قصة نجاح خبيرة مواد تجميل من رحم معاناة اليمن "غير السعيد"

تكافح خبيرة التجميل نجلاء لتسويق منتجاتها عبر متجرها الذي يمثل نقطة بيع وتوزيع لبقية محافظات اليمن من متجرها المجاور للبنك الأكثر شهرة في صنعاء والمفلس في معظم الأحيان وهو ما يعكس الحالة المادية المتعثرة لأغلب اليمنيين.

وترجع نجلاء القادمة من محافظة تعز جنوب اليمن في حديث لـ "بلينكس" توقفها عن العمل بعد خروجها من الجامعة التي كانت تعمل فيها في الإدارة المالية، إلى الظروف التي واجهت العملية التعليمية في السنوات الأولى للحرب.

وتقول إن هذا الأمر ضاعف معاناة أسرتها الصغيرة ودفعها للتفكير في إيجاد مشروع تمكين اقتصادي تواجه به تداعيات الحرب التي تسببت في امتداد الفقر إلى حوالي 78% من السكان، البالغ عددهم 30 مليون نسمة، بحسب التقرير الإنمائي للأمم المتحدة.

وتوضح خبيرة التجميل الأربعينية أنها لجأت إلى بيع جميع مقتنياتها الثمينة ومجوهراتها وبدأت في تنفيذ مشروعها وخوض غمار التجربة في سوق العمل الذي يعاني من هشاشة وركود وضعف في القوة الشرائية.

أضف إلى ذلك، غياب أي مبادرات تمكين اقتصادي للمرأة، ما زاد من الأعباء المادية ودفعها لمساعدة زوجها المستشار في صندوق رعاية المعاقين الذي اصابته لعنة الحرب كما بقية الموظفين مع انقطاع راتبه منذ سبع سنوات.

تسرد نجلاء لـ "بلينكس" كيف بدأ شغفها بالتجميل "عند مرافقتي لوالدي إلى الأردن قبل الحرب في رحلة علاجية استمرت لأشهر،اطلعت خلالها على منتجات شركة أردنية في الطب البديل وكانت فعالة عند تجربتها".

وتضيف أنها لم تتوقع أن تضطر للعمل في هذا المجال، لكنها تعاملت بذكاء مع هدايا القدر بعد الحرب والبدء في مشروعها بعد معاناتها الاقتصادية واختيار مجال مستحضرات التجميل الطبيعية التي تفضلها وتتناسب مع دخل الأسرة اليمنية.

ووصفت مشروعها بأنه فن البساطة الذي مكنّها من تجاوز الفقر وحقق لها اكتفاءاً ذاتياً بعد ضائقات مالية متكررة، عانت منها وعائلتها المكونة من زوجها وابنتيها في مجتمع لا يحصل سوى 6 % من النساء على فرص عمل مدفوعة الأجر بحسب تقرير دولي حول المرأة اليمنية الريادة نحو المستقبل.

وتستطرد أن الصعوبات المادية لا تمثل العائق الوحيد أمامها حين واجهت عائق الترويج والتسويق لمنتجاتها ولم تتجاوز مبيعاتها ربع إنتاجها، خاصة مع صعوبة التنقل وقلة المناسبات الاجتماعية وتعطل الكثير من مظاهر الحياة الطبيعية في اليمن بسب الحرب.

وتوضح أن إصرارها في نجاح مشروعها دعمه مساعدة ابنتها التي استعانت بدراستها الجامعية في تخصص الوسائط المتعددة (ملتيميديا) وتمكنت من إدارة التسويق الإلكتروني لوالدتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما شكل نقلة نوعية لأعمالها وخلق جمهور وسوق واسع متصل بالفضاء الإلكتروني.

وتوضح أنها استفادت من دراستها لتخصص الكيمياء بجامعة صنعاء، فمعرفتها بالمركبات والعناصر الكيميائية ساعدها على فهم تحضير منتجاتها بمعايير علمية تعفيها من مخاوف فشل المشروع.

ترجع نجلاء اختيارها لمستحضرات التجميل الطبيعية بأنها الاختيار الآمن والأقل كلفة والمتاح للمرأة العربية عموماً، واليمنية خصوصاً، حيث تركز على وصفات تنظيف البشرة ومنتجات قناع البحر الميت والعشبة الهندية للاعتناء بالشعر الذي تعتبره الكثير من النساء أهم معايير الجمال الأنوثة.

وفي بيئة الحرب، تمثّل الصعوبات واقع يومي، حين واجهت نجلاء تحدي جديد في توفير الأعشاب من الهند والتربة من الأردن التي كانت تحصل عليها عبر المسافرين إلى الدولتين.

وتقول إن أشغالها تعرقلت بسبب تعثّر السفر إلى الخارج، فلجأت مؤخرا إلى الحصول على الاعشاب الهندية من خلال البحث عن مسمياتها باللهجة اليمنية الدارجة وتوفيرها محليا واستبدال تربة البحر الميت بأنواع أخرى من اليمن.

وترى نجلاء خلال حديثها مع "بلينكس" أن المنتجات الطبيعية أسعارها مناسبة وتتراوح بين ألف و٤ آلاف ريال، أي ما يعادل 8$، وهو سعر مناسب للقوة الشرائية لليمنيين، مقارنة بالمستحضرات التجميلية المصنعة التي تبدأ أسعارها من 10$-50$ وهو سعر باهظ أمام الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها اليمنيون.

وتهتم المرأة اليمنية بحسب خبيرة التجميل بمنتجات تبيّض البشرة، وشد الوجه، ومحاربة التجاعيد، والاهتمام بالشعر وهو الأكثر رواجاً وطلباً من متجرها في اليمن، التي توزع من خلاله منتجاتها عبر نقاط بيع إلى مصر وقطر والسعودية والصين والولايات المتحدة الأميركية.