"ليسوا مجرد أرقام".. 6 حكايات تختصر الوضع في غزة

لم يتعرف مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على يوسف في أوقات السلم، فقصته أصبحت حديث الناس بعد أن ظهرات والدته تبكي بينما تحاول أن تصف صغيرها للأطباء في المستشفى بعد غارة استهدفت منزلهم.

تقول الأم في مقطع فيديو: "يوسف ٧ سنوات.. شعره كيرلي وأبيضاني وحلو"، بينما تتنقل من غرفة لأخرى ومن قسم لآخر في محاولة للعثور على صغيرها.

إلا أن أحدا لا يستجيب ويوجهها لغرفة يخضع فيها صغيرها للعلاج، لاحقا تكتشف الأسرة أن يوسف قد فارق الحياة.

بحسب الأب، ويدعى محمد حميد أبو موسى، آخر ما جمعه بالطفل كان عناقا عائليا على باب المنزل، قبل أن ينصرف الأب إلى عمله كطبيب في إحدى المستشفيات في القطاع وفقا لتصريحاته لموقع اليوم السابع المصري، يقول أبو موسى، إن الطفل أصر على احتضان أفراد الأسرة في حضن جماعي في تلك اللحظة.

ويقول الأب: "أنا خسرت كل شيء، قرايبي وبيتي وحياتي. ولكن الخسارة الأكبر هي ابني حبيبي يوسف".

إلى وسط قطاع غزة، بالتحديد مخيم النصيرات، انتقلت أسرة مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح خوفا من القصف العنيف في الشمال، حيث طلبت السلطات الإسرائيلية من أهالي غزة التوجه جنوبا.

إلا أن تلك الخطوة، لم تضمن للأسرة السلامة، فبينما كان الدحدوح يمارس عمله كمراسل ميداني، تلقى أنباء تخص أسرته ذاتها، التي تحولت إلى جزء من "الخبر" الذي يتتبعه المراسل، إذ استهدف القصف المنزل الذي تقيم فيه الأسرة.

في مقاطع الفيديو يظهر الدحدوح باكيا، بعد أن فقد زوجته وابنه وابنته وقد جثا إلى ركبتيه ليقترب من جثامينهم حيث قال: "ينتقمون منا في الولاد؟ معلش".

جمال الدرة، صاحب المشهد الأيقوني للأب الذي يحاول أن أن يحمي طفله محمد خلف أحد الجدران، بينما يلوح بغير أمل للجنود الإسرائيليين كي لا يطلقوا الرصاص، في تلك اللحظة من العام ٢٠٠٠ فقد الدرة صغيره.

ذلك لم يكن آخر عهد الدرة مع الألم، فخلال القصف الكثيف على قطاع غزة، عاد الموت ليطارد الدرة مرة أخرى، إذ فقد اثنين من أشقاء محمد، وظهر في مقطع فيديو حديث، وقد غزا الشيب رأسه، يجلس بالقرب من الجثامين بينما يودعهم الوداع الأخير في أثوابهم البيضاء، فيقول الدرة: "الله يسهل عليهم..مع السلامة.. أحجزولي مكان جنبكن".

معتز العزايزة مصور توثق عدسته أحداث القصف الكثيف على القطاع، ولكن عاش لحظات رواها في مقطع فيديو عن فقدان ١٥ شخصا من عائلته.

ووثق المصور الصحفي، رحيل أسرته، بينما يظل أمله كما قال في تصريحات مصورة لـ بلينكس أن يستيقظ يوما ليجد أن كل ما حدث كان مجرد حُلم، ويُضيف: "ما بنتعود ع الموت .. لكن الموت موجود في كل مكان".

في خيمة متواضعة بقطاع غزة، تضم عشرات جثامين القتلى، يقف رجل خمسيني، يحدث من حول عن أفراد عائلته الموجودين تحت الأغطية البيضاء وقد فارقوا الحياة، بالتحديد بنات أخيه، الذي يحرص على تعريفهم واحدة تلو الأخرى بشيء مميز في شخصيتها، فيقول العم المكلوم: "هذه مرح بتحب الرسم".

يذهب العم الباكي إلى جثمان آخر كُتب عليه اسم صاحبه من الخارج بقلم أحمر فيقول: "هذه دكتورة.. هذه اسمها بيسان، كانت تتعلم الطب".

آثرت عائلة الديراوي السلامة، وتوجهت جنوبا إلى إحدى المنازل في منطقة الزويدة استجابة لطلبات الجيش الإسرائيلي الذي حذر أهالي غزة من البقاء في الشمال، إلا أن الغارات طاردتهم هناك أيضا.

عمر الديراوي، الصحفي العشريني، كان من بين الناجين من العائلة، فتعين عليه أن يواري جثامين ٣٥ من أفراد عائلته الثرى، داخل خندق ضيق حفره بنفسه، إذ باتت المقابر مكتظة عن آخرها.

أما لنقل الجثامين، فلجأ الشاب إلى الجزء الخلفي من شاحنة بحسب وكالة أسوشيتد برس، كما أدى صلاة الجنازه على أحبائه في عجالة تحت وطأة القصف، إذ يقول: "أنا لم أحزن حتى. لكن لم يكن لدي خيار، كانت المقبرة ممتلئة".