"الساحل الأزرق الليبي".. صاحب المغامرة يكشف أسرارها لبلينكس
رحلة البحث في الحياة الطبيعية والساحلية في ليبيا لم تكن سهلة، لكنها تستحق المغامرة، فالطبيعة الليبية مليئة بالأسرار، هكذا يصف بدر الطيب، مصور ومخرج الفيلم الوثائقي الليبي "الساحل الأزرق" الحياة البرية والبحرية النادرة.
يقول الطيب لبلينكس أن "الفيلم لا يكتفي فقط بإظهار الجمال، بل يكشف أيضًا عن الانتهاكات التي تهدد هذا التوازن البيئي، مثل الصيد الجائر بالمتفجرات وجرف الرمال ما يؤدي إلى تدمير البيئة البحرية، ويهدد بانقراض العديد من الأنواع".
وفاز فيلم "الساحل الأزرق" بالمركز الأول في مهرجان بنغازي السينمائي ديسمبر، ليكون بذلك أول وثائقي ليبي يرصد بدقة الحياة الطبيعية في الساحل الليبي وكائناته النادرة وكذلك التحديات التي تهددها.
الفيلم أثار إعجاب لجنة التحكيم والجمهور بفضل أسلوبه البصري الفريد، لكنه في الوقت ذاته كشف عن واقع بيئي مهدد بسبب التدخل البشري غير المسؤول.

المخرج خلال تلقيه الجائزة في مهرجان بنغازي. بلينكس
"مغامرة في عالم الساحل الليبي"
يستعرض الفيلم الطبيعة الذي سيتم عرضه للجمهور من ضمن خطة تطوير المتحف الوطني الموجود في السرايا الحمراء في العاصمة طرابلس، الحياة الساحلية الليبية بكل تفاصيلها، بدءًا من الجزر التي تُعد ملاذًا آمنًا لتعشيش الطيور المهددة بالانقراض، مثل طائر الخطاف المتوج الصغير، مرورًا بالشواطئ التي تضع فيها السلاحف البحرية بيضها، وانتهاءً بالمياه العميقة التي تحتضن أنواعًا نادرة من الكائنات البحرية، مثل سمك التونة وفقمة الراهب.
يقول الطيب لبلينكس "منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها العمل على هذا الفيلم، كان هدفي نقل المشاهد إلى عالَم لم يُشاهد من قبل، عالم الساحل الليبي بكل ما يحويه من حياة بحرية نادرة، وبيئة طبيعية مذهلة، لكنه في الوقت ذاته عالم مهدد بالاندثار".
رحلة العمل لم تكن كلها شاقة، بل حملت لحظات مبهجة ومليئة بالإثارة. كان من بين اللحظات الأكثر إثارة التي أبهجت صناع الفيلم اكتشاف فريد لم يكن متوقعًا، وهو فقمة الراهب النادرة، التي كانت المنظمات البيئية قد أعلنت انقراضها في الساحل الليبي منذ أكثر من 20 عامًا.
يقول الطيب:"لم يكن أحد يتوقع ظهورها، لكننا تمكنا من توثيق وجودها وتصويرها لأول مرة منذ عقود،هذه اللقطة وحدها كانت إنجازًا بيئيًا مهمًا، وأثبتت أن الطبيعة ما زالت تخبئ أسرارًا تستحق الاستكشاف."
ويعد توثيق وتصوير الحياة البرية رحلة طويلة من التحدي والمثابرة، حيث يتطلب الأمر تنسيقًا دقيقًا مع الطبيعة لتوثيق اللحظات النادرة.
يشير الطيب إلى أن تنفيذ الفيلم استغرق عامًا كاملًا، لأن لكل كائن حي دورة حياة محددة، وكان على الفريق انتظار اللحظة المناسبة لتوثيقها.
ويوضح أن فريق العمل كان يضطر للانتظار طويلا بسبب دورة حياة كل كائن، فقد تابع السلاحف البحرية خلال موسم وضع البيض، وانتظر طائر الخطاف المتوج في فترة تعشيشه، وصور سمك التونة خلال موسم هجرتها.
وأضاف "لم يكن الأمر سهلًا، لكنه كان ضروريًا لنقل الصورة الكاملة للحياة البرية في الساحل الليبي"، وفق كلام المخرج.
لم يكن التصوير مقتصرًا على المشاهد التقليدية، بل استخدم فريق العمل أحدث تقنيات التصوير الجوي والبري وتحت الماء، فضلاً عن الأداء الصوتي للمعلق، لتقديم تجربة سينمائية متكاملة.
يقول الطيب: "تم تقسيم الفريق إلى وحدات متخصصة فريق للتصوير البري، وآخر للتصوير تحت الماء، مما مكننا من التقاط أدق التفاصيل لسلوك هذه الكائنات في بيئتها الطبيعية".
ليس هذا فحسب يعتقد الطيب أن أحد أسباب نجاح الفيلم الصوت المتناغم مع الصورة، للمعلق عبدد الله الجبالي لأن صوته يأخذ تركيزك من بداية الفيلم الى النهاية، كما يؤكد الطيب.
يحمل الفيلم رسالة بيئية واضحة بأن الساحل الليبي ليس مجرد مساحة جغرافية، بل هو نظام بيئي متكامل يحتوي على كائنات نادرة تعتمد عليه في بقائها.
ويؤكد الطيب في حديثه مع بلينكس أنه "إذا استمرت الممارسات الخاطئة، مثل الصيد بالمتفجرات، وجرف الرمال، والإهمال البيئي، فإننا سنفقد هذه الثروات الطبيعية إلى الأبد".
ويعتبر الطيب أن الفيلم لم يكن مجرد توثيق للحياة البحرية، بل كان أيضًا وسيلة للترويج للسياحة البيئية في ليبيا، خاصة أن الناس تحب الصورة الجميلة والموسيقى الجذابة، مؤكدا أن "ليبيا تمتلك أماكن خلابة لم يتم استكشافها بالشكل الكافي بعد".
ويقول الطيب إنه بالإضافة إلى جمال المنطقة والطبيعة النادرة لكن أيضا "استغلينا قوة السينما لنحذر من مخاطر حقيقية تهدد هذا النظام البيئي، فضلًا عن تقديم عمل ينافس الإنتاجات الوثائقية العالمية".