صراعات
يستمرّ تجاهل مطالبات دولية بإعلان وقف لإطلاق النار في حرب إسرائيل وحماس، مما يتسبب في منع كلّ شيء تقريبا من الدخول لقطاع غزة المُحاصر، باستثناء كميات محدودة للغاية من المساعدات الإنسانية، مما أدّى إلى تفاقم نقص الأغذية، والوقود، ومياه الشرب، والأدوية.
فما هي الأرقام التي تُفَصّل ما وصفتها بعض منظمات الأمم المتحدة بأنها "كارثة إنسانية" تتكشف في القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة وتديره حماس؟
أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن نحو 1.5 مليون، أيّ أكثر من نصف سكان قطاع غزة، فرّوا من منازلهم ويحتمي قرابة 700 ألف منهم بمبان تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا. كما يحتمى عشرات الآلاف في مستشفيات وكنائس.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن ملاجئ الأونروا في الجنوب تأوي ما يفوق طاقتها ولم تعد قادرة على استقبال المزيد، وإن الكثير من النازحين ينامون في العراء في الشوارع قرب الملاجئ.
ولم تعد الأونروا قادرة على منح مساعدات لنازحين في شمال القطاع الذي تتركز فيه حاليا العمليات البرية الإسرائيلية التي توسعت منذ 27 أكتوبر.
وأمرت إسرائيل المدنيين في شمال القطاع، الذي تعتبره معقلا لحماس، بالتحرك صوب الجنوب، وتقول إن ذلك للحفاظ على سلامتهم وأعطتهم مهلة زمنية محددة في الـ٥ من نوفمبر. إلا أن الجنوب أيضا وقع في مرمى الغارات الجوية الإسرائيلية مما أسفر عن سقوط قتلى ووقوع إصابات في صفوف المدنيين.
وأظهر رصد للأمم المتحدة أن أقل من ألفين قاموا بذلك بسبب الخوف والأضرار الجسيمة التي لحقت بالطرق ونقص المعلومات بسبب محدودية الاتصالات.
تقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من ثلث مستشفيات غزة، البالغ عددها ٣٥، خرج من الخدمة، وإن المتبقي منها أبلغ عن وجود نقص حادّ في الوقود، وهو ما قلّص إمداداتها من الكهرباء بشكل كبير.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنّ المولدات في مستشفيين هما الشفاء والإندونيسي توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود، وتعمل حاليا على المولدات الاحتياطية لبضع ساعات في اليوم للخدمات الحرجة فقط.
لكن مسؤولين إسرائيليين شككوا في صحة تحذيرات نقص الوقود، ونشر مبعوث إسرائيل في الأمم المتحدة تسجيل فيديو على منصة إكس وصفه بأنّه للقطات بجوار مستشفى الشفاء بدت فيها نوافذ المستشفى مضاءة.
ووثقت منظمة الصحة العالمية وقوع 93 هجوما على الأقلّ في قطاع غزة منذ بدء الصراع قتلت 16 مسعفا أثناء الخدمة وألحقت أضرارا ودمرت 28 سيارة إسعاف.
وأفادت المنظمة بأنّ مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني في مدينة غزة، وهو الوحيد الذي يعالج مرضى السرطان، نفد منه الوقود ولم يعد يعمل.
واضطرت فرق الإنقاذ من الدفاع المدني الفلسطيني إلى تقليص أسطولها من سيارات الإسعاف بسبب نقص الوقود، مما أدّى إلى اللجوء لاستخدام عربات الجرّ لنقل القتلى والجرحى إلى المستشفيات.
تدخل مساعدات من معبر رفح مع مصر وهو المعبر الوحيد الذي يفتح لكن ما يمرّ منه لا يشكل سوى قسم يسير من المساعدات التي كانت تصل قبل التصعيد الأحدث في الصراع.
ومنذ بدء إدخال مساعدات محدودة في 21 أكتوبر دخلت 450 شاحنة على الأقلّ للقطاع محملة بالأغذية والمياه ومستلزمات صحية، وهو رقم يوازي ما كان يدخل للقطاع في يوم واحد تقريبا قبل الحرب.
وسُمح لمئات من الأجانب والمصابين بمغادرة القطاع لمصر الأسبوع الماضي لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، قال إنّ عمليات الخروج تلك لم تتم منذ تعرّضت سيارة إسعاف في طريقها إلى المعبر للاستهداف في الثالث من نوفمبر. وقال الجيش الإسرائيلي إنها كانت تقلّ مسلحين من حماس من دون أن يُقدّم أدلة على ذلك.
يعاني سكان قطاع غزة من نقص حادّ في المياه. توقفت محطتان لتحلية مياه البحر عن العمل بسبب نقص الوقود وتعمل أخرى بالحدّ الأدنى وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. ويعمل خطان للأنابيب من أصل ٣ من إسرائيل.
وهناك أيضا بعض الآبار، مما يمكن بعض الأسر من الحصول على المياه لبضع ساعات يوميا، بالإضافة إلى كميات محدودة يتمّ نقلها بالشاحنات.
وأضاف المكتب أنّ المطحنة الوحيدة المتبقية في غزة لم تعد قادرة على طحن الدقيق بسبب نقص الكهرباء والوقود، كما تعرض 11 مخبزا للاستهداف خلال الصراع.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن مخزونات السلع الغذائية الأساسية في القطاع مثل الأرز والزيوت النباتية على وشك النفاد في فترة تتراوح بين يوم و٣ أيام.
تقول جماعات إغاثة إنها بحاجة ماسة للوقود من أجل توزيع المساعدات وتشغيل الكهرباء في المستشفيات والمخابز ومحطات تحلية المياه. لكن إسرائيل ما زالت تحظر دخول الوقود وتقول إنه ربما يقع في أيدي حماس لتستخدمه في أغراض عسكرية.
وقال مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة إن بعض التقدم أحرز في مسألة السماح بدخول وقود إلى القطاع لكن لم يتم بعد تأكيد أيّ شحنات.
فقدت غزة أكثر من 60٪ من الوظائف منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس، مما فاقم سوء الوضع الاقتصادي المتردي في القطاع الذي تحاصره إسرائيل، وفق ما قالت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة الإثنين.
وأضافت المنظمة في أول تقييم لتأثير التوغل البري والقصف الجوي الإسرائيلي، إن الخسائر تصل إجمالا إلى 182 ألف وظيفة في القطاع الفلسطيني.
وقالت المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية، ربا جرادات، "تقييمنا الأولي لتداعيات الأزمة المأساوية الحالية على سوق العمل الفلسطينية كشف نتائج مثيرة للقلق بشدّة ولن يزيدها استمرار الصراع إلا سوءا".
وأضافت أن الأزمة سيظلّ تأثيرها على الوظائف والشركات "لسنوات كثيرة مقبلة". وحتى قبل الحرب وتشديد الحصار الاقتصادي الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، كان نحو نصف سكان القطاع الساحلي الضيق البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة