الكفن الأبيض.. من رمز معاناة غزة إلى رسائل حب توثق الإبادة

تحمل بعض الأكفان كلمات مثل "ذكر مجهول" و"أنثى مجهولة". وقبل الدفن يتم التقاط صور للموتى وتوثيق تاريخ وموقع القصف الذي أودى بحياتهم، ليتسنى لذويهم التعرف عليهم يوما ما.

ومع تفاقم الصراع أكثر من المتوقع واكبت إمدادات الأكفان البيضاء التي تتبرع بها حكومات عربية ومؤسسات خيرية وتيرة الطلب المتزايد، لكن هناك صعوبات بسبب العدد الهائل من القتلى وفي بعض الأحيان توجد فجوات في إتاحتها بين مكان وآخر.

وقال المتطوع في جمعية قيراطان لتجهيز الموتى، محمد أبو موسى: "تفاجأنا بالطلب الكبير على الأكفان، المخزون من متبرعين نفد تماما في أول أيام الحرب على قطاع غزة... أواجه صعوبة كبيرة جدا في توفير الأكفان، وكنت أضع أربعة وخمسة شهداء في كفن واحد".

تابع أبو موسى قائلا وهو يصف ما يواجهه من صعوبات: "هناك نقص في المشارط والقطن والمقصات اللازمة لتجهيز الأكفان والحصار يمنع تلك المواد في قطاع غزة"، مشيرا إلى أن أرقام القتلى خيالية وغير مسبوقة أكثر من أي وقت سابق.

ويقول مدير مستشفى أبو يوسف النجار، مروان الهمص: "كثرة الشهداء جعلت الكفن الأبيض رمزا لهذه الحرب، وأصبح يوازي علم فلسطين في تأثيره في معرفة العالم برمزية قضيتنا، وأصبح الآن الكفن رمزا للقضية الفلسطينية ورمزا لهذه الحرب، حرب الإبادة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة".

بالنسبة لعبد الحميد عبد العاطي، الصحافي المحلي، جاء زمن الحرب في قطاع غزة بمشاهد من الفوضى والدمار وضعته أمام موقف رأى فيه جثث ستة من أحبائه تُسحب من تحت الركام، منهم أمه وشقيقه.

وأضاف لرويترز: "أول واحد كفنته أخوي، البقية ومن ضمنهم أمي جاءوا ملفوفين بالبطانيات فلم أكشف عنهم ووضعت الكفن فوق الأغطية وودعتهم".

وتابع قائلا: "كنت أتحدث معهم وأقول لهم سلموا على والدي، وطلبت منهم يشفعون لي عند ربي أنا وعائلتي، وكنت أتساءل ما ذنبهم، لماذا قتلتهم إسرائيل وهم نائمون في سلام؟".

يسلّم عبد العاطي بأن عزاءه الوحيد هو أن ذويه مثواهم الجنة، ويقول: "الأكفان أو اللون الأبيض ترمز للسلام والهدوء، جزء من ثقافتنا ومعتقدنا، بالأكفان البيضاء وكأننا نطلب من ربنا أن يغفر لهم جميع ذنوبهم وأن يتقبلهم في الجنة"