ملايين الفلسطينيين تحت رحمة مربعات "عملية الجنوب"

قالت حليمة عبد الرحمن، وهي أرملة فلسطينية وأم لأربعة أطفال، إنها لن تستجيب لأوامر الإخلاء بعد الآن. فرّت حليمة من منزلها في بيت لاهيا، في أكتوبر، إلى منطقة تقع خارج خانيونس مباشرة، حيث تقيم مع أقارب لها والتي صدرت لها للتو أمر إخلاء.

تؤكد السيدة عبر الهاتف لأسوشيتدبرس: "لا، لن نغادر"، مضيفة أن الجيش الإسرائيلي "يقول لك اذهب إلى هذه المنطقة ثم يقصفها. والحقيقة هي أنه لا يوجد مكان آمن في غزة. يقتلون الناس في الشمال. إنهم يقتلون الناس في الجنوب".

توغلت عشرات الدبابات وناقلات الجنود والجرافات العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة وفق ما أكد شهود عيان لوكالة فرانس برس، الاثنين.

وأكد أمين أبو هولي، 59 عاما، أن عشرات الدبابات توغلت "على بعد كيلومترين" في بلدة القرارة، فيما قال معاذ محمد، 34 عاما، إن الدبابات "تتواجد على جانبي طريق صلاح الدين وتغلقه بالكامل"، وهو الطريق الواصل بين شمال القطاع وجنوبه.

بدأ الجيش الإسرائيلي، الاثنين 4 ديسمبر، توسيع عملياته في غزة. وقال قائد سلاح المدرعات الإسرائيلي هشام إبراهيم، لوكالة أسوشيتدبرس، إن قوات المدرعات والقوات البرية الأخرى تقترب من إنجاز مهمتها العسكرية في شمال قطاع غزة، وإنها تعمل في أماكن أخرى من القطاع، مستهدفة حركة حماس.

وأضاف "بدأنا بتوسيع التحركات البرية لتشمل أجزاء أخرى من القطاع".

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الأحد 3 ديسمبر، إن العملية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة تضاهي تلك التي نفذها الجيش ضد حركة حماس في شمال القطاع.

ووسع الجيش الإسرائيلي يوم الأحد أوامر الإخلاء في خانيونس وما حولها، وطلب من سكان 5 مناطق وأحياء أخرى على الأقل المغادرة. قال سكان إن الجيش أسقط منشورات تأمرهم بالتحرك جنوبا إلى مدينة رفح الحدودية أو إلى منطقة ساحلية في الجنوب الغربي.

نشر الجيش الإسرائيلي، الجمعة، خريطة لغزة مقسمة لـ2376 مربعا، أرفقها برسالة موجهة إلى سكان القطاع تقول "يرجى الانتباه والتدقيق في هذه الخريطة، فكل من يرى رقم البلوك الذي يقطن به أو متواجد بالقرب منه، عليه تعقب ومتابعة تعليمات" الجيش الإسرائيلي عبر وسائل الإعلام المختلفة والانصياع لها.

فعلى سبيل المثال، المربع 54، الذي أمر الجيش الإسرائيلي السكان بمغادرته يتوسطه شارع صلاح الدين الذي حدده في وقت سابق الجيش الإسرائيلي كطريق آمن للنزوح من شمال إلى جنوب غزة. وبعد أمر إخلاء البلوك بـ5 ساعات، أعلن متحدث باسم الجيش أن الطريق لم يعد آمنا بسبب توغل قواته.

ويتضمن كل مربع عددا كبيرا من الأبنية السكنية. المربع 47 الذي أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائه أيضا، الاثنين، يتضمن مدرستين وجامعة.

على الأرض في غزة، كان هناك إحباط وحداد. خارج أحد المستشفيات في المدينة، جثة صبي مغطى بالغبار يدعى سعيد خالد شحتة على ركبتيه بجانب جثة أخيه الصغير محمد الملطخة بالدماء، وهي واحدة من عدة جثث ملقاة، بعد تعرض شارعهم لغارات جوية.

بكى الصبي وقال ”ادفنوني معه”. وقال عامل صحي في المستشفى الأهلي المعمداني إن أكثر من 15 طفلاً قتلوا.

وخارج المشرحة في خانيونس، حمل سامي النجيلة جثة طفل. وقال إن أبناءه كانوا يستعدون لإخلاء منزلهم، ”لكن الاحتلال لم يمنحنا أي وقت. لقد دمر المبنى المكون من 3 طوابق بالكامل، ودمر المبنى بأكمله”.

وقال إن 6 من الجثث لأقاربه. وأضاف: ”ما زال 5 أشخاص تحت الأنقاض. الله يعيننا”.

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى نزوح 1.8 مليون شخص من سكان غزة. قالت جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، إن نحو 958 ألفا منهم موجودون في 99 منشأة تابعة للأمم المتحدة في الجنوب.

وتعاني مستشفيات جنوب القطاع فوضى عارمة في ظل تدفق أعداد كبيرة من الجرحى تفوق قدرتها الاستيعابية، فيما نفدت مخزونات الوقود فيها لتشغيل مولدات الكهرباء.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة القصف الإسرائيلي إلى 15899 قتيلا، 70٪ منهم نساء وأطفال، منذ بدء القصف الإسرائيلي المدمّر في 7 أكتوبر ردا على هجوم حركة حماس الذي أدّى بدوره إلى مقتل 1200 شخص، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.