صراعات
.
يستحضر الكاتب البريطاني رايموند بارون وولفورد، الذي ألف كتاب "بنك الطعام البريطاني"، في مقال له على موقع لندن إكونوميك، صدمته حينما اكتشف العدد الهائل من الفقراء البالغين الذين سُجنوا لسرقة الطعام من المتاجر لتناوله.
ظاهرة سرقة الطعام في المملكة المتحدة امتدت بشكل أوسع لتشمل فئات جديدة من المجتمع، إذ نقلت صحيفة الاندبندت عن تقرير لمنظمة باتل يوكي أن 120 ألف من أطفال المدارس يدفعهم الفقر لسرقة الطعام وكذلك التغيب عن المدرسة.
يسجل الفقر في بريطانيا أرقاما مرتفعة حيث رصدت منظمة جوزيف رونتري للبحوث عام 2021 أن 20٪ من البريطانيين يعيشون في فقر، أي ما يزيد عن 13.4 مليون شخص، ويمثل منهم الأطفال 27٪، أو 3.9 مليون.
أما بالنسبة للفقر الغذائي، يسجل تقرير بحثي لمجلس العموم بالمملكة المتحدة أن نسبة السكان الذين عانوا من الفقر الغذائي عام 2022 وصلت إلى 7٪، أي حوالي 4.7 مليون شخص، ويمثل الأطفال 12٪ من المجموع.
رصد المشاركون في الاستطلاع الذي قامت به منظمة باتل يوكي بعض مظاهر الفقر الذي يعاني منه الأطفال، ومن أبرزهم عدم التوفر على ملابس نظيفة وأحذية تناسب مقاساتهم، وقلة نظافة الجسم والملابس، وعدم التوفر على كلفة أجرة الحافلة، إضافة إلى الجوع.
وما لفت نظر المنظمات الخيرية التي تعمل مع 122 ألفا من الأطفال هي طفلة صغيرة رفضت الذهاب إلى المدرسة لأنها لم تتوفر على حذاء مناسب وكانت تعيش في بيت مظلم لا تتوفر فيه التدفئة. وبسبب الجوع، اضطرت يوما إلى سرقة تفاحة، وهو ما وصفته صحيفة الاندبندنت بـ"قصة تعود للقرن 19".
قصة سرقة هذه الطفلة للتفاحة ليست النموذج الوحيد، إذ أفادت صحيفة الغارديان في تقرير أن الأطفال الذين ينتمون لأسر فقيرة يلجؤون لسرقة بعض المستلزمات الضرورية بالمدرسة مثل الطعام، وتشير الصحيفة إلى أن المعلمين بالمدرسة لاحظوا أن الأطفال تأتي إلى المدرسة تشعر بالقلق والتعب والجوع.
وبسبب الجوع الذي يعاني منه التلاميذ، يلجأ البعض إلى سرقة الوجبات الخفيفة لزملائهم والبعض الآخر إلى أكل مَمَاحٍ للشعور بالشبع، حسب موقع ميرور البريطاني.
يلجأ بعض التلاميذ إلى سرقة الوجبات الخفيفة لزملائهم (مصدر الصورة: أ. ب)
تعتبر مظاهر الفقر والجوع، حسب تقرير آخر لصحيفة الغارديان، الدافع الرئيسي لارتفاع نسبة الغياب المدرسي الذي سجلت الحكومة البريطانية نسبته في خريف 2022/2023 بـ 7.5٪ ، أي أن 120 ألف تلميذ تغيبوا عن 50٪ من حصصهم.
يشير مقال رأي نشره موقع أي نيوز إلى أن نسبة الغياب عن الصف مرتبط بالوجبات المجانية التي توفرها المدارس، حيث لاتزال الوجبات المدرسية المجانية تعتبر كوصمة عار بالنسبة للتلاميذ، ما يجعل المؤهلين لها يعزفون عن حضور المدرسة لتفادي الإحراج أمام زملائهم.
نسبة الغياب عن الصف مرتبط بالوجبات المجانية (مصدر الصورة: أ. ب)
ومن جهة أخرى، يعجز بعض التلاميذ عن الوصول إلى مدارسهم بسبب عدم قدرتهم على توفير كلفة الحافلة، إذ تضطر أسرهم للعيش بمناطق بعيدة عن المدرسة نظرا لغلاء كلفة الإيجار كذلك.
وتنقل صحيفة الغارديان عن منظمات أنه بسبب التضخم وأزمة غلاء الأسعار، تقف أسر في حيرة حول ما إذا كانت ستوفر كلفة المواصلات أم كلفة الطعام أم كلفة ملابس نظيفة.
وتضيف أن الاختيار يقع غالبا على الطعام، في مجتمع يعاني فيه 3 ملايين من الأشخاص من خطر سوء التغذية، وفقا لمعطيات الجمعية البريطانية لداء السكري.
وفي هذا الشأن، رصدت منظمة باتل يو كي حالة طفل يبلغ من العمر 3 سنوات ويعاني من مشاكل في الأسنان لأن والديه كانا يساعدانه على الشعور بالشبع من خلال خلط العصير مع الحليب، حيث أن هذا الخليط يعتبر أقل تكلفة من وجبات غذائية متكاملة.
وقالت المنظمة الخيرية إن أكثر من نصف العائلات، أي 57٪، التي كانوا يحاولون مساعدتها لا تستطيع تحمل ما يكفي من الغذاء والتغذية؛ كما أن 58 ٪ لا تستطيع تحمل تكاليف الغاز والكهرباء و63 ٪ لا تتوفر على أسرة وأرائك وأجهزة أساسية، و65 ٪ تذهب بدون معدات تكنولوجيا المعلومات للتعليم أو العمل و 49٪ لا تستطيع تحمل الإيجار أو ما يعادله.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة