أزمة سحابة أمازون.. جرس إنذار للنظام الرقمي العالمي
في ليلة 20 أكتوبر 2025، استعدّ مستخدمو أسرّة Eight Sleep الذكية لقسط من النوم، لكنهم استيقظوا على صدمة غير متوقعة، إذ تحوّلت مراتبهم المزودة بأنظمة تبريد وتدفئة ذكية إلى "أكياس مائية" غير قابلة للتحكم، فيما عُلقت درجات الحرارة لدى بعضهم على 110 فهرنهايت، ما جعل النوم شبه مستحيل.
ولم يكن الخلل في أجهزتهم المنزلية باهظة الثمن، وفقا لموقع
SlashGear، بل في خدمة "أمازون ويب سيرفيسز"، AWS، التي تعطلت على الساحل الشرقي الأميركي، حيث تسبب خلل واحد في خادم بعيد بتجميد حياة آلاف المستخدمين حول العالم.
بنية تحتية مركّزة.. وعالم تحت رحمة مزود واحد
بحسب صحيفة
الغارديان، أدى هذا الانقطاع إلى تعطيل أكثر من 2000 شركة حول العالم، وشمل ذلك منصات وتطبيقات شهيرة مثل سنابتشات، دوولينغو، وروبلكس، إضافة إلى مواقع حكومية ومصرفية في المملكة المتحدة مثل لويدز وهاليفاكس.
وأوضحت الصحيفة أنّ 8.1 ملايين مستخدم أبلغوا عن مشكلات في الوصول إلى خدمات أساسية، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، وهو ما يكشف مدى هشاشة البنية الرقمية العالمية حين تتركز في يد مزوّد واحد.
واعتبر خبراء نقلت عنهم الصحيفة أنّ هذا الاعتماد المفرط يشكّل "خطرا استراتيجيا" ويستدعي تنويع مزوّدي الخدمات لتجنّب وضع الإنترنت العالمية "رهينة عدد محدود من الشركات العملاقة".
إنذار يخص مستقبل الإنترنت
أما صحيفة
إل باييس الإسبانية فقد تناولت الحادثة من زاوية أوسع، موضحة أن الأزمة كشفت عن نقاط ضعف بنيوية في شبكة الإنترنت نفسها.
وأشارت إلى أنّ "الإنترنت كما نعرفه اليوم لا يعتمد على آلاف الخوادم الموزعة في كلّ مكان، بل على حفنة من مراكز البيانات التي تديرها شركات ضخمة".
وأكّد الخبراء في التقرير أنّ ما حدث مع AWS ليس مجرّد خلل عابر، بل يثبت أنّ جزءا كبيرا من البنية التحتية التي تقوم عليها التجارة الإلكترونية، والتعليم عن بعد، والألعاب، ووسائل التواصل وحتى أنظمة الأمن المنزلي "مركّز في عدد قليل من النقاط"، ما يجعل خللا واحدا قادرا على التسبب في شلل اقتصادي وتقني عالمي.
السحابة ليست محصّنة كما نعتقد
وفقا لتقرير
CBS News، فإن الحادثة الأخيرة لم تكن الأولى من نوعها، لكنها كانت "الأوضح من حيث مدى الاعتماد الكثيف" على مزوّد واحد للخدمات السحابية.
وأوضح الخبراء للقناة أنّ "السحابة" رغم مظهرها غير المرئي، تقوم على بنية مادية هائلة من مراكز بيانات وشبكات وكابلات. وعندما ينهار أحد هذه الأعمدة، تتساقط الخدمات المرتبطة بها كقطع دومينو.
كما أشارت القناة إلى أنّ المؤسسات المالية والحكومية تعتمد على هذه الخدمات ليس فقط لتخزين البيانات، بل أيضا لإدارة العمليات اليومية، ما يجعل آثار أي عطل تتجاوز التكنولوجيا لتصيب الاقتصاد مباشرة.
من السرير إلى الاقتصاد العالمي
الجانب الأكثر إثارة للسخرية، كما وصفه موقع SlashGear، هو أنّ العطل لم يصب فقط شركات كبرى بل وصل إلى تفاصيل الحياة اليومية.
اضطرّت شركة Eight Sleep إلى إطلاق تحديث عاجل يتيح تشغيل الأسرة عبر البلوتوث في حال وقوع أعطال مستقبلية، بعدما عبّر المستخدمون عن استيائهم من "ارتباط نومهم بخادم بعيد".
وفي المقابل، تشير إل باييس إلى أن ما جرى ليس حادثا معزولا، بل حلقة في سلسلة من الانقطاعات التي طالت شركات أخرى في السنوات الماضية، وتؤكد أن "مركزية القوة السحابية" تجعل العالم بأسره تحت رحمة عدد محدود من الشركات العملاقة.
أظهرت هذه الحادثة أنّ العالم يضع "كلّ بيضه في سلة واحدة". فالعطل في خادم واحد أدّى إلى تعطيل آلاف الشركات وملايين المستخدمين، وأربك اقتصادات وأسواقا وبيوتا في الوقت نفسه.
كما توضح التقارير الصحفية، فإنّ هذه الأزمة ليست مجرد خلل تقني، بل تحذير صريح من هشاشة نظام رقمي عالمي يقوم على عدد قليل من المزودين.
لم يعد تنويع البنية التحتية السحابية خيارا تكنولوجيا، بل ضرورة استراتيجية لحماية الإنترنت، وتاليا الاقتصاد، من الانهيار بسبب "عطل واحد".