المهاجرون الأفارقة في تونس.. كيف انتهى حلم "الفردوس الأوروبي"؟

ميريام (اسم مستعار) هاجرت إلى تونس من سيراليون في غرب أفريقيا عبر الجزائر بحثاً عن "الجنة الموعودة" صحبة زوجها وابنتها البالغة 3 سنوات منذ ما يزيد عن 8 أشهر.

تقول المهاجرة الشابة ذات الثلاثين عاما لبلينكس، بينما تشغل يديها بتصفيف شعر طفلتها على الطريقة الأفريقية المميزة، إنها عاشت السنة الماضية أسوء أيام حياتها.

فقد طردها صاحب المنزل الذي تسكنه مع عائلتها، ومجموعة أخرى من المهاجرين في محافظة صفاقس جنوب شرقي البلاد على خلفية أعمال العنف التي شهدتها المنطقة إثر مقتل تونسي على يد مجموعة من المهاجرين الأفارقة، وتصاعد خطابات الكراهية الرافضة لوجودهم بالبلاد.

توضح ميريام أنها لا تنوي الاستقرار في تونس، وأن وجهتها بالأساس كانت "الفردوس الأوروبي"، كما تقول، لكن الأقدار دفعتها إلى الوصول إلى الجزائر بمساعدة مهربين وبمجرد وصولها، لم ترحلها أو تعاقبها السلطات الجزائرية، بل نقلتها قرب الحدود التونسية صحبة مجموعة أخرى من حوالي 20 مهاجراً.

دخل المهاجرون جميعا الأراضي التونسية، وواصلوا رحلتهم سيراً على الأقدام إلى صفاقس التي تستقبل نحو 80 ألف مهاجر أفريقي، وفقا لإحصائيات وزارة الداخلية.

تعتبر محافظة صفاقس نقطة انطلاق أساسية لرحلات الهجرة غير النظامية، حيث تنشط عصابات متشابكة تعمل في "الاتجار بالبشر"، بحسب ما يسميه القانون التونسي.

كما أن هذه المنطقة لا تبعد سوى 130 كيلومتر عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي وصلها ما لا يقل عن 100 ألف مهاجر من السواحل التونسية منذ بداية العام إلى غاية نوفمبر الماضي.

الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (وهي منظمة تهتم بالهجرة) رمضان بن عمر، يقول إن اتفاق الشراكة الموقّع مؤخراً بين أوروبا وتونس، غير متكافئ.

ويقول إن السبب في ذلك هو أن الجانب الأوروبي لا يفكّر إلا في وقف تدفق المهاجرين، فقدم وعوداً مالية سخيّة للطرف التونسي الذي يعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة، بهدف أن يتولى مهمة حارس البوابة الأوروبية، وكذلك استقبال المزيد من التونسيين المرحّلين قسراً من دول الاتحاد الأوروبي.

ليست صفاقس فحسب قبلة المهاجرين، فالعاصمة تونس أيضاً لها نصيب، حيث يقبع حوالي 900 مهاجر في حديقة عامة قرب مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في انتظار تسوية أوضاعهم القانونية.

إسماعيل، القادم من السودان، واحد من المقيمين في الحديقة العامة، يؤكد أنه لا يغادر مكانه إلا نادراً، فهو يخشى اعتقاله من قبل السلطات التونسية التي تعمد إلى مضايقة المهاجرين المشردين رغم حيازتهم "بطاقة بيضاء" تسلموها من المفوضية تسمح لهم بالتجول بحرية حتى تمكينهم من صفة لاجئ.

يضيف إسماعيل أنه ضاق ذرعاً من حرق القماش والفضلات للتدفئة، وأنه ملّ لعبة التخفي من الشرطة والعيش على ما يقدمه بعض التونسيين من أكل وشرب.

يؤكد المهاجر القادم في رحلة مضنية عبر ليبيا، أنه لم يعد يرغب في الهجرة إلى أوروبا رغم أن ظروف الحرب في بلده دفعته إلى القبول بهذه الظروف المزرية التي تهان فيها إنسانيته، وفق تعبيره.