صراعات
.
دولة في أوروبا، نحو ٩٥٪ من سكانها من المسلمين، لا يعترف حوالي 50 ألف صربي يعيشون فيها بمؤسساتها ويعتبرون بلغراد الصربية عاصمتهم.
كوسوفو.. التي كثيرا ما اشتبك الصرب في شمالها مع شرطتها وقوات حفظ السلام الدولية، لكن أعمال العنف التي وقعت قبل أسبوع كانت الأسوأ منذ سنوات، حسب تقرير لرويترز.
الجمعة، أقر سياسي كوسوفي من الصرب، بمسؤوليته عن تشكيل مجموعة مسلحة قتلت شرطيا "عن طريق الخطأ"، في عملية أدّت إلى مقتل ٣ من أفراد المجموعة المسلحة الذين لجأوا إلى دير أرثوذكسي، مطلع الأسبوع الماضي.
فماذا نعرف عن الخلاف بين صربيا وكوسوفو؟ لماذا ترفض صربيا الاعتراف بالاستقلال الذي أعلنه عام 2008 إقليمها الجنوبي السابق الذي تقطنه غالبية مسلمة؟ وكيف حصلت المواجهة "الأخطر" الأخيرة؟
أكد ميلان رادويتشيتش، أحد الزعماء السياسيين لصرب كوسوفو، الجمعة، من خلال محاميه، أنه شكّل من دون علم بلغراد مجموعة مسلحة قتلت شرطيا كوسوفيا قبل نحو أسبوع.
وأوضح ميلان رادويتشيتش، الموجود في صربيا، برسالة مفتوحة قرأها محاميه غوران بيترونييفيتش في مؤتمر صحافي في بلغراد، أنه تحرّك ردّا على "إرهاب" حكومة كوسوفو ضدّ المجتمع الصربي المحلي، وفق ما نقلت فرانس برس.
وأشار إلى أن الهدف مما قام به كان "تهيئة الظروف لتحقيق حلم الحرية لشعبه في شمال كوسوفو".
أكّد رادويتشيتش في الرسالة: "قمت بنفسي بجميع الاستعدادات اللوجستية"، قائلا إنه تصرف من دون علم بلغراد التي تتهمها حكومة بريشتينا بالوقوف وراء المجموعة المسلحة.
وأضاف: "لم أبلغ أحدا في مؤسسات السلطة في جمهورية صربيا بهذا الأمر. ولم أحصل على أي مساعدة منهم".
معتبرا أن مقتل الشرطي كان "عرضيا" و"تلته مواجهة شرسة ضحى فيها رفاقنا الأبطال الـ٣ بحياتهم من أجل الحرية"، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس.
مقتل الشرطي الألباني الكوسوفي، الأحد 24 سبتمبر، في كمين في شمال كوسوفو، حيث يشكّل الصرب غالبية السكان، وإطلاق النار الذي أعقب ذلك بين القوات الخاصة لشرطة كوسوفو والمجموعة المسلحة الصربية المدججة بالسلاح، يعدان إحدى أخطر حلقات التصعيد في السنوات الأخيرة، وفق فرانس برس.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، اتهم وزير داخلية كوسوفو جلال سفيتشيلا، رادويتشيتش بأنه قائد المجموعة المسلحة. وبثّ مقطع فيديو صوّر بطائرة مسيّرة تابعة لشرطة كوسوفو خلال الاشتباكات التي ظهر فيها ميلان رادويتشيتش وسط مجموعة من القوات شبه العسكرية.
من جانبه، قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش هذا الأسبوع إن رادويتشيتش موجود في "وسط صربيا" وسيستجوب.
وأعلن رادويتشيتش في الرسالة استقالته من منصب نائب رئيس "حزب القائمة الصربية"، علما أنه يخضع لعقوبات أميركية منذ عام 2021.
وأجرت شرطة كوسوفو، الجمعة، عمليات تفتيش في مواقع عدّة في شمال البلاد، لا سيما في ميتروفيتشا، وخصوصا في المباني التي يعتقد أنها تابعة لرادويتشيتش، وكذلك في أحد المستشفيات.
أحيت المعركة المخاوف الدولية بشأن استقرار كوسوفو، التي أعلنت استقلالها في عام 2008، بعد ما يقرب من عقد من الزمن بعد قصف حلف شمال الأطلسي الذي أدّى إلى طرد قوات الأمن الصربية من الإقليم، وفق رويترز.
وقال حلف شمال الأطلسي، الذي لا يزال لديه ٤ آلاف و٥٠٠ جندي في كوسوفو، الجمعة، إنه "أذن بإرسال قوات إضافية لمعالجة الوضع الحالي".
ودعت الولايات المتحدة صربيا إلى سحب قوات نشرتها عند الحدود مع كوسوفو وتشمل دبابات ومدفعية، مؤكّدة العمل على تعزيز وجود قوّة حلف شمال الأطلسي في الإقليم الصربي السابق ذي الغالبية الألبانية، في ظلّ توتّر يُعدّ من الأشدّ خلال الأعوام الماضية.
وكشف البيت الأبيض، الجمعة، أن صربيا التي ما زالت ترفض الاعتراف بالاستقلال المعلن عام 2008 للإقليم، نشرت عند الحدود قوات مشاة وآليات مدرعة، بعد الاشتباك المسلّح الذي حصل في شمال كوسوفو في 24 سبتمبر.
أكدت الإمارات أنها تتابع بقلق بالغ التوترات الأخيرة بين صربيا وكوسوفو، والتي تهدد بالمزيد من التصعيد وعدم الاستقرار، مؤكدة ضرورة احترام قواعد ومبادئ القانون الدولي، وفق ما نقلت وكالة أنباء الإمارات، وام.
ودعت وزارة الخارجية في بيان لها إلى الابتعاد عن أي خطوات قد تقود إلى تصعيد التوتر، معربة عن الأمل في عودة البلدين إلى الإلتزام بالحوار، وتطبيق اتفاق المصالحة بينهما الذي تم التوصل إليه في بروكسل في فبراير الماضي بما يحقق السلام والازدهار لشعبي صربيا وكوسوفو، وللمنطقة بأسرها.
وجددت الوزارة التأكيد أن الحوار الذي يرعاه الاتحاد الأوروبي هو أفضل وسيلة لحلّ كافة المسائل العالقة وشددت على استعداد دولة الإمارات لدعم هذا المسار.
وأشارت الوزارة إلى أن الإمارات ترتبط بعلاقات وطيدة مع كل من صربيا وكوسوفو، وتتطلع إلى تعزيز آفاق التعاون بينهما بما يحقق المصالح المشتركة.
أعلنت بريشتينا استقلالها عن صربيا في 2008 بعد عقد على مساعدة حلف شمال الأطلسي في طرد القوات الصربية من الإقليم السابق في حرب دامية خلفت نحو 13 ألف قتيل.
وترفض صربيا بدعم من حليفتيها روسيا والصين، الاعتراف باستقلال كوسوفو حيث تعيش جالية صربية يبلغ عددها نحو 120 ألف نسمة يقيمون بشكل رئيسي في الشمال ويرفض بعضهم الولاء لبريشتينا، وفق فرانس برس.
حمّلت روسيا الإثنين حكومة كوسوفو مسؤولية الاشتباك، محذرة من أن "إراقة الدماء" ربما تخرج عن السيطرة.
ورغم اعتراف الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية باستقلال كوسوفو، فإن صربيا، فضلا عن حليفتيها الرئيسيتين روسيا والصين، ما زالت ترفض الاعتراف باستقلال كوسوفو. ووصفت الانفصال بأنه انتهاك لقرار الأمم المتحدة رقم 1244 الذي يعود تاريخه إلى عام 1999 ونهاية حرب كوسوفو، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
جاء استقلال كوسوفو ذات الغالبية الألبانية في 17 فبراير 2008 بعد نحو عقد من انتفاضة مسلحة على الحكم الصربي القمعي. ويعترف بها أكثر من 100 دولة، وفق رويترز.
ومع ذلك، لا تزال صربيا تعتبر كوسوفو رسميا جزءا من أراضيها. وتتهم صربيا الحكومة المركزية في كوسوفو بالتعدي على حقوق الصرب لكنها تنفي الاتهامات بإثارة الصراع داخل حدود جارتها.
ويشكل الصرب ٥٪ من سكان كوسوفو البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة في حين يشكل الألبان 90٪ تقريبا.
ويُعَبّر نحو 50 ألف صربي في شمال كوسوفو، على الحدود مع صربيا، عن رفضهم لكوسوفو برفض دفع تكاليف الطاقة التي يستخدمونها للدولة، وكثيرا ما يهاجمون الشرطة إذا حاولت إلقاء القبض على أحدهم.
ويحصل جميع الصرب على امتيازات من ميزانية صربيا ولا يدفعون أي ضرائب سواء لبريشتينا أو بلغراد.
تصاعدت حدّة الاضطرابات عندما تولى رؤساء البلديات من أصل ألباني مناصبهم في المنطقة ذات الغالبية الصربية في شمال كوسوفو بعد انتخابات قاطعها الصرب في أبريل، وهي الخطوة التي دفعت الولايات المتحدة وحلفاءها إلى توبيخ بريشتينا، حسب رويترز.
وفي ديسمبر الماضي، أقام صرب شمال كوسوفو حواجز عدة على الطرق وتبادلوا إطلاق النار مع الشرطة بعد إلقاء القبض على شرطي صربي سابق بزعم اعتدائه على أفراد شرطة في الخدمة خلال احتجاج.
يتصاعد التوتر منذ شهور بسبب خلاف يتعلق بلوحات ترخيص السيارات. وتريد كوسوفو منذ سنوات من الصرب في الشمال أن يغيروا لوحات سياراتهم الصربية، التي يعود تاريخها إلى حقبة ما قبل الاستقلال، إلى تلك الصادرة عن بريشتينا، ضمن سياستها الرامية إلى بسط سيطرتها على كامل أراضي كوسوفو، وفق رويترز.
وفي يوليو الماضي، أعلنت بريشتينا مهلة شهرين لتبديل اللوحات، مما أثار اضطرابات، قبل أن توافق لاحقا على تأجيل موعد التنفيذ إلى نهاية 2023.
واحتجاجا على التحول الوشيك، استقال رؤساء بلديات من العرق الصربي في الشمال، بالإضافة إلى قضاة و600 فرد شرطة هناك، في نوفمبر من العام الماضي، مما أحدث خللا في عمل المؤسسات وأثار فوضى في المنطقة.
يسعى الصرب في كوسوفو إلى إنشاء رابطة للبلديات ذات الغالبية الصربية تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي، حسب رويترز.
وترفض بريشتينا ذلك باعتباره وصفة لإقامة دولة صغيرة داخل كوسوفو، وهو ما من شأنه أن يؤدي فعليا إلى تقسيم البلاد على أساس عرقي.
ولم تحقق صربيا وكوسوفو تقدما يذكر في هذه القضية وغيرها من القضايا منذ الالتزام في 2013 بحوار يرعاه الاتحاد الأوروبي بهدف تطبيع العلاقات بينهما، وهو شرط لكليهما قبل الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي.
يقول الحلف إنه سيتدخل بما يتماشى مع تفويضه إذا صارت كوسوفو معرضة لخطر تجدد الصراع.
يضغط مبعوثو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على صربيا وكوسوفو للموافقة على خطة، كُشف النقاب عنها في منتصف 2022، تتوقف بلغراد بموجبها عن ممارسة الضغوط للحيلولة دون حصول كوسوفو على مقعد في المنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة، وفق رويترز.
كما تلتزم كوسوفو بموجب الخطة بتشكيل رابطة للبلديات ذات الغالبية الصربية، وسيفتح الجانبان مكاتب تمثيلية في عاصمة الطرف الآخر للمساعدة في حلّ النزاعات القائمة.
تكتسب المنطقة الواقعة في شمال كوسوفو، حيث يشكّل الصرب غالبية السكان، أهمية فعلية إذ إنها تشكل امتدادا لصربيا. وتتحمل بلغراد تكاليف الإدارة المحلية ورواتب الموظفين العموميين والمدرسين والأطباء ومشروعات البنية التحتية الكبرى، حسب رويترز.
ويخشى السكان الصرب من فقدان مزايا مثل الرعاية الصحية المجانية في صربيا بمجرد دمجهم بشكل كامل داخل كوسوفو، وهو ما سيدفعهم إلى الانضمام إلى نظام خاص للرعاية الصحية في كوسوفو.
ويخشون من أن تكون معاشات التقاعد أقلّ نظرا لأن متوسط المعاش الشهري في كوسوفو يبلغ 100 يورو، 107 دولارات، مقارنة بمعاش يبلغ 270 يورو في صربيا.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة