معدّات التنقيب تغزو الشوارع.. كاليفورنيا تعيش "Gold rush" جديدة
يجوب مات جيمس منذ سنوات الجبال والأنهار في كاليفورنيا بحثًا عن قطع الذهب وغيرها من الكنوز. لكن مع الارتفاع الحالي لأسعار هذا المعدن النفيس، حوّل المنقّب الهاوي اهتمامه إلى مكان آخر هو صفحاته على المنصّات الاجتماعية.
يقول جيمس بابتسامة "تشهد حساباتي حتمًا زيادة في معدّل المتابعة".
في مرحلة غير مستقرة، ومع زعزعة دونالد ترامب الاقتصاد العالمي برسومه الجمركية، وتهديد الحرب في أوكرانيا أمن أوروبا، يؤدي المعدن الثمين دوره كملاذ آمن.
خلال العامين الفائتين، تضاعف سعره تقريبًا متجاوزًا في شهر أكتوبر الماضي 4300 دولار أميركي، وهو مستوى غير مسبوق.
في الولاية التي يُطلق عليها "الولاية الذهبية" واشتهرت بحمى البحث عن الذهب في القرن التاسع عشر، بدأ كثيرون فجأة بتجربة التنقيب، وقد عثروا بالصدفة على مقاطع فيديو لجيمس يشارك فيها معارفه في هذا الخصوص، ويتحدث عن الأدوات اللازمة لبدء هذا النشاط.
معدات متطورة تغيّر قواعد لعبة التنقيب
زيادة معدّل متابعة قناته عبر يوتيوب، والعمولات على مبيعات المعدات التي يروّج لها، توفّران له دخلًا إضافيًا.
يقول لوكالة فرانس برس "لا أصبح ثريًا، لكنّ هذا الدخل يُموّل هوايتي وشغفي، ويُغطي ثمن معدّاتي".
يُدرك جيمس، البالغ 34 سنة، أنّ طفرة التعدين عام 1849 التي شهدت توافد آلاف الأشخاص من مختلف أنحاء العالم إلى كاليفورنيا لاستغلال ما يُعرف بـ"المنجم الأم" الشهير، لم تعد قائمة، لكنه لم يفقد الأمل في العثور على "الكنز الثمين".
ويقول "السؤال الذي يطرحه الجميع دائمًا هو: أين يمكن العثور على الذهب؟ للأسف، إنه السؤال الذي لا أحد يريد الإجابة عليه. العثور على الذهب صعب جدًا، والجميع يريد إبقاءه سرًا".
ولّى الزمن الذي كان يمكن للشخص فيه تحقيق ثروة من خلال غربال بسيط، وباتت هناك حاجة راهنًا إلى أدوات متخصّصة لاستخراج الذهب، وفق جيمس.
يوضح كودي بلانشار، الذي يستفيد من هذه الطفرة من خلال مشروعه الصغير "هيريتيج غولد راش"، أن الطلب على أجهزة كشف المعادن هذه، التي قد يصل سعرها إلى آلاف الدولارات، يشهد ارتفاعًا هائلًا.
يقول بلانشار، الذي حوّل شغفه إلى مشروع تجاري ويوفر رحلات تنقيب مع مرشدين: "لقد شهدت نموًا هائلًا في المبيعات خلال فترة وجيزة". وقد أتاحت له معدّاته المتخصّصة زيادة مردوده تدريجيًا.
ويقول "هذا العام، عثرت على ما يزيد عن ثلاث أونصات من الذهب"، مقارنة بـ"ما بين نصف أونصة وأونصة" في بداياته.
ويعزز تحسّن أدائه من شعبية أدواته وجاذبيتها بين المستخدمين، لدرجة أن مبيعاته باتت تتجاوز عائدات التنقيب.
أمجاد الـGold rush تعود مجددا
وتتجلّى هذه الحماسة أيضًا في متنزّه كولومبيا، حيث تعيد متاجر ومطاعم ومتاحف قائمة في مبانٍ تاريخية التذكير بأمجاد فترة حمى الذهب، Gold rush، التي جسدتها الدراما الأميركية في مئات الأفلام والمسلسلات.
اعتادت المنطقة استقبال أعداد كبيرة من السياح المحليين والعالميين. لكن في الأشهر الأخيرة، ازداد عدد الأشخاص الذين يجرّبون حظهم في التنقيب عن الذهب في النهر المحلي، وفق نيكايلا ديلورينزي، مالكة شركة "ماتيلوت غالتش" للتعدين.
وتلاحظ ديلورينزي أن الحرائق الأخيرة في المنطقة "تساهم في تآكل التربة"، مضيفة: "هناك الكثير من الرواسب التي تتدفق عبر النهر. لذا، ثمة فرص جيدة جدًا للتنقيب عن الذهب".
ومع تجاوز سعر الأونصة 4000 دولار، "يعتقد الناس أنها هواية رائعة قد تحقق أرباحًا"، بحسب ديلورينزي. توافقها الرأي شارلين هيرنانديز، التي حضرت للاسترخاء مع عائلتها والبحث عن الذهب.
وتقول المرأة الأميركية إن "الذهب مادة يمكن الوثوق بها، بقيت ثابتة وقوية" عبر الزمن. وترى أن عودة الذهب ليكون ملاذًا آمنًا في الأسواق "قد تثير حمى ذهب جديدة، مختلفة عن تلك التي تعلّمناها في كتب التاريخ".