تريليون هزم الرسوم.. كيف قلبت الصين موازين الحرب الاقتصادية؟
رغم تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وفرض واشنطن رسوما جمركية واسعة على الواردات الصينية، نجحت الصين في تسجيل فائض تجاري غير مسبوق تجاوز تريليون دولار خلال أحد عشر شهراً فقط، وفقا لتقرير نشرته صحيفة
فاينانشال تايمز.
هذا الارتفاع قياسي في ظل حرب اقتصادية كان يُفترض أن تُبطئ اندفاع الصادرات الصينية. وبحسب التقرير، فإن الفائض بلغ 1.076 تريليون دولار حتى نهاية نوفمبر، فيما أكد تقرير آخر نشرته
نيويورك تايمز أن الصين "تجاوزت بسهولة تأثير الرسوم" بفضل استراتيجيات تصديرية مرنة وتحولات في سلاسل الإنتاج.
ارتفاع في الصادرات وتراجع الواردات.. المعادلة التي صنعت الفائض
وفقا لبيانات الجمارك الصينية التي نقلتها فايننشال تايمز، ارتفعت الصادرات بنسبة 5.9% في نوفمبر، مقابل ارتفاع محدود للواردات بنسبة 1.9% فقط، ما أدى إلى فجوة كبيرة بين الصادرات والواردات تعد المحرك الأساسي للفائض.
كما أشارت الصحيفة إلى أن تباطؤ الطلب المحلي وانكماش قطاع العقارات دفع الحكومة الصينية إلى الاعتماد بقوة على التصدير لتحريك الاقتصاد.
أما نيويورك تايمز فأوضحت أن الرسوم الأميركية خفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة "بنحو الخُمس"، إلا أن الصين قابلت ذلك بخفض مماثل في مشترياتها من السلع الأميركية، محافظة على ميزان تجاري إيجابي للغاية مع واشنطن.
الالتفاف على الرسوم عبر دول ثالثة
تؤكد فايننشال تايمز أن جزءا مهما من الارتفاع في الصادرات سببه إعادة التصدير عبر جنوب شرق آسيا، حيث تنتقل البضائع الصينية إلى دول مثل فيتنام وإندونيسيا ثم يعاد شحنها إلى الولايات المتحدة، وهو ما قال عنه اقتصاديون إن واشنطن "لم تشدد الرقابة عليه بعد".
وتضيف نيويورك تايمز أن الشركات الصينية باتت تنقل التجميع النهائي إلى دول مثل المكسيك وأفريقيا لتفادي الرسوم الأميركية، ما سمح لها بالحفاظ على تدفق صادراتها رغم القيود.
هذا التوسع لم يقتصر على أميركا، فالصين، بحسب التقرير ذاته، أغرقت أسواق أوروبا، أفريقيا، وآسيا بسياراتها، وألواح الطاقة الشمسية، والإلكترونيات، ما أدى إلى تراجع حاد في حصة المصنعين الألمان واليابانيين والكوريين الجنوبيين.
أحد العناصر الحاسمة التي ذكرتها نيويورك تايمز هو ضعف اليوان خلال السنوات الأخيرة، ما جعل السلع الصينية أرخص بكثير مقارنة بالمنافسين، خاصة في أوروبا حيث ارتفعت الأسعار بينما استمرت الصين في خفض تكاليف الإنتاج.
كما ساعد الانكماش الداخلي، أي انخفاض الأسعار داخل الصين، في تعزيز القدرة التنافسية للصادرات. وتضيف فايننشال تايمز أن الصين تستفيد من هيمنتها على قطاعات "النمو المتسارع" مثل السيارات الكهربائية والبطاريات والروبوتات، وهي صناعات تتطلب استثمارات ضخمة وقدرات تصنيعية لا تتوفر لكثير من الاقتصادات المنافسة.
وبهذه المزايا مجتمعة، تمكنت الصين من تحويل حرب الرسوم إلى فرصة لتوسيع حصتها من التجارة العالمية، بدلا من أن تكون عائقا أمامها.