كيف وقعت "تمبكتو" تحت حصار القاعدة؟

في طريق العودة لمدينة تمكبتو التاريخية على متن دراجة نارية لم يلتق أحد الشهود العيان سوى بجهاديين مدججين بالسلاح يحملون رشاشات على متن دراجات نارية.

ويقول الشاهد القادم من غوندام البعيدة ٨٠ كيلو مترا عن تمكبتو إنه كان وحده في الطريق.

ونظرا لخطورة الطريق البالغة، شكل نهر النيجر الذي يجري في الجنوب، بديلا لنقل البضائع والأشخاص، لكن هذا الحل أيضا لم يعد ممكنا منذ 7 سبتمبر، بسبب هجوم تبنّاه الجهاديون وأسفر عن مقتل عشرات المدنيين كانوا على متن زورق تمبكتو التابع لشركة الملاحة المائية كوماناف العامة، وأعلن وكيل الشركة أن الملاحة توقفت حتى إشعار آخر.

أما بالنسبة للرحلات الجوية، فقد أوقفت شركة سكاي مالي، الوحيدة التي تسيّر طائرات إلى تمبكتو، نشاطها بعد هجوم بقذيفة داخل محيط المطار.

وحذر طلحة أبو هند، وهو زعيم محلي في الجماعة الشاحنات القادمة من الجزائر وموريتانيا وأماكن أخرى في المنطقة من دخول المدينة، مؤكداً أن تلك التي لا تستجيب للتحذير "سيتم استهدافها وإحراقها".

يقول أحد الشهود العيان ويدعى عبد العزيز محمد يحيى "كنا نعتقد أنها مجرد رسائل صوتية لبث الخوف، واليوم ما نعيشه بصراحة هو الحصار فعلاً".

في المدينة، يتراجع النشاط التجاري حيث يؤكد عمر بركة، وهو رئيس جمعية شبابية، "إذا قمت بجولة في المدينة، ستجد الشاحنات متوقفة ولا تستطيع التحرك. ولم تعد أي شاحنات تدخل إلى تمبكتو الآن".

نتيجة لذلك لم يعد يصل الكثير من السكر والحليب والزيت إلى المدينة ليتزايد قلق التجار ومن بينهم "بابا محمد" الذي يقول "إذا استمر الأمر على هذا المنوال فسوف تغلق العديد من المتاجر أبوابها".

بحسب بركة فإن سعر لتر البنزين قد وصل إلى ١٢٥٠ فرنكا أفريقيا (٢ دولار) بينما ثمنه الأصلي ٧٠٠ فرنك.

بالإضافة إلى توسع النفوذ الجهادي، يتعين أخذ التهديد بشن هجوم من قبل مجموعات متمردة "على محمل الجد"، فيشير أحد مسؤولي المجتمع المدني في المدينة أن هذه المجموعات "أفرغت المتاجر" تحسباً، على الأغلب، من احتمال التعرض لهجوم مضاد.

واستولت هذه المجموعات على تمبكتو عام 2012 قبل أن يسيطر عليها المتطرفون، الذين أثاروا ضجة بانتهاكهم وتدميرهم عدد من الأضرحة التاريخية التي كانت مدرجة على لائحة التراث الإنساني العالمي.

تقول إحدى سكان مدينة تمبكتو "عادةً ما يخرج الناس لقضاء وقت ممتع في الخارج. لكن كل ذلك بدأ ينحسر، بسبب القذائف التي تسقط في الشارع، إن الناس خائفون للغاية".

يسعى المتطرفون إلى توسيع سيطرتهم على المناطق الريفية المحيطة بالمدن، ليس بالضرورة من خلال خطة للاستيلاء على البلدات التي تتمتع بدفاع أفضل، ولكن باتباع استراتيجية من المفترض أن تزيد الضغط على الدولة.

في الوقت ذاته، يقلل المجلس العسكري الحاكم في مالي الذي يواجه العديد من التحديات الأمنية في جميع أنحاء البلاد تقريبا وتجدد التوتر في الشمال، من أهمية آثار الحصار الذي يحرص على عدم وصفه بهذا المسمى.

وأثناء لقاء ممثلي تمبكتو قال رئيس وزراء مالي شوغيل كوكالا مايغا "علينا أن نضحي بكل شيء لفترة ما لتغيير هذا المسار. ولابد أن يتم ذلك مع الألم".