"رضّع غزة" يختبرون الحرمان من الماء

تحتضن ميرفت صالحة حفيدتها قرب إحدى الخيام في رفح متحدثة عن رحلة نزوحها مع ابنتها الحامل من مكان لآخر في القطاع منذ 7 أكتوبر. وقالت إن حفيدتها أبصرت النور في مستشفى الناصر بعد الخروج من منطقة الكرامة، لينتهي بهم المطاف في خيمة في رفح بعد أن استقروا لفترة في خانيونس.

وتقول عن حفيدتها مريم "لقد ولدت في ظل الحرب والجفاف، ونحن محرومون من كل شيء هنا في رفح. ولم تر شيئا من العالم. لقد جاءت إلى هذا العالم، ولكن ماذا عن أولئك الذين لم يفعلوا ذلك بعد؟

وتضيف ميرفت "لقد ولدت في حالة من الرعب. وعندما ولدت قُتل أجدادها، لم يبق لهم أحد. كان الأمر مروعًا، وكانت الأم في حالة صدمة كاملة عندما وجدت نفسها تلد في دقيقة واحدة، وتفقد عائلتها في دقيقة أخرى".

وتشرح ميرفت قصة ابنتها وتقول "لم تكن الطفلة قادرة حتى على الرضاعة الطبيعية بسبب الرعب الشديد الذي كانت تشعر به الأم. لقد فقدت عائلتها في غزة أثناء ولادتها. ولا تزال مدمرة حتى الآن".

وتعيش مريم أول أيام حياتها في ظروف قاسية تتجسد في طقس الشتاء البارد ونقص في الغذاء. وعن تفاصيل حياتها اليومية تقول ميرفت "لكم أن تتخيلوا الحالة التي تعيشها (الأم) مع هذا الطفل، دون أي تدفئة، ولا توجد لدينا حفاضات حتى، ولا يتم توفيرها على الإطلاق في رفح، ولا حليب أو أي شيء. (نحن نعيش) في خيمة، والجو بارد، متجمد، إذا كنا نحن البالغين لا نستطيع تحمل البرد، فماذا عن هذا الطفل؟ إنها مولودة حديثًا وتنام على بطانية".

لا تحلم الجدة الفلسطينية أم محمد الجدبة بأكثر من غرفة نظيفة آمنة تستطيع فيها أن تحمم حفيدتيها الرضيعتين ألمى وسلمى.

وقالت أم محمد وهي تحمل الصغيرتين بين ذراعيها داخل الخيمة التي افترشت أرضيتها بطانيات وأبسطة بدائية أخرى فوق الرمال إن ألمى وسلمى بلغتا شهرا من العمر الآن، ولم تتوفر لهما فرصة للاستحمام.

والرضيعتان تعيشان في خيمة في مخيم للنازحين في رفح، جنوب قطاع غزة. ولا تستطيع أمهما إرضاعهما لأن الغذاء الذي تحصل عليه لا يكفي ليدر اللبن في ثدييها. والجدة، أم محمد، تجد صعوبة كل يوم في العثور على الماء لإعداد الحليب الاصطناعي للرضيعتين. وتغلي الماء على نار خارج الخيمة. وتوضح أم محمد: "فش غذا، فش أكل ياكلوه"

وأضافت أن إطعامهم جميعا عناء يضاف إلى عناء الأسرة كلها التي تكابد الجوع. وتساءلت الجدة كيف تستطيع الأمهات إرضاع أطفالهن وهن لا يجدن ما يسد رمقهن.

وقالت أم محمد إن 4 أطفال في عائلتها ولدوا في خضم النزوح منذ بداية الحرب. فقد ولدت زوجة ابنها بنتا، ثم أنجبت قريبة لها ولدا، ثم أنجبت زوجة ابنها الآخر ألمى وسلمى.

احتضنت ياسمين صالح ابنتها تولين التي ولدت في 15 أكتوبر، بعد 8 أيام من الحرب.

وقالت ياسمين التي كانت تلف طفلتها بطبقات متعددة من البطانيات الملونة إنها لم تتخيل قط أن تلد في مثل هذه الأوضاع، أو أن ينتهي بها المطاف لتضع ابنتها في خيمة في مناخ قارس البرودة.

وفي خيمتها، امتلأت حقيبة من القماش بزجاجات المياه البلاستيكية وزجاجة إرضاع تولين إلى جانب الاحتياطات الغذائية للأسرة التي تمثلت في طبق صغير من المعكرونة والقليل من البطاطا الحلوة والفلفل.

وقالت ياسمين إن ما تحصل هي نفسها عليه من غذاء لا يساعد جسمها على إدرار الحليب حتى ترضع طفلتها.

وعبرت ياسمين عن حلمها بحياة آمنة وبالعودة إلى منزلها إذا كان مازال صالحا للسكن وأن تعيش بعيدا عن الحرب في استقرار وأمن.

وبحسب الأمم المتحدة، يضم قطاع غزة نحو 50 ألف امرأة حامل تلد أكثر من 180 منهنّ يومياً تحت قصف إسرائيلي.

وتفيد تقديرات الأمم المتحدة أن 15% من الولادات على الأقل سوف تنطوي على مضاعفات تتطلب رعاية توليدية، وهو أمر غير متوفر في غزة التي مزقتها الحرب.

ونشرت اليونيسيف تقريرا، الأربعاء، تحذر فيه من خطر نقص مياه الشرب على الأطفال في القطاع. ويشير التقرير إلى أن الأطفال محرومون من 90% من احتياجهم اليومي من مياه الشرب. وبحسب التقرير فإن كل شخص بحاجة إلى 3 ليترات من المياه للنجاة في حالات الطوارئ.