صراعات‎

يحملون معداتهم ويفترشون الأرض.. مياومو اليمن يواجهون البطالة والجوع

نشر

.

Mohammad AlAssi

يترصد الشاب الثلاثيني سعيد علي أحمد وهو جالس على رصيف بأحد الشوارع الرئيسية في مدينة عدن جنوب اليمن وصول أي شخص يطلب عمالا لاختياره، على أمل أن يجني بعضا من المال يستطيع به توفير أبسط احتياجات أسرته.

إلى جانب الشاب أحمد، يفترش المئات من العاملين بالأجر اليومي الأرصفة منذ ساعات الصباح الأولى حتى المساء في مدينة عدن الساحلية وغيرها من مدن البلاد. ويجلسون في أماكنهم المعتادة حاملين معدات العمل في مجالات مختلفة كالبناء والسباكة والحفر.

أحمد يتحدث عن قلة فرص العمل المتاحة أمامه خلال الفترة الماضية وهو واقع لم تشهده من قبل المدينة التي تتخذها الحكومة المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة للبلاد ومقرا لها.

وأوضح أن نشاط المقاولات وشركات البناء لم يتوقف على الإطلاق، إلا للضرورة القصوى ولفترات قليلة جدا، حتى وقت قريب في عدن مع تدفق المغتربين من الخليج للاستثمار وإنشاء مشاريع وإقامة منازل خاصة بهم.

وحينها كان يتنقل للعمل بشكل متواصل من منطقة لأخرى في ظل ازدهار حركة العقارات وأعمال البناء، لكنه قال إنه "منذ العام الماضي تغيير الوضع وازداد سوءا العام الجاري".

الباحث المتخصص في الشؤون الاقتصادية وحيد الفودعي لرويترز شرح أن عمال الأجر اليومي يعانون من صعوبات هائلة بسبب الحرب الدائرة في البلاد وتداعياتها الكارثية على مختلف الأصعدة وما نتج عنها من تضخم وفقدان الريال اليمني لقيمته الشرائية.

الركود الاقتصادي بشكل عام أثر على عمال الأجر اليومي

وأوضح الفودعي أن "الركود الاقتصادي بشكل عام أثر على عمال الأجر اليومي بشكل كبير سواء من ناحية محدودية فرص العمل أو من ناحية عدم القدرة على إدارة احتياجاتهم اليومية وتلبية متطلباتهم من مأكل ومشرب وإيجار ودواء وغيرها، مما أدى إلى تقلص حاد في فرص العمل وتفشي البطالة والفقر".

معاناة يومية

يكابد عبد الوهاب أحمد (40 عاما)، الذي يعمل في البناء في منطقة الشيخ عثمان بعدن، يوميا من أجل توفير لقمة العيش لأسرته المكونة من سبعة أفراد. ويروي أنه كان يعمل كل أيام الأسبوع في السابق ويجني أسبوعيا ما بين 150 إلى 200 ألف ريال (150 دولارا) لكنه يعمل حاليا يوما أو يومين ويحصل على أقل من نصف ما كان يجنيه من قبل.

وعزا ذلك إلى الركود الكبير في قطاع البناء والعقارات بعدن، فضلا عن الإجراءات الحكومية المعقدة للحصول على تراخيص البناء في بلد يعاني من تداعيات الحرب لسنوات.

وتقدر مصادر محلية وأخرى نقابية أن عدد العمال الذين تأثروا بشكل مباشر جراء استمرار الصراع في البلد، المصنف أحد أفقر الدول العربية، يصل إلى أكثر من تسعة ملايين.

بيانات رسمية صادرة عن وزارة الصناعة والتجارة تكشف عن خروج أكثر من نصف المنشآت الصناعية في اليمن عن الخدمة وتوقفها عن العمل منذ اندلاع الحرب، وأن أكثر من 65 بالمئة من العاملين بمنشآت القطاع الخاص تم تسريحهم.

خروج أكثر من نصف المنشآت الصناعية في اليمن عن الخدمة

إجراءات معقدة

أرجع محمد مصطفى ياسين المهندس المعماري والمقاول في عدن حالة الركود إلى وقف البناء في الأراضي غير المرخصة وعدم إيجاد حلول لها.

ويقول "المباني من دور أو أكثر في أراضي غير مرخصة يُمنع الآن البناء فيها، فضلا عن دفع رسوم باهظة لإخراج تصاريح بناء للأراضي الرسمية، وابتزاز ودفع مبالغ خارج إطار الرسوم القانونية بهدف إنجاز المعاملة".

وأصدر محافظ عدن أحمد حامد لملس قرارا في أواخر 2021 يقضى بتشكيل وحدة أمنية للتدخل بمشكلات الأراضي والبناء العشوائي، ومهمتها إيقاف العمل في أي مخططات غير صادرة عن هيئة الأراضي وعقارات الدولة والتخطيط العمراني، وكذلك منع البناء والتشييد دون تراخيص.

وأكد سكان في عدن أن هذه الإجراءات زادت من معاناة عمال الأجر اليومي والمواطنين على حد سواء، فبدلا من أن تكون هذه الإجراءات عاملا مساعدا لتيسير عمليات البناء على السكان، أصبحت تثقل كاهلهم وتحملهم أعباء مالية إضافية.

وعزا مسؤول حكومي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عدن تراجع الأعمال الحرة وتوقف عشرات المشاريع الخدمية والتنموية للحكومة، كإنشاء الطرقات وبناء المدارس والمستشفيات وغيرها، إلى توقف البنك الدولي وعدد من الدول المانحة عن تمويل تلك المشاريع.

وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن التقديرات الحالية تشير إلى أن 17 مليون يمني سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد. في حين استطاعت الأمم المتحدة جمع 1.2 مليار دولار فقط من أصل 4.3 مليار دولار ضرورية لمواجهة هذه الأزمة. ووصل التضخم في أسعار الغذاء إلى 45 بالمئة في 2022.

اعرف أكثر

صراع ومجاعة

يشرف اليمن على مجاعة واسعة النطاق تهدد أرواح الملايين، إلا أن تمويل جهود الإغاثة المنقذة للحياة غير كاف. ويشرف عشرات آلاف اليمنيين على الموت جوعا في ظل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ولكن شُح الموارد يجعل وكالات الإغاثة غير قادرة على الوفاء بالاحتياجات وإنقاذ الأرواح.

ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم. تشير أحدث التقديرات إلى أن نحو 50 ألف شخص يعيشون حاليا في ظروف تشبه المجاعة. يشتد الجوع في المناطق المتضررة من الصراع. يحتاج ما يقرب من 21 مليون شخص، أي أكثر من 66% من إجمالي عدد السكان، إلى مساعدات إنسانية وحماية.

مجاعة وشيكة

من المتوقع أن يصل عدد الجوعى في اليمن إلى 16 مليون شخص هذا العام. وبالفعل يشارف ما يقرب من 50 ألف شخص على الموت جوعا مع عودة ظهور أوضاع تشبه المجاعة في بعض مناطق اليمن للمرة الأولى منذ عامين. ولا يفصل 5 ملايين شخص آخر عن المجاعة سوى خطوة واحدة.

الأطفال والنزاع المسلح

أكثر من نصف اليمنيين الذين بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، والبالغ عددهم 20.7 مليون شخص، هم من الأطفال. في 2021، أفادت "منظمة إنقاذ الطفل" أن ربع مجموع الضحايا المدنيين بين 2018 و2020 كانوا من الأطفال. أكثر من 1.5 مليون من النازحين في اليمن البالغ عددهم أربعة ملايين هم من الأطفال، وأصبح مئات الآلاف من الأطفال مهاجرين أو طلبوا اللجوء في الخارج.

حذرت "اليونيسف" ومجموعات أخرى في 2021 من أن الأطفال يواجهون أعلى مستويات سوء التغذية الحاد المسجلة في اليمن منذ تصاعد النزاع في 2015، حيث يعاني 2.3 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، ونحو 400 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر الموت الوشيك.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة