احتيال بالملايين.. منصات تسوق إلكترونية ضحية "مرتجعات الـAI"
شهدت التجارة الإلكترونية في العالم تحوّلاً غير مسبوق في أساليب الاحتيال، حيث بدأ مستخدمو بعض منصات التسوق باستخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور وفيديوهات مزيفة بهدف استرجاع أموالهم من مواقع التسوق عبر الإنترنت.
من الأطعمة إلى أغطية السرير الممزقة، يستخدم المحتالون صوراً ومقاطع فيديو مزيفة للحصول على استرداد أموالهم من مواقع التجارة الإلكترونية بحسب موقع "وايرد".
وفي موسم التسوق الأخير، قام الكثيرون بعمليات شراء عبر الإنترنت، وللأسف لم تتوافق بعض المنتجات مع التوقعات. وتعتمد منصات التسوق عبر الإنترنت منذ فترة على الصور التي يرسلها العملاء للتحقق من صحة طلبات الاسترداد، لكن الآن أصبح الذكاء الاصطناعي يهدد هذا النظام.
صور مزيفة ومطالب استرداد مشبوهة
على تطبيق وسائل التواصل الاجتماعي الصيني RedNote، وثقت تقارير عدة من بائعي المنتجات وخدمة العملاء وجود طلبات استرداد يشتبه في أنها مزيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
في إحدى الحالات، ادعى العميل أن غطاء السرير الذي اشتراه قد تم تمزيقه بالكامل، لكن حروف الشحن الصينية على الملصق كانت غير مفهومة. وفي حالة أخرى، أرسل المشتري صورة لفنجان قهوة به تشققات تشبه تمزيق الورق، فيما تساءل البائع: "هذا فنجان خزفي، ليس ورقياً، من يمكنه تمزيق فنجان خزفي بهذه الطريقة؟".
وأفاد البائعون أن هناك فئات معينة من المنتجات الأكثر استهدافاً بالصور المزيفة، مثل: المنتجات الغذائية الطازجة، منتجات التجميل منخفضة التكلفة، والأغراض الهشة مثل الأكواب الخزفية. وغالباً لا يطلب البائعون إعادة هذه المنتجات قبل إصدار الاسترداد، مما يزيد من فرص وقوع الاحتيال.
خداع مبتكر بمقاطع الفيديو
في نوفمبر، تلقى بائع في الصين لسرطانات حية على Douyin، النسخة الصينية من TikTok، صورة من عميل تظهر معظم السرطانات التي اشتراها ميتة.
وأرفق المشتري مقاطع فيديو تظهر السرطانات الميتة، لكن البائعة غاو جينغ، لاحظت تناقضات واضحة.
وأكدت الشرطة لاحقاً أن الفيديوهات مزيفة واحتجزت المشتري لمدة ثمانية أيام، ما أثار اهتماماً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي في الصين، كأول حالة احتيال بالذكاء الاصطناعي على هذا النحو تتلقى استجابة رسمية.
ليست الصين وحدها المتأثرة، فشركة Forter الأميركية المختصة بالكشف عن الاحتيال تشير إلى زيادة الطلبات المزورة بالصور المُعدلة عبر الذكاء الاصطناعي بنسبة أكثر من 15% منذ بداية العام، مع توقع استمرار ارتفاعها عالمياً.
يقول مايكل ريتبلات، المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة Forter: "بدأت هذه الظاهرة منتصف 2024، لكنها تسارعت خلال العام الماضي مع توافر أدوات توليد الصور بسهولة ويسر".
وأضاف أن المجرمين لا يحتاجون لأن تكون الصور دقيقة بالكامل، لأن فرق مراجعة الاسترداد غالباً لا تملك الوقت لفحص كل صورة بدقة.
وفي حالات متعددة، استخدمت مجموعات هذه الأساليب على نطاق واسع، حيث قدم المحتالون طلبات استرداد بمبالغ تجاوزت مليون دولار باستخدام صور مزورة تظهر خدوشاً أو كسوراً في منتجات منزلية مختلفة، مع استخدام عناوين إنترنت متغيرة لإخفاء الهوية.
بعض البائعين بدأوا في استخدام الذكاء الاصطناعي لمواجهة الاحتيال، عبر تحليل الصور المرسلة لتحديد ما إذا كانت مزيفة. لكن هذه الأدوات لا تزال غير مثالية، وحتى عند تأكيد التحليل، لا تضمن منصات التجارة الإلكترونية دائماً الوقوف إلى جانب البائع.
وتوضح هذه الظاهرة تحدياً أكبر للتجارة الإلكترونية، التي تعتمد على الثقة بين البائع والمشتري.
ومع انتشار الذكاء الاصطناعي، تصبح هذه الثقة أكثر هشاشة، ما يدفع المنصات للبحث عن حلول جديدة مثل قواعد تحقق إضافية، أو سياسات استرداد أكثر صرامة، أو آليات مساءلة أفضل لمكافحة الاحتيال المدعوم بالذكاء الاصطناعي.