صراعات
مع بزوغ فجر الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية "ضد نشطاء حركة حماس في مستشفى الشفاء" بغزة، وقد سبقها المتحدث باسم وزارة الصحة في القطاع أشرف القدرة بالقول إن إسرائيل أبلغت المسؤولين عن المستشفى بأنها ستقتحمه "خلال دقائق".. فماذا حدث في المستشفى؟
أصبحت المستشفى التي تدعي إسرائيل وجود مقر قيادة حماس تحته مثار قلق دولي، وبعد خمسة أسابيع من الحرب الدائرة ضد القطاع المحاصر قالت إسرائيل إن قواتها تعمل ضد حماس في جزء معين من مجمع الشفاء الطبي استنادا إلى معلومات استخباراتية وحاجة عملياتية، مشيرة إلى أن قواتها تضم فرقا طبية ومتحدثين باللغة العربية خضعوا لتدريبات محددة "للاستعداد لهذه البيئة المعقدة والحساسة بهدف عدم إلحاق أي ضرر بالمدنيين".
في وقت لاحق، قال الدكتور منير البرش مدير عام وزارة الصحة في غزة في تصريحات لوسائل إعلام إن القوات الإسرائيلية اقتحمت الجانب الغربي من المجمع الطبي، مضيفا أن هناك انفجارات كبيرة ودخل الغبار إلى المناطق التي هم فيها.
تقول إسرائيل إن حماس لديها مركز قيادة تحت مستشفى الشفاء، وهو الأكبر في غزة، وتستخدم المستشفى والأنفاق الموجودة تحته في العمليات العسكرية واحتجاز الرهائن، وتنفي حماس ذلك.
وصرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر لشبكة سي.إن.إن أن المستشفى والمجمع كانا بالنسبة لحماس "محورا مركزيا لعملياتها وربما حتى القلب النابض وربما حتى مركز الثقل".
الولايات المتحدة من جانبها دعمت الرواية الإسرائيلية قبل اقتحام المستشفى بساعات، فقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الابيض جون كيربي إن حركتي حماس والجهاد الإسلامي تستخدمان "مركز قيادة وسيطرة انطلاقا من مستشفى الشفاء" في قطاع غزة، مضيفا "لدينا معلومات تؤكد أنّ حماس تستخدم هذا المستشفى بالتحديد مركز قيادة وسيطرة وعلى الأرجح لتخزين معدّات وأسلحة... إنها جريمة حرب".
تنفي حماس الرواية الإسرائيلية التي دعمتها الولايات المتحدة، وقد حملت الحركة واشنطن مسؤولية ما حدث قائلة إن "تبني البيت الأبيض والبنتاجون لرواية الاحتلال الكاذبة والزاعمة باستخدام المقاومة لمجمع الشفاء الطبي لأغراض عسكرية كان بمثابة الضوء الأخضر للاحتلال لارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين".
وفي الضفة الغربية المحتلة، قالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة إن "قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جريمة جديدة بحق الإنسانية والطواقم الطبية والمرضى بحصارها وقصفها لمجمع الشفاء الطبي".
هو عبارة عن مجمع كبير من المباني والأفنية يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.
حتى أمس الثلاثاء، كان المستشفى يتولى رعاية 36 رضيعا وفقا للطاقم الطبي هناك الذي قال إنه لا توجد آلية واضحة لنقلهم على الرغم من إعلان إسرائيل عرضا لتوفير حضانات من أجل عملية الإخلاء.
نازحون فلسطينيون - أ ف ب
وتوفي ثلاثة من أصل 39 من الأطفال الخدج منذ أن نفد الوقود اللازم لتشغيل المولدات التي كانت تدير الحضانات هذا الأسبوع.
وتقول حماس إن جميع هؤلاء محاصرون داخل المستشفى تحت نيران متواصلة من القناصة والطائرات المسيرة الإسرائيلية. وأضافت الحركة أن 40 مريضا لقوا حتفهم في الأيام القليلة الماضية في ظل نقص الوقود والمياه والإمدادات.
وقال القدرة "نتحدث عن قرابة 650 من الجرحى والمرضى والأطفال، نتحدث عن قرابة هذا العدد أيضا من الطواقم الطبية، من خمسة إلى سبعة آلاف نازح داخل مجمع الشفاء الطبي من الأطفال والنساء والمسنين وعوائل بأكملها في كافة أرجاء مباني مجمع الشفاء الطبي والآن حالة من الذعر بين هؤلاء جميعا، الواقع صعب للغاية".
شيد مستشفى الشفاء عام 1946 خلال الحكم البريطاني، أي قبل عامين من إعلان قيام إسرائيل، وظل المستشفى قائما خلال فترة إدارة مصر للقطاع التي استمرت عقدين تقريبا بعد حرب عام 1948.
وبعد احتلال إسرائيل للقطاع عام ١٩٦٧، ظل مستشفى الشفاء مكانا محوريا لفترة طويلة فكان ملجأ العديد من الفلسطينيين خلال الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
وفي عام 1967، استولت إسرائيل على قطاع غزة واحتلته وظل مستشفى الشفاء مكانا محوريا لفترة طويلة قبل سيطرة حماس على القطاع حيث كان يلجأ إليه العديد من الفلسطينيين خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
المستشفيات هي مبان محمية بموجب القانون الإنساني الدولي. لكن مسؤولي الأمم المتحدة قالوا إن المزاعم بأن مستشفى الشفاء يستخدم أيضا لأغراض عسكرية أدت إلى تعقيد الوضع لأن ذلك من شأنه أيضا أن ينتهك القانون الدولي، لكن المنشآت الطبية المستخدمة في أعمال تلحق ضررا بالعدو، والتي تجاهلت تحذيرا بالتوقف عن القيام بذلك، تفقد الحماية الخاصة التي تتمتع بها بموجب القانون الدولي.
رغم ذلك، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في بيان صدر في 30 أكتوبر بشأن الهجمات على المواقع المحمية مثل المستشفيات إن إسرائيل "ستحتاج أيضا إلى إثبات التطبيق السليم لمبادئ التمييز والحيطة والتناسب"، مضيفا أن "عبء إثبات فقدان الحماية يقع على عاتق من يطلقون النار أو القذائف أو الصواريخ".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة