مع شركات أسترالية لتطوير سلسلة توريد تقلل من اعتمادها على الصين.
ووفقاً لمجلة فورتشن، تعتبر هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية أوسع لزيادة قدرة الغرب على الصمود في وجه أي استخدام صيني للموارد كأداة ضغط.
ويرى مستشار سابق في البيت الأبيض أن بكين وإن كانت تمسك "برقبة سلاسل الإمداد"، فإن هذه الخطوات قد تدفع الغرب إلى بناء بدائل أسرع مما تتوقعه بكين.
وفي المقابل، تصرّ الصين على أن هذه الإجراءات تأتي ضمن "حقوقها السيادية"، كما ذكرت سي إن إن بزنس، مؤكدة أنها لا تستهدف قطع الإمدادات ولكن ضبطها بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.
لم تعد المعركة حول المعادن النادرة مجرد خلاف تجاري، بل تحوّلت إلى صراع استراتيجي يلامس قلب الأمن الصناعي والاقتصادي للدول الغربية. أوروبا التي تعتمد بشكل شبه كامل على الواردات الصينية تجد نفسها في مأزق يتطلب قرارات عاجلة لتقليل هذا الاعتماد أو مواجهة شلل محتمل في قطاعات حساسة. وبين واشنطن وبكين، تبدو القارة العجوز أول المتضررين من حرب اقتصادية تتخذ من الموارد النادرة سلاحاً حاسماً.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة