تضخم متوقع.. كيف أثر الحوثيون على الاقتصاد العالمي؟

خلال السنة المالية المنتهية في يونيو الماضي، حققت قناة السويس إيرادات قياسية بلغت 8.76 مليار دولار، وخلال الربع الثالث، من يوليو حتى سبتمبر الماضي، أضافت القناة 2.40 مليار دولار أخرى إلى الاقتصاد المصري.

كان ذلك قبل أيام قليلة من اندلاع حرب غزة بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر، ثم إعلان الحوثيين استهداف السفن في البحر الأحمر في الشهر التالي، بداية بالاستيلاء على السفينة "غالاكسي ليدر"، لتحول السفن وجهتها بعيدا عن خليج عدن، وبالتالي عن قناة السويس التي يمر بها نحو 15% من حركة الشحن العالمية، بما في ذلك نحو 30% من تجارة الحاويات العالمية.

قبل أيام قليلة، بدأت قناة السويس تطبيق زيادة الرسوم التي كانت قد أعلنتها في أكتوبر الماضي بنسبة ٥٪ على (سفن البضائع الصب الجاف- وسفن البضائع العامة- وسفن الدحرجة- والسفن الأخرى)، و١٥٪ لتلك التي تحمل مواد بترولية أو كيميائية أو غازا وغيرها.

لكن في الوقت نفسه، خرج رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، في تصريحات إعلامية، قائلا: "بسبب المخاوف الأمنية، قد تفضّل السفن التجارية طرقًا أطول من دخول منطقة حرب"، لينعكس ذلك على الأرقام.

ففي الأيام الأحد عشر الأولى من يناير انخفضت إيرادات القناة بنسبة ٣٠٪، مقارنة بالمدة ذاتها من العام الماضي، بحسب تصريحات ربيع، التي نقلتها بلومبرغ، فقد عبرت ١٥٠ سفينة عبر الممر الملاحي الحيوي في النصف الأول من يناير ٢٠٢٤، مقارنة بـ٤٠٠ سفينة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق مارين ترافيك ونيويورك تايمز.

تعتمد إسرائيل بصورة كبيرة على البحر في تجارتها العالمية، اعتمادا على موانيها التجارية الواقعة في مدن كل من حيفا وأشدود وإيلات، وتتعامل مع 98% من حجم الواردات والصادرات.

ويُعد إيلات الميناء الإسرائيلي الواقع على البحر الأحمر -يقع الآخران على المتوسط- الأكثر تأثرا بتحركات الحوثيين في البحر الأحمر.

وقد شهد ميناء إيلات الإسرائيلي انخفاضا في نشاطه بنسبة ٨٥٪ منذ بدء الحوثيين هجماتهم في نوفمبر وحتى ٢١ ديسمبر، بحسب مدير الميناء جدعون جولبر، الذي أرجع هذا التراجع خلال حديث لرويترز إلى إغلاق شريان الشحن الرئيسي للميناء المتمثل في خليج عدن.

ليس هذا فحسب، فقد تضطر إدارة الميناء إلى إعطاء معظم العاملين فيه إجازة، إذ ستكون هناك حاجة إلى عدد صغير منهم لخدمة السفن التي تصل إليهم، بحسب تصريحات جدعون لجيروزاليم بوست.

وتعد إيلات النقطة الرئيسية لدخول البضائع المستوردة من شرق آسيا إلى إسرائيل التي يأتي على رأسها السيارات الكهربائية القادمة من الصين، بحسب واشنطن بوست.

وتشكل هذه السيارات السوق الرئيسية في إسرائيل، ومع تراجع قدرات البائعين على تخزينها فإن ارتفاع أسعارها وارد، بحسب تايمز أوف إسرائيل التي تشير في تقريرها إلى أسباب أخرى لهذه الزيادة مثل ضريبة المبيعات والدولار.

اضطرت السفن إلى أن تبحر مسافة 4000 ميل اضطرت السفن إلى أن تبحر مسافة 4 آلاف ميل إضافية حول أفريقيا، لتتجنب المرور بالبحر الأحمر، ما يكلفها مزيدا من الوقود، وإضافة ١٠ أيام أو أكثر للوصول إلى الوجهة المطلوبة.

هذه التكلفة دفعت الشركات إلى مضاعفة الأسعار التي تفرضها لنقل حاوية من آسيا إلى أوروبا ثلاث مرات، في حين ترتفع أسعار التأمين لتلك التي لا تزال تستخدم البحر الأحمر في رحلاتها، بحسب نيويورك تايمز.

بحسب منصة الحجز والدفع للشحن الدولي (فريتوس)، ارتفعت أسعار الشحن من آسيا إلى شمال أوروبا لأكثر من الضعف، متجاوزة 4 آلاف دولار لكل حاوية بطول 12 مترا خلال الفترة الأخيرة، وزادت الأسعار من آسيا إلى البحر المتوسط إلى 5 آلاف و175 دولارا.

وقال يهوذا ليفين، رئيس الأبحاث في فريتوس، في رسالة بالبريد الإلكتروني لرويترز، إن بعض شركات الشحن أعلنت أسعارا تزيد على 6 آلاف دولار لكل حاوية طولها 12 مترا لشحنات البحر المتوسط بدءا من منتصف يناير، كما أن الرسوم الإضافية التي تتراوح بين 500 دولار وألفين و700 دولار للحاوية يمكن أن تجعل الأسعار الشاملة أعلى من ذلك، بحسب تقرير لرويترز مطلع يناير.

أما الشحنات من آسيا إلى السواحل الشرقية لأميركا الشمالية فقد ارتفعت أسعارها بنسبة ٥٥٪، لتصل إلى 3 آلاف و900 دولار لكل حاوية بطول 12 مترا.

نتيجة لذلك، فإن المخاوف تتزايد من ارتفاع معدلات التضخم، فيتوقع بنك جيه بي مورغان تشيس ارتفاع أسعار المستهلك العالمية للسلع بنسبة 0.7% إضافية في النصف الأول من هذا العام إذا استمرت اضطرابات الشحن بحسب الصحيفة الأميركية.