نازحون في المستشفيات وجراحات في الممرات.. صحة غزة "تنازع"

يحاول الطبيب بشار مراد، مدير الهلال الأحمر في قطاع غزّة أن يشرح في تصريحات خاصة لـ بلينكس كيف تسير أوضاع القطاع الصحي في غزة الآن، فيؤكد أولاً أن الطواقم الطبية تعمل في وضع أمني خطير: "هناك كارثة صحية بالتأكيد، وهناك كارثة المياه، إذ أن ٩٥٪ من المياه الجوفية في قطاع غزّة غير صالحة للشرب، ولا توجد مياه".

أكد مراد كذلك، أن قطاع غزّة يتعرض لكارثة متعلقة بالأمن الغذائي، تأتي الفئات المهمشة ككبار السن والأطفال من أوائل المتأثرين بها، شارحاً أنه في ظل غلق المعابر وصعوبة الوصول للمزارع، فقد تم استنزاف المواد الغذائية في المدينة.

يبلغ طاقم الهلال الأحمر المتواجد في غزة الآن حوالي ٥٥٠ عنصراً بحسب مراد، مقسمين حسب المهام إلى ٣ فئات؛ الإسعاف والطوارئ والمستشفيات وغرف العمليات.

إلا أن الهلال الأحمر ذاته يتكبد خسائر بشرية ومادية منذ بداية الصراع، إذ سقط بالفعل من بين صفوفه حسب مراد ٤ قتلى، بالإضافة إلى خروج حوالي ٩ سيارات إسعاف من الخدمة نتيجة الأضرار.

المستشفيات ذاتها، ممتلئة بالمرضى والهاربين من الغارات في ذات الوقت، وذلك بالرغم من الغارة التي طالت المستشفى المعمداني مساء الثلاثاء.

يقول مراد: "أنا الآن في مستشفى القدس التابع للهلال الأحمر، وهناك حوالي ٧ آلاف شخص، لا يوجد مكان آمن، أين يذهبون؟".

يضيف الطبيب أن أغلب هؤلاء فروا من منازلهم، التي ربما تعرضت للإنذار قبل قصفها فيما تم قصف مناطق سكنية أخرى بدون إنذارات مسبقة، وقال "حينما طلب من الناس الفرار إلى الجنوب، قُصف البعض على طريق الخروج".

كان من المفترض لآلاف من هؤلاء أن يحتموا في المدارس التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، إلا أن تلك الخطة لم تسر على نحو مستقيم، إذ أخلت الأونروا مواقعها حسب مراد بعد التحذيرات الإسرائيلية بالتوجه إلى الجنوب، مما ترك المدارس في حالة من الفوضى دون موظفين أو أجهزة إدارية.

وفقا للمتحدث باسم وزارة الصحة، شكلت الضربة الموجهة للمستشفى المعمداني مساء أمس الثلاثاء "مجزرة..لا مثيل لها"، حيث جاء أغلب ضحاياها من النساء والأطفال، ما أضاف للقطاع "سيلا من الضحايا" على حد وصفه، مع نوعية إصابات فاقت قدرة الطواقم الصحية وسيارات الإسعاف.

أدى الهجوم إلى تدهور الظروف العلاجية ذاتها، إذ أجرى الأطباء جراحات في أماكن غير مخصصة كالممرات وعلى الأرض وفي بعض الأحيان دون استخدام التخدير، بالرغم من ذلك ما يزال عدد كبير من المصابين ينتظر العمليات بينما تحاول الطواقم الطبية انقاذ حياة آخرين في العنايات المركزة.

منظمة الصحة العالمية تقول إنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها القطاع الصحي في غزة للقصف، إذ صرحت المنظمة الثلاثاء، أن المرافق الصحيّة في غزّة تعرضت لحوالي 115 هجوماً، وفقا لوكالة رويترز.

وفقاً لتحديث وزارة الصحة الفلسطينية حتى الخامسة والنصف من مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي، بلغ عدد القتلى في قطاع غزة نحو ٣ آلاف شخص، بالإضافة إلى ١٢ ألف و٥٠٠ جريح.

أما الضفة الغربية فقد بلغ عدد القتلى فيها قرابة ٦١ شخصاً بالإضافة إلى ١٢٥٠ جريحاً.

وصفت وزيرة الصحة الفلسطينية الطبيبة مي الكيلة، واقعة المستشفى المعمداني بأنها "أصعب مجزرة دموية بحق أبناء شعبنا"، مناشدة دول العالم والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بإنقاذ سكان غزّة من "الإبادة المتعمّدة"