دون ماء أو فوط صحية.. كيف يمرّ الشهر على نساء غزة؟

هالة عطايا أم لثلاثة أطفال، دفعها القصف للنزوح من مخيم جباليا إلى مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، إلا أن الكثير من احتياجاتها غير متوفرة هناك.

تقول الأم العشرينية إنها تحظى بفرصة للاستحمام الآن مرة كل أسبوعين فقط، بينما اعتادت في منزلها الاستحمام بشكل يومي، أما الاستخدام اليومي لدورة المياه فلا يخلو من معاناة إذ تشارك أسرتها دورة المياه مع مئات آخرين.

للوصول لدورة المياه تضطر الأم للانتظار في صفوف طويلة، بينما يحيط بها الذباب من كل مكان وتنبعث روائح كريهة من المكان.

في فترة الدورة الشهرية يزداد الأمر تعقيدا، إذ تؤكد الأم أن الفوط الصحية غير متوفرة وإن توافرت فإن سعرها مرتفع للغاية.

تلجأ عطايا لحل غير تقليدي: "أقوم بتمزيق ملابس أطفالي أو أي قطع قماش أجدها لاستخدامها كفوط وقت حلول الدورة الشهرية".

أما سمر شلهوب وهي شابة تبلغ من العمر ١٨ عاما، فتشعر بأنها عادت "للعصر الحجري" بعد أن استقر بها الأمر في مدرسة نزوح في مدينة رفح.

تقول شلهوب: "أبسط المقومات الإنسانية أصبحت معدومة، أشعر بخجل وذل".

وتابعت "الوضع معاناة. لا يوجد أمان ولا غذاء ولا ماء ولا نظافة، لا توجد فوط نسائية، ولا يوجد ماء للاستحمام، والحمامات قذرة".

خلال الدورة الشهرية تستخدم شلهوب القطع القماشية، إلا أن استخدام تلك الوسيلة البدائية يعود عليها بالضرر والإصابة بالالتهابات الجلدية.

أكدت منظمة "العمل ضد الجوع" غير الحكومية أن نقص المياه يصعب على النساء والفتيات التعامل مع الدورة الشهرية "في ظروف صحية أو كريمة".

بينما أشارت المنظمة إلى أن العديد منهن يستخدمن منتجات الدورة الشهرية لفترة أطول من المتوقع، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى.

من بين هؤلاء النساء أم سيف، وهي امرأة خمسينية تقيم مع بناتها الخمس في فصل دراسي في إحدى المدارس، تستخدم أسرة أم سيف حفاضات الأطفال أثناء الدورة الشهرية، حيث يقمن بتقسيم الحفاضة لقسمين كي يمكن استخدامها مرتين.

حتى ذلك الحل الأخير لم يعد يسيرا، حيث أصبحت حفاضات الأطفال غير متوفرة أو مرتفعة الثمن، فبعد أن كان سعرها 14 شيكلا أي 3.77 دولار أصبح سعرها 25 شيكلا أي 6.46 دولار.

تعمل انتصار الديراوي في لجنة النظافة في إحدى المدارس التي تستقبل النازحين وتؤكد لوكالة فرانس برس أن الكثير من النساء يطالبن بأدوية ومراهم لعلاج الالتهابات الجلدية.

ولاحظت منسقة الطوارئ في منظمة "أطباء بلا حدود" في غزة ماري أوري بيريو ريفيال، أنه منذ بدء الحرب تضاعفت الطلبات على وسائل منع الحمل أربع مرات، لأن النساء لم يعدن يرغبن في حلول الدورة الشهرية، وتعمل تلك الحبوب على تأخيرها أو منعها.

وتركز المنظمة الآن بعد إغلاق مراكزها الصحية حيث كان يمكن علاج النساء، على حالات الطوارئ اليومية.

نددت منظمة "أكشن آيد" في بيان، الأحد الماضي، بظروف معيشة العديد من النساء والفتيات في غزة، موضحة أنهن يعشن في مرافق مكتظة، وفي بعض الأماكن لا يوجد سوى "دش" واحد لـ700 شخص للاستحمام، ومرحاض واحد لـ150 شخصا.

وبحسب المنظمة ليس لدى النساء سوى القليل من الماء للاغتسال، وبلا خصوصية، أو صابون للحفاظ على سلامتهن.

تصف أحلام أبو بريكة التي نزحت منذ أكثر من 60 يوما ظروف معيشتها فتقول: "النظافة الشخصية معاناة. المياه لا تكفي للجميع".

قررت أبو بريكة أن تحاول التكيف مع أزمة دورات المياه بطريقة غير متوقعة، إذ قررت تخفيف شرب السوائل، كي توفرها لأطفالها أولا وتقلل عدد مرات زيارتها دورة المياه ثانيا.