"الزوجة الثانية" في اليمن.. تشجيع مجتمعي يواجهه "حيل الأولى"

تفيد الأرملة لبيلنكس أن محمد، شقيق زوجها تولى رعاية أسرتها وتوفير احتياجات أطفال أخيه الأيتام.

وتضيف أن الشاب الثلاثيني، تقدم لخطبتها ليتزوجها بعد وفاة أخيه، كعرف قبلي يطلق عليه "الاستخلاف" للحفاظ على الورث، وأبناء الأخ المتوفي من الشتات.

ووافقت آسيا لخوفها من مواجهة أسرة زوجها، وعجزها عن تحمّل مسؤولية تربية أطفالها، إضافة إلى الظروف المعيشية القاسية التي ساءت بشدة في المحافظة التي تعد من أفقر المحافظات اليمنية.

تقول آسيا إن سوراً حديدياً من ألواح الزنك المعدنية كان الفاصل بين منزلها ومنزل عريسها المستقبلي، وتضيف بسخرية "يبدو أن السور كان السبب في فشل مشروع زواجي".

وتوضح الشابة العشرينية أن زوجة محمد الأولى صيرا، قامت بخرق صغير في السور لمراقبتها والبحث عن سبب لنشر الأقاويل عنها.

وبعد مصارحة زوجها لها برغبته في الزواج بزوجة أخيه المتوفي، تظاهرت بأنها موافقة، وأجبرت العروس الأرملة على الرفض تحت التهديد.

وتضيف آسيا أن صيرا قامت بإيصال سلك كهربائي للسور الحديدي وعندما بادرت العروس المفترضة بفتح الباب، تفاجأت بصعق كهربائي قذفها بعيداً، ومع صراخ أطفالها تجمع الجيران لمساعدتها، فيما اكتفت صيرا بفصل التيار الكهربائي عن السور والمراقبة من بعيدٍ بصمت.

وتوضح لبلينكس أن التهديد أصبح واضحاً، وتقول "حينها تراجعت عن الموافقة وأقنعت أخ زوجي أن أهلي عارضوا الفكرة بشدة، وطلبت منه عدم الاقتراب من منزلي، واختلقت أعذاراً ولم يقتنع، ما اضطرني للانتقال للعيش في منزل أخي خوفاً على أبنائي من جنون ومكر زوجته".

صيرا واحدة من عشرات الزوجات اللاتي تؤرقهن فكرة "الزوجة الثانية"، ويعتبرنها تهديداً مباشراً للقفص الذهبي، حيث تقول العشرينية أم هيثم، من محافظة البيضاء وسط اليمن إن الحيلة ضالة المرأة بعد أن صارحها زوجها برغبته في الزواج بالثانية.

وتضيف صيرا أو أم هيثم كما تحب أن تنادى، بدأت تراقب زوجها وتذهب إلى العروس سراً وتحاول إخافتها بطباعه الحادة وتختلق صفات غريبة في زوجها، وهو ما نجحت به.

وتقول إنه بعد رفض خمس فتيات لزوجها، أقنعته بأنه مسحور ولا نصيب له في زوجة ثانية وسيصاب بمكروه إذا تزوج.

وتضيف بأنها لن تلجأ إلى الحيلة، لأن رغبة زوجها بأخرى يعني نهاية علاقتها به.

يفصح أبو مهند أنه متزوّج منذ سنوات، ولا يفكر بالزواج بامرأة ثانية لما شاهده من معاناة وسط أصدقائه بسبب رغبتهم بالزواج بامرأة قوية الشخصية.

غير أن أبو علي الورد يخالفه الرأي، ويؤكد أن الزوج يتراجع في حال الشعور بالخطر على تماسك أسرته.

ويوضح لبلينكس أنه تراجع عن فكرة الزواج بالثانية، بعد أن هددته زوجته بالهروب بأطفاله الاثنين، إضافة إلى تهديده بالحبس وتقديم وثيقة للنيابة العامة كتبها لها كمديونية بمجوهراتها التي باعها حين واجهته ضائقة مالية.

المجتمع اليمني يشجّع على الزواج بالثانية، خاصةً بعد ارتفاع أعداد الفتيات اليمنيات بسن الزواج إلى مليونين ونصف المليون، منهن أكثر من نصف مليون شابة تجاوزت سن الثلاثين، وفقاً للمؤشرات التقديرية للجهاز المركزي اليمني للإحصاء، في غياب التقرير السنوي المتضمن مسحاً شاملاً للأسرة اليمنية بسبب ظروف الحرب.

كما تفتقر السلطات المعنية من طرفي الصراع، إلى إحصائيات حول الأرامل جراء النزاع الذي خلف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.

إلا أن تقديرات المنظمات غير الحكومية بحسب البيت الخليجي للدراسات والنشر تشير إلى أرقام متواضعة بوجود (15- 20) ألف أرملة يمنية.

يوضح القاضي عبد الكريم المطري لبلينكس أن المادة رقم 12 من قانون الأحوال الشخصية اليمني، رقم (20) لعام 1992، تنصّ على أنه يجوز للرجل تعدد الزوجات إلى أربع، مع تحقق القدرة على العدل وأن يكون الزوج قادر على الإعالة.

وأكد القاضي أنه على الزوجة الأولى مراعاة العشرة وعدم إفساد الزواج الثاني بالتهديد والحيلة وغيره من أساليب الايذاء.

بدورها ترجع الأخصائية والمعالجة النفسية نونا سعد العكوري، لجوء الزوجة إلى الحيلة لإفشال الزواج الثاني لاعتبارات كثيرة، منها اجتماعية وعاطفية ونفسية ومادية، وجميعها مرتبطة ببعضها.

وتشير إلى أن الزوجة تعتقد ان الأخرى ستأتي لمشاركتها حياتها، والنفقة التي كانت لها ولأولادها.

ومن الناحية الاجتماعية تشعر بجرح كبريائها أمام الآخرين، إضافة إلى النظرة المجتمعية بأنها "لم تعد كاملة".

كل هذا يؤثر على حالتها النفسية وتتعرض للشعور بعدم الثقة في النفس والشعور بالنقص والإهمال، ما يدفعها لحماية نفسها من خلال إفشال خطط الزواج بالثانية.

وتضيف الأخصائية، أن أسلوب الزوجة في التهديد ومحاولات إفشال الزواج، سيجعل الزوج يحاول الدفاع عن حقه الشرعي في التعدد، وإثبات سيطرته على الوضع، بحكم الثقافة المجتمعية الذكورية.