عودة "نتنياهو الصغير" تثير أزمة في تل أبيب

اتصل الصحافي نير غونتز من هآرتس برئيس منظمة إيهود هتسلا، إيلي بير وسأله عن تلك الصورة في غرفة العمليات التي ظهر فيها يائير وهو يجيب على الخط الساخن.

غونتز سأل بير ما هي وظيفة يائير بالتحديد، فأجابه "لم يقرر يائير بعد ما الذي يناسبه. لكنه سيتطوع بالطريقة التي تناسبه".

يواصل الصحافي حديثه لمدير المنظمة "إذا جاء شخص مجهول إلى منظمتك وقال: لا أعرف ما أريد فعله، أعطني المدير التنفيذي ليقف خلفي واسمحوا لي بالتقاط صورة أثناء الرد على الهاتف هنا، فلن تسمحوا بحدوث ذلك".

فكانت إجابات بير "أنا لا أتدخل في الشؤون السياسية. يأتي البعض لالتقاط الصور والمغادرة، والبعض الآخر يأتي للتطوع. لا أعلم. أنا لست قاضيا. أعلم أنه تطوع أيضاً في الولايات المتحدة وساعد كثيراً".

وعندما سأله الصحافي كيف تطوع يائير في الولايات المتحدة لمساعدة إسرائيل، أجاب بير "لقد جمع المال لنا".

في النهاية أقر بير بأن يائير "جاء إلى هنا ليثير الإعجاب" وقال إنه "لا يعلم إذا كان الهاتف الذي أمسك به يعمل أم لا". ببساطة، التقط يائير اللقطة، قبل انتشار الصورة على نطاق واسع.

في منتصف الحرب الإسرائيلية على غزة، نشرت كاتبة إسرائيلية يمينية تدعى كارولين جليك ادعاءً شديد الخطورة بأن مقاتلي حماس "أحرقوا رضيعاً يهودياً وهو حي في الفرن وقتلوا والده واغتصبوا والدته مراراً وتكراراً واستمروا بالضحك".

هذه القصة لاقت رواجاً في إسرائيل على الرغم من وضع تويتر تحذير لتكذيب القصة.

كان رئيس منظمة إيهود هتسلا، إيلي بير، مصدر تلك القصة الرئيسي.

روى بير تلك القصة للمرة الأولى بعد 3 أسابيع من هجوم حماس، أثناء حضوره مؤتمرا لليهود في الحزب الجمهوري الأميركي في لاس فيغاس، وأخبر الحشد "أنه رأى بأم عينيه رضيعاً أحرق في فرن".

يعتقد الصحافي الإسرائيلي خايم ليفينسون أنه عندما رأى إيلي أثرياء المؤتمر الجمهوري في لاس فيغاس، "فكر في المال، وحكى قصة خيالية عن طفل في فرن".

وقال خايم بأنه تواصل مع عدة جهات في الجيش، ولكنهم أكدوا له أنهم لم يسمعوا بقصة كهذه.

التحقق من ادعاء بير لم يتوقف. استقصى الصحافي يشاي كوهين عن القصة عبر الاتصال بقيادات في الجيش الإسرائيلي وكذلك منظمتي "زاكا" التطوعية للإسعاف و"شورا"، وجميعهم أنكر حكاية "الرضيع في الفرن".

القصة الملفقة، والمنتشرة بشكل كبير دفعت منظمة FakeReporter الإسرائيلية المعنية بتفنيد الأخبار الكاذبة، إطلاق مناشدة تدعو لعدم التعاطي مع مثل تلك القصص لأنها تضر بمصداقية الرواية الإسرائيلية أمام العالم.

كما حذر الصحافي عامير طوبين بأن تداول القصة سيخلق سمعة عن الإسرائيليين بأنهم كاذبون، وهو ما سيلقي بظلاله على كل ما تقوله إسرائيل.

التراجع عن رواية الطفل في الفرن

وسط كل الضوء المسلط عليه، تراجع بير خطوة للوراء وقال بأن الطفل ربما خبأته أمه في الفرن لحمايته من المهاجمين.

وأضاف بأن سبب عدم معرفة أي جهة في إسرائيل عن تلك القصة هي أن طاقمه في المنظمة هو من اكتشف الجثة يوم السبت في موقع الحادث بينما كانت الطواقم الأخرى من منظمة زاكا في عطلة لأسباب دينية، أو منشغلة بمواقع أخرى نظراً لاتساع حجم هجوم السابع من أكتوبر.

لكن نائب بير، أشير موكويتز، زعم بأن جثة الطفل تم العثور عليها بعد 4 أيام كاملة من السابع من أكتوبر وأن ذلك تم في قاعدة عسكرية.

يائير، 32 عاما، هو الابن الأكبر لبنيامين نتنياهو من زوجته الثالثة سارة بن عرتزي. يعيش حياته "باعتباره صاحب سُلطة"، من وجهة نظر الإسرائيليين.

فهو يواعد الحسناوات، ويرافق الأثرياء، ويصادق رؤساء حول العالم ويعيش في بذخ على الرغم من كونه عاطلا عن العمل منذ تخرجه وحتى إطلاقه بودكاست يحمل اسمه عام 2020.

يوصف يائير بأنه أكثر تطرفاً من والده ويحمل آراء معادية للعرب والمسلمين، ويعلن عن حبه لقادة أحزاب أقصى اليمين المتطرف في أوروبا وأميركا.

وعلى مدار العام الماضي، تسبب نتنياهو الابن في إحراج والده بشكل متواصل، بسبب تحريضه ضد قادة الجيش والمحكمة الإسرائيلية العليا.

في تغريدة ضد رئيس أركان وزارة الدفاع هرتسي هليفي، قال يائير إنه "الأكثر فشلاً وتدميراً في تاريخ الجيش الإسرائيلي". وهو ما دفع نتنياهو الأب لإصدار بيان يعبر عن دعمه لهليفي ويدين الهجوم عليه.

وفي بداية العام، نشر يائير تغريدة تحمل نظرية مؤامرة بأن حكومة الولايات المتحدة تمول المظاهرات الاحتجاجية ضد والده، وهو ما دفع وزارة الخارجية الأميركية لإدانة ونفي ادعاء يائير، ما تسبب لوالده في إحراج كبير مع إدارة الرئيس بايدن.

المتاعب التي تسبب فيها يائير لوالديه متواصلة منذ العام 2014 على الأقل، حينما طالته الانتقادات بأنه "يهدد أمن واستقرار البلاد بأكملها" بحسب تعبير صحيفة ذا أتلانتيك.

وقعت هذه الأزمة بسبب مرافقته شابة نرويجية مسيحية تدعى ساندرا لايكنغر كانت زميلته في الجامعة العبرية في برنامج بكالوريوس العلاقات الدولية.

وهو ما اعتبره خال يائير عملاً مشيناً كما لو أنه "بصق على قبر جده وجدته"، وقال حجاي بن عرتزي بأنه "سيدفن نفسه حياً" إذا أقدم يائير على الزواج من غير اليهودية تلك"، معتبراً مرافقته لها "أسوأ تهديد عبر تاريخ اليهود".

يائير يكشف أسرار إسرائيل

في عام 2015، تورط نتنياهو الابن في فضيحة جديدة كادت تعصف بمستقبل والده السياسي.

هذه المرة كانت مع ابن الملياردير الإسرائيلي وعملاق شركات الغاز كوبي ميمون، حيث ظهر يائير في تسجيل وهو يتسكع مع ميمون الابن في نادٍ للتعري وهو يطلب منه دفع أتعاب الراقصة قائلاً "والدي أمن لوالدك صفقة بعشرين مليار دولار وأنت تشكو من دفع 400 شيكل؟".

متاعب يائير التي لا تتوقف دفعت والديه لنفيه خارج إسرائيل ومنعه من نشر أي شيء في مواقع التواصل الاجتماعي.

في شهر مارس الماضي، اختفى يائير فجأة عن الساحة السياسية بشكل كامل بعد أن اعتاد الظهور بجوار والده في الساحات العامة والتغطيات الإخبارية، والدفاع عنه على تويتر بعشرات التغريدات.

أيام، وظهر نتنياهو الابن في ڤيلا فارهة في جزيرة بورتوريكو يصل إيجارها إلى 6 آلاف دولار في الليلة الواحدة، وكان إلى جواره ملياردير العملات الرقمية غريب الأطوار بروك بيرس.

فسر بعض الإسرائيليين الاختفاء المفاجئ ثم الظهور في ميامي، بأنه "قرار نفي خارج إسرائيل" لتجنب الجدل الذي يثيره بتغريداته، مثل مقارنته متظاهري المعارضة بالنازيين الألمان، وتهجمه على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

بعد شهرين عاد يائير لمواقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى، لكنه نشر فقط صورته في المرآة على إنستغرام بمظهر جديد من دون أي كلام.

الظهور هذه المرة، أثار بعض التخمينات في إسرائيل حول خضوعه لجراحة تجميلية لتعريض الفك السفلي ليبدو أكثر وسامة، بالإضافة لتفسير امتناعه عن التغريد بأنه أوامر من والديه لتجنب المشاكل بسبب آرائه المثيرة للجدل.

منذ ذلك الحين، ويائير نادراً ما يقوم بنشر تغريداته الخاصة على تويتر أو فيسبوك أو الظهور على شاشات التلفزيون، بل يكتفي في العادة بمشاركة تغريدات أخرى لنشطاء من اليمين الإسرائيلي المتطرف تهاجم المتظاهرين وقيادات المعارضة وقضاة المحكمة العليا.