عودة شبح أكتوبر بعد 50 عاما.. ما المختلف في 2023؟

بداية من تاريخ الهجمات يبدو كل شيء متطابقا، في 6 أكتوبر بدأت القوات المصرية والسورية الهجوم، في النسخة الحديثة بدأت حماس هجمتها في 7 أكتوبر.

تزامنت حرب السبعينيات مع "يوم الغفران"، وهو أحد المناسبات الدينية في العقيدة اليهودية، هذه المرة بدأ القتال يوم "سمحات التوراة".

المباغتة أيضا، كانت عنصرا مشتركا واضحا بين الحربين، ولكن شيئا ما يختلف على نحو جوهري بين العام ١٩٧٣ والعام ٢٠٢٣، فبحسب تحليل نشره أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة كاليفورنيا، دوف واكسمان على موقع ذا كونفيرزايشن، تبرز الأزمة الاستخباراتية بوضوح في المواجهتين، إذ عجزت إسرائيل عن قراءة مدى ميل الطرف الآخر للانخراط في قتال، كما عجزت عن التعرف على استعداداته الحقيقية أيضا.

ولكن في العام ٢٠٢٣، يبدو الفشل جليا أكثر مما سبق، نظرا لأن إسرائيل باتت تتمتع بقدرات أوسع وأكثر تطورا على جمع المعلومات الاستخباراتية، إلا أن حماس نجحت في التخطيط والإعداد للهجوم، على مدى أشهر على الأرجح دون أن تلتفت إسرائيل.

ذلك هو العامل الآخر الذي يميز نسبيا هجمة العام ٢٠٢٣ عن حرب الـ ٦ من أكتوبر، فبحسب واكسمان، مُنيت إسرائيل بفشل عسكري إلى جانب الفشل الاستخباراتي، إذ أنها لم تكن مستعدة لهجوم بهذا الحجم، حيث تتمركز أغلب وحداتها في الضفة الغربية.

صفوف المقاتلين أيضا لم تكن منتظمة، فالعديد من جنود الاحتياط رفضوا سابقا أداء الخدمة، اعتراضا على برنامج الإصلاح القضائي الذي تحاول الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل الدفع به، محفزة موجات من الاحتجاجات غير المسبوقة.

تم تحذير نتنياهو شخصيا من تلك الفجوة من قبل كبار الضباط في الجيش، إلا أن التحذيرات ربما لم تجدي نفعا، بحسب التحليل.

خصم إسرائيل هذه المرة مختلف كذلك، ففي العام ١٩٧٣ واجهت إسرائيل الجيش المصري، أكبر الجيوش العربية.

هذه المرة تم اختراق إسرائيل من قبل قوة عسكرية صغيرة في نطاق يعادل مساحة "لوكسمبورغ"، حد تعبير الصحفي توماس فريدمان في مقال له في صحيفة نيويورك تايمز، نقل خلاله رؤية الصحفي الإسرائيلي ناحوم برنيع، الذي يرى أن هجمة حماس ربما تتجاوز في فداحتها حرب أكتوبر ١٩٧٣.

في مقاله يحدد فريدمان أن إسرائيل تعرضت للغزو في ٢٢ موقعا، وعلى عمق يبلغ ١٥ ميلا داخل إسرائيل، متغلبة على الجدار الحدودي الذي أُنفق في تشييده ما يقارب مليار دولار أميركي، ما يمثل "ضربة صادمة لقدرات الردع الإسرائيلية".

ليوضح فريدمان كيف تجعل مسألة "الأسرى" الوضع الإسرائيلي أكثر تعقيدا من حرب العام ١٩٧٣، يعود قليلا للوراء، بالتحديد العام ٢٠١١ عندما عزمت إسرائيل على استعادة الجندي الأسير "جلعاد شاليط".

لتحقيق رغبتها، اضطرت إسرائيل حينها لتبادل الجندي مقابل ١٠٢٧ أسيرا فلسطينيا.

يصف الصحفي الأميركي الوضع الحالي بـ "الفظيع" بالنسبة لإسرائيل التي فقدت عشرات الأسرى التي تنشد بالطبع عودتهم، إلا أن الصفقة الجديدة قد "يُطلب" فيها من نتنياهو إخلاء كافة السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، بينما يتشكل الكابوس الأكبر في استخدام هؤلاء الأسرى كـ"دروع بشرية" ما من شأنه أن يعرقل قدرة إسرائيل على "الانتقام"، بحسب الكاتب.