صراعات
في كل عام تبرز أحداث استثنائية تطغى على نشرات الأخبار وتستحوذ على اهتمام العالم. طغت الحروب والأزمات والكوارث الطبيعية على عام 2023، ولعل أبرز ما جمع معظم أحداثه هو الخسائر البشرية.
من الحرب بين إسرائيل وحماس إلى الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا والمغرب مرورا بالهجوم الأوكراني المضاد والإضراب في هوليوود، فما هي الأحداث الرئيسية التي طبعت العالم في العام 2023؟
توغل مقاتلون من حماس إلى جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، انطلاقا من قطاع غزة، وهاجمت الحركة الفلسطينية بلدات حدودية ما أسفر عن مقتل 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين بحسب آخر الأرقام الرسمية الإسرائيلية.
أعلنت إسرائيل نيتها "القضاء على حركة حماس"، وباشرت حملة قصف كثيفة على قطاع غزة، وطلبت من السكان الانتقال جنوبا، لتبدأ بعدها عمليات برية.
وخلال النزاع المتواصل منذ 7 أسابيع، تسببت عمليات القصف في قطاع غزة بمقتل نحو 16 ألف فلسطيني بينهم أكثر من 6 آلاف طفل، ونزح أكثر من ثلثي سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، بحسب الأمم المتحدة.
بدأت المساعدات تدخل بوتيرة أكبر مع بدء سريان هدنة لأسبوع، قبل أن يتجدد القتال مع توغل بري واسع.
وأُفرج عن 50 أسير بموجب اتفاق الهدنة في مقابل 150 فلسطينيا معتقلا في السجون الإسرائيلية، خلال أيام الهدنة.
عاد الجيش الروسي الذي تعززت صفوفه بـ300 ألف جندي احتياط وبدعم من جماعة فاغنر المسلحة، إلى الهجوم، في يناير، ولا سيما في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا.
وفي مايو، أعلنت موسكو سيطرتها على باخموت بعد معركة دامية هي الأطول منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022.
وبوشر الهجوم الأوكراني المضاد الذي كان مرتقبا جدا من حلفائها الغربيين، مطلع يونيو، في محاولة لاستعادة أراض سيطرت عليها موسكو.
واجه الهجوم، دفاعات روسية قوية. ورغم مساعدات عسكرية غربية بمليارات الدولارات، تمكن الجيش الأوكراني من استعادة حفنة من البلدات فقط في جنوب البلاد وشرقها.
وبعد أشهر على بدء الهجوم المضاد غير المثمر، أكدت كييف منتصف نوفمبر أنها دفعت الجيش الروسي إلى التراجع كيلومترات عدة على الضفة اليسرى من نهر دنيبرو في منطقة خيرسون الجنوبية.
وفي 21 نوفمبر، توجه قادة أوروبيون إلى كييف لتجديد دعمهم لأوكرانيا التي تخشى تراجع التزام حلفائها فيما الاهتمام العالمي منصب على الحرب بين حماس وإسرائيل.
ضرب زلزال هو من بين الأقوى في غضون قرن من الزمن، جنوب شرق تركيا ومناطق من سوريا في 6 فبراير. وأسفر الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات وتلته هزة أخرى بعد 9 ساعات، ما لا يقل عن 56 ألف قتيل في تركيا ونحو 6 آلاف في سوريا.
وانتشرت صور مؤثرة عبر العالم لوالد يمسك بيد ابنته البالغة 15 عاما والعالقة تحت الركام في تركيا، ولطفلة رضيعة ولدت في سوريا خلال الزلزال وأنقذت من بين الأنقاض وهي لا تزال موصولة بالحبل السري بوالدتها التي قضت في الزلزال.
وضرب زلزال عنيف في، 8 سبتمبر، منطقة مراكش في وسط المغرب.
وتراوحت قوة الزلزال بين 6.8 و7 درجات، وهو الأقوى الذي يسجل في هذا البلد. وقد خلف نحو 3 آلاف قتيل وأكثر من 5600 جريح.
وألحق الزلزال أضرارا بحوالى 60 ألف وحدة سكنية في 3 آلاف بلدة تقريبا في أعالي الأطلس ومحيطه وهي مناطق نائية يصعب الوصول إليها.
ضربت العاصفة دانيال، في 10 سبتمبر، شرق ليبيا، وتحديدا مدينة درنة المطلة على البحر المتوسط والتي يسكنها 100 ألف نسمة، ما أدى إلى انهيار سدَّين وحدوث فيضان جرف كل شيء في طريقه.
وبعد التعلّق بأمل العثور على ناجين وانتظار وصول جثث منتشلة من البحر إلى الميناء، سيطر اليأس على سكان المدينة، فالكارثة تسببت في مقتل أكثر من 4 آلاف شخص ونتج عنها آلاف المفقودين بحسب السلطات الليبي.
شهدت قارة أفريقيا انقلابين في 2023. ففي النيجر، البلد الواقع في منطقة الساحل الذي يشهد أعمال عنف جهادية، استولى عسكريون على السلطة في 26 يوليو، بسبب "تدهور الوضع الأمني". ولا يزال الرئيس المخلوع محمد بازوم محتجزا في مقر إقامته.
في الغابون، أطاح انقلاب عسكري في 30 أغسطس، بالرئيس علي بونغو اونديمبا بعيد انتخابات رئاسية تعرضت لانتقادات واسعة بسبب اتهامات تزوير، وأظهرت فوزة بولاية ثالثة. ولا يزال علي بونغو الذي حكمت عائلته البلاد الواقعة في وسط إفريقيا لأكثر من 55 عاما، في ليبرفيل وهو حر في في تنقلاته.
ومنذ 15 أبريل، تدور حرب في السودان بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
أسفرت عن أكثر من 10 آلاف قتيل وفق تقديرات منظمة أكليد غير الحكومية. إلا أن هذه التقديرات قد تكون دون الأرقام الفعلية بكثير.
بعد مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى في 2022، اضطرت فرنسا إلى سحب قواتها من مستعمرتين سابقتين لها، هما بوركينا فاسو في فبراير والنيجر اعتبارا من أكتوبر، بضغط من السلطات القائمة فيهما وعداء الرأي العام.
باشر كتاب السيناريو الأميركيون الذين انضم إليهم الممثلون في منتصف يوليو، إضرابا للمطالبة بأجور أفضل والإحاطة بشكل أفضل بالذكاء الاصطناعي اعتبارا من مايو.
وانتهى هذا التحرك غير المسبوق في هوليوود منذ 1960 في سبتمبر على صعيد كتاب السيناريو، مع اتفاق على الأجور وحماية من استخدام الذكاء الاصطناعي.
أما الممثلون القلقون من لجوء استديوهات هوليوود إلى هذه التكنولوجيا لاستنساخ صوتهم وصورتهم لإعادة استخدامها متى شاءت من دون موافقتهم أو التعويض عليهم، فلم يستأنفوا عملهم إلا في نوفمبر.
وإلى جانب رفع الأجور، سمح الإضراب كذلك بفرض قيود جديدة على استخدام الذكاء الاصطناعي. وأحدث الإضراب شللا تاما على مدى 6 أشهر في إنتاج الأفلام والمسلسلات الأميركية، وكلف الاقتصاد الأميركي ما لا يقل عن 6 مليارات دولار.
اعتُبر يونيو وأكتوبر أكثر الأشهر حرا في العالم بحسب المرصد الأوروبي كوبرنيكوس الذي توقع أن يتجاوز العام 2023 "بشكل شبه مؤكد" المستوى القياسي المسجل العام 2016 ليصبح "أكثر السنوات حرا".
وتترافق درجات الحرارة المرتفعة مع موجات جفاف تفضي إلى مجاعات وحرائق مدمرة وأعاصير عنيفة.
وعرفت كندا هذه السنة موسم حرائق غير مسبوقة مع التهام النيران أكثر من 18 مليون هكتار ونزوح 200 ألف شخص.
وأتت حرائق في هاواي في أغسطس على مدينة لاهاينا السياحة في جزيرة ماوي بشكل شبه كامل ما أدى إلى سقوط 97 قتيلا.
وعرفت اليونان أيضا حرائق واسعة خلال الصيف أدت إلى سقوط 26 قتيلا، إحداها في منطقة إيفروس في شمال شرق البلاد اعتبر الأكبر في أوروبا. واجتاحت فيضانات بعد ذلك، في سبتمبر، سهل تيساليا الخصب في الوسط ما أسفر عن سقوط 17 قتيلا.
واندلعت حرائق عنيفة اججتها موجة قيظ جزر رودوس وكورفو السياحيتين ومناطق في حوض المتوسط لا سيما في الجزائر وصقلية.
كان القمر محور السباق إلى الفضاء. نجحت الهند في 23 أغسطس بإنزال مركبة "شنادريان-3" غير المأهولة في منطقة غير مكتشفة بعد في القطب الجنوبي من القمر وهو أمر غير مسبوق.
قبل أيام على ذلك، تحطم المسبار الروسي "لونا-25" في أول مهمة لموسكو إلى القمر منذ العام 1976، في المنطقة نفسها التي تثير اهتماما كبيرا بسبب احتمال وجود مياه متجمدة فيها.
قبل الهند، كانت وحدها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين نجحت في إنزال مركبات على سطح القمر.
وتعول وكالة الفضاء الأميركية، ناسا، على مركبة ستارشيب من إنتاج سبايس إكس، في مهمات أرتميس التي تنوي تسييرها إلى القمر مع طموح معلن بعودة رواد الفضاء الأميركيين إليه في 2025 للمرة الأولى منذ العام 1972.
أقلعت "ستارشيب" للمرة الأولى بشكلها الكامل، في 20 أبريل، إلا أن أعطالا في المحرك أرغمت سبايس إكس التي يملكها إيلون ماسك على تفجير الصاروخ بعد 4 دقائق.
وفشلت الشركة اليابانية الناشئة "أي سبايس" في أبريل في إنزال مركبتها "هاكوت-أر" على سطح القمر، لكن وكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) أطلقت مهمة قمرية جديدة في مطلع سبتمبر.
هاجمت أذربيجان في 19 سبتمبر منطقة ناغورنو كاراباخ الانفصالية التي تسكنها غالبية أرمينية والتي تتنازع عليها باكو ويريفان منذ أكثر من 3 عقود.
وسبق لهذا الجيب الجبلي الذي أعلن استقلاله من جانب واحد بدعم من أرمينيا في عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفياتي، أن كان مسرحا لحربين بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين في القوقاز في مطلع التسعينيات وفي خريف العام 2020.
في غضون 24 ساعة، استسلمت سلطات الجيب بعدما تخلت عنها يريفان وأبرم اتفاق لوقف إطلاق النار.
بعد هذا الهجوم الخاطف الذي قتل فيه نحو 600 شخص، فرت غالبية السكان البالغ عددهم 120 ألفا إلى أرمينيا في حين أعلنت سلطات أعالي كاراباخ حل نفسها اعتبارا من الأول من يناير 2024.
في منتصف نوفمبر، أمرت محكمة العدل الدولية التي لجأت إليها يريفان، باكو بالسماح بعودة سكان قره باغ "بأمان تام".
ولم تفض المحادثات التي تجري بوساطة دولية والرامية إلى التوصل إلى اتفاقية سلام، إلى نتيجة حتى الآن.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة