الخوف في المستشفيات.. كيف يستعد الدكتور غازي ورفاقه لـ"رد الفعل"؟

يعاني نظام الرعاية الصحية في قطاع غزة من "صدمات متتابعة" على إثر المعارك التي لا تكاد تخفت إلا وتنشبّ مرة أخرى، حسب ما يقول تقرير للأمم المتحدة في تقرير لها صدر في ٢٠٢٢.

لذا ثمة نقص كبير في الأدوية والكوادر الطبية، ويظهر ذلك عندما تشتد وتيرة الضربات الصاروخية التي تشنها إسرائيل على القطاع المحاصر، وتسعى منظمة الصحة العالمية إلى دعم المستشفيات العامة للتعامل بشكل أفضل عمليات القصف الإسرائيلية.

مركز الإحصاء الفلسطيني أورد تقريرا في أبريل ٢٠٢٣ يفيد بأن عدد المستشفيات في فلسطين بلغ ٨٩ مستشفى، ٥٤ منها في الضفة الغربية، و٣٥ في قطاع غزة. بعد أن كانت غزة في ٢٠١٠ تحوي ٢٥ مستشفى فقط.

بمجرد أن تتعرض غزة للقصف الإسرائيلي، يبدأ الأطباء في روتين عمل جديد تماما، يغيب عنه مفهوم الراحة، وتتركز هموم الأطباء على محاولة استيعاب ضغط المصابين.

الدكتور غازي اليازجي، الاستشاري ورئيس قسم أمراض وزراعة الكلى في مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، يشرح لـ بلينكس أن دورة العمل في أوقات الطوارئ تتحول لنظام الـ٢٤ ساعة، أي أن الأطباء يبقون في المشفى من الثامنة صباحا، وحتى الثامنة من صباح اليوم التالي.

إلا أن حضور الأطباء لا يعوض فقدان عناصر أخرى في عملية العلاج إذ يقول الطبيب: "في نقص كثير في المستهلكات الطبية والأدوية. المعابر المغلقة تؤثرعلى إدخال المستلزمات الطبية، لا يدخل غزة أي تزويد".

يعمل الأطباء بـ"ثلاث مناوبات عمل"، أيام السبت، والثلاثاء، والأحد والأربعاء، والإثنين، والخميس. ويبقى الجمعة يوما يتم فيه تبديل الأدوار بين الأطباء بين الأسبوع والذي يليه، فيعمل بعضهم ويرتاح الجزء الآخر.

ذلك النظام لا يعمل تماما في صالح الأطباء الذين لا يحصلون على قدر كافي من الراحة، وفي السياق ذاته يقول غازي: "الطبيب يكون مستنزف من التعب والإرهاق".

الدكتور غازي في مكالمته الهاتفية مع بلينكس، يشرح أن المرضى يقسمون إلى حالات بسيطة وحالات طارئة اعتمادا على فداحة إصاباتهم، فالمريض المعرض لإصابة خفيفة يمكن تأجيل العناية به.

ويتم تنظيم دخول الإصابات الشديدة لغرفة العمليات بشكل مباشر، ويقول الطبيب: "بتوصل ٧٠ إصابة على مستشفى واحد في نفس الوقت. مش هنقدر نسيطر على الموقف".

وقتلت إسرائيل 198 فلسطينيا في قطاع غزة، حتى وقت نشر هذا التقرير، ووصلت إلى مستشفيات القطاع أكثر من 1000 إصابة إثر قصف الطائرات الحربية، وتركز القصف الإسرائيلي في المناطق السكنية المأهولة بالمدنيين.

الأطباء لا يلتزمون في حالة الطوارئ بأدوار محددة أو حتى يلتزمون بتخصصاتهم، يشرح غازي: "أكيد نضطر أنه نشتغل في غير تخصصاتنا.. الباطني بشتغل في الطوارئ والعناية المركزة .. التجربة صعبة والشعور مختلف لكنك في موقف لازم تساعد زملائك في الأقسام الأخرى".

يتعقد الموقف قليلا حينما يتعلق الأمر بالمصابين بالأمراض المزمنة، أو مرضى الكلى على وجه التحديد الذين يحتاجون إلى زيارة المراكز الطبية من مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا، للخضوع لجلسات غسيل الكلى، يضطر هؤلاء للمخاطرة والنزول للحصول على الرعاية الطبية في أجواء استثنائية.

ويقول القدرة: " هناك ٧ مراكز عندهم ١١٠٠ مريض، صعب تنقل المرضى.. أكبر مركز هو مجمع الشفاء اطلبي يستقبل ٤٥٠ حالة مريض كلى أسبوعيا".

الحاجز الآخر أمام هؤلاء يتمثل في الحصار، الذي يتسبب في نقص المستهلكات الطبية المستخدمة في الجلسات، مما يزيد من تفاقم أوضاع المرضى.